لماذا احتج الرئيس التونسي على تركيا دون الآخرين؟

 

أثار استدعاء السلطة الحاكمة حالياً في تونس للسفير التركي ردود فعل متعددة على مواقع التواصل الاجتماعي، مستغربين من موقف الرئيس قيس سعيّد ووزارة خارجيته! حيث التقى وزير الخارجية عثمان الجرندي قبل إصدار بيان الاحتجاج على الموقف التركي في حين لم يفعل ذلك مع الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول التي دعت للعودة إلى المسار الديمقراطي واستئناف مؤسسات الدولة عملها وفي مقدمة ذلك البرلمان.

أسباب الاحتجاج

يعتقد عدد ممن علقوا على الموضوع ومن بينهم وزير الخارجية الأسبق والقيادي في حركة النهضة رفيق عبدالسلام أن من أسباب الاحتجاج على الموقف التركي هو أن الانقلاب الذي حدث في 25 يوليو الماضي كان من صنع بعض من انتقدوه، إلى جانب بعض الدول العربية التي تم ذكرها في تعليقاتهم، إلى جانب إظهار الولاء لتلك الجهات رغم نقدها ومطالبتها بالعودة للمسار الديمقراطي على إثر فشل الانقلاب في تحقيق وعوده بل في الحفاظ على مستوى الاستقرار الذي كانت تعيشه تونس قبل الانقلاب بل ازداد سوءاً وارتفع التضخم إلى أكثر من 7% والبطالة إلى نحو 20% وزيادة مشطة في الأسعار وفق أرقام المعهد التونسي للإحصاء.

كما قارنوا بين الزعامة التي يحظى بها أردوغان، التي يتطلع لمثلها سعيّد دون أن يوفر شروطها مثله مثل حكام آخرين أوردوا شعوبهم بانقلاباتهم موارد المهالك ويحاولون تقليد أردوغان حتى في التعاطي مع الحرب الروسية الأوكرانية.

لا احتجاج على فرنسا

وكانت فرنسا التي وصف الرئيس التونسي سعيّد احتلالها لتونس بـ”الحماية” قد التحقت بالموقف الدولي الداعي لعودة تونس إلى المسار الديمقراطي واستئناف المؤسسات الدستورية عملها، ودعت فرنسا، يوم الثلاثاء 5 أبريل، جميع القوى السياسية في تونس إلى الانخراط في حوار شامل، وتجنب جميع أشكال العنف، والحفاظ على المكاسب الديمقراطية في البلاد.

جاء ذلك على لسان المتحدثة باسم وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية آن كلير لوجندر، خلال مؤتمر صحفي في باريس، نقل فحواه موقع الوزارة الإلكتروني، جاء الموقف الفرنسي متأخراً عن المواقف الأمريكية والأممية والبرلمان الدولي والتركي والأفريقي.

حوار شامل

وقالت لوجندر: إن بلادها تدعو جميع القوى السياسية في تونس إلى الانخراط في حوار شامل، وتجنب جميع أشكال العنف، والحفاظ على المكاسب الديمقراطية في البلاد.

وأضافت: فرنسا تعرب عن قلقها إزاء التطورات الأخيرة في تونس، وعن أملها في أن تعود مؤسسات الدولة إلى سالف نشاطها في أقرب الآجال حتى تكون قادرة على إيجاد حلول للوضع الاقتصادي والاجتماعي الذّي تمر به البلاد.

وتواترت قبل ذلك كما سلف مواقف دولية، عبّرت عن القلق إزاء إعلان سعيد حلّ البرلمان وفتح تتبع قضائي ضد نواب حضروا جلسة عامة عن بعد، حيث عبرت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الخميس الماضي عن قلق واشنطن البالغ إزاء قرار الرئيس التونسي قيس سعيد حل البرلمان وإزاء ما يتداول من أنّ السلطات التونسية تدرس اتخاذ إجراءات قانونية بحقّ نوّاب في البرلمان.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس للصحفيين: إن الولايات المتحدة أبلغت المسؤولين التونسيين مراراً بأنّه ينبغي أن تكتسي أيّ عمليّة إصلاح سياسي بالشفافيّة وأن تشمل الجميع وأن تجري بالتنسيق مع شتّى الأحزاب السياسية والنقابات العمالية ومكوّنات المجتمع المدني.

برلمان منتخب

وأكد برايس أنّ العودة السريعة إلى الحكم الدستوري، ومن ذلك برلمان منتخب، لأمر بالغ الأهمّية لمنظومة حكم ديمقراطي ومن شأنها أيضا أن تؤمّن دعمًا مستمرّا واسع النطاق للإصلاحات المطلوبة لمساعدة الاقتصاد التونسي على الانتعاش.

إشراك البرلمان

وكان الموقف التركي سابقاً للموقف الفرنسي حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إن حل البرلمان المنتخب في تونس يشكل ضربة لإرادة الشعب التونس.  

جاء ذلك في بيان صحفي صادر عن الرئيس التركي بشأن التطورات الأخيرة في تونس وأضاف أردوغان: نأسف لحل مجلس نواب الشعب الذي عقد جلسة عامة في تونس بتاريخ 30 مارس 2022م، ولبدء تحقيق بحق النواب الذين شاركوا في الجلسة.

وأعرب عن تمنيه ألا تؤدي هذه التطورات إلى إلحاق الضرر بالمرحلة الانتقالية الجارية نحو إرساء الشرعية الديمقراطية في تونس.

وتابع: نولي أهمية لتنفيذ خارطة الطريق المعلنة بشأن الانتخابات، وأكد ثقته أن العملية الانتقالية لا يمكن أن تنجح إلا من خلال حوار شامل وهادف تشارك فيه كافة شرائح المجتمع، بما في ذلك البرلمان “الذي يجسد الإرادة الوطنية”.

وأردف: “الديمقراطية نظام يحترم فيه المنتخب والمعين كل منهما الآخر، نحن ننظر إلى التطورات في تونس على أنها إساءة للديمقراطية”.

وأشار إلى أن حل البرلمان الذي يضم أعضاء منتخبين مثير للقلق بشأن مستقبل تونس وضربة لإرادة الشعب التونسي. وشدد أردوغان أن تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب تونس وشعبها الشقيق والصديق في هذه المرحلة الحرجة.

 

Exit mobile version