إمامة “الشيوخ الصغار” بتونس.. ظاهرة جديدة في رمضان

 

إمامة الشباب للمصلين أو ما يعرفون في تونس بـ”الشيوخ الصغار” كانت موجودة في الأعوام الماضية، لكنها مثلت ظاهرة في رمضان هذا العام إلى درجة أثارت ردود فعل.

إذ إن إمامة “الشيوخ الصغار” تحظى بقبول المصلين، والجهات المشرفة في وزارة الشؤون الدينية التونسية (بدون أوقاف لأنها صودرت في عهد الرئيس حبيب بورقيبة وإلى اليوم، ولذلك لا تسمى في تونس وزارة الأوقاف).

وقد أكد ممثلو وزارة الشؤون الدينية وجود أئمة (أعمارهم بين التاسعة والسابعة عشرة) منهم المدير الجهوي للشؤون الدينية بنابل برهان السويسي، الذي أكد بأن عدداً من الأطفال يقومون بإمامة المصلين في صلاة التراويح في عدد من الجوامع بالجهة.

وأشار السويسي إلى أن هذه البادرة من شأنها أن تعود بالنفع على هؤلاء الأطفال ليكونوا نشئاً صالحاً متجذّراً في هويتهم الإسلامية، متوازنين نفسياً ومستعدّين إلى الإمامة، وذلك مع المحافظة على متابعة دراستهم بتميّز.

الأعلام الجدد 

أسماء كثيرة تتردد في تونس بافتخار، وأصبحت كل محافظة تبرز أئمتها الذين يصلون التراويح في مئات المساجد، مثل الطفل الصغير الحافظ لكتاب الله كرم وهيبي، الذي مضى من عمره 9 سنوات، يؤم الناس في صلاة التراويح في الشهر الكريم، والشيخ أحمد بالريش (15 عاماً) أتم حفظ كتاب الله، وجهاد بالريش (13 عاماً)، على أبواب إتمام الحفظ، ومحمد دخيل (12 عاماً) أتم حفظ كتاب الله.

وبين فرحة الأغلبية وانتقاد البعض، تواصل المساجد في تونس فرحتها برمضان والصيام والتراويح رغم الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب، الذي مس قوت التونسيين في الشهر المبارك، وتقلصت أحلامهم في الرفاهية لتنحصر في مجرد الحصول على الخبز على مواد الإفطار.

ردود فعل

ورد مثقفون ودعاة على المنتقدين لإمامة الصغار، حيث كتب مخلوف البريكي تدوينة على موقعه بـ”فيسبوك”: لماذا أنتم منزعجون من القرآن وتكرهون أهله وهم أكثر النّاس استقامة وأمناً وأماناً وسلماً وسلاماً؟

ثم ذكر إحداهن مثلها مثل (وذكر أخرى) وآخرين، تريد للقرآن أن يختفي من على وجه الأرض، منزعجة من أطفال يحفظون القرآن الكريم ويصلون بالنّاس في التّراويح، والغريب أنّها تعترف في مطلع تدوينتها أنّ كلامها “لن يعجب الكثيرين”.

وتابع: إذن إلى أين تذهبين بشذوذك الفكري، والحال أنّ الكثير من هذا الشّعب لن يعجبه ضلالك وتضليلك ومحاولة مسخك للعقول؟

وذكر البعض قصة الرئيس الأمريكي جيفرسون عام 1814م عندما أحرق الإنجليز الّذين يحتلّون أمريكا في ذلك الوقت مبنى الكونجرس الأمريكي، وطالت النّار جزءاً مهمّاً من المكتبة الشّهيرة للكونجرس الّتي تبلغ مساحتها 39 هكتاراً، وطول رفوفها 856 كيلومتراً، وتضم 130 مليون مادة مختلفة، منها 29 مليون كتاب، وأكثر من 58 مليون وثيقة.

وعند بدء ترميمها، تبرّع أو باع الرّئيس جيفرسون الّذي كان في الأصل كاتباً كبيراً في القانون والاجتماع، مكتبته الّتي تحوي آلافاً من الكتب والمخطوطات لصالح مكتبة الكونجرس، ووُضعت في جناح يحمل اسمهُ، ومن اللافت للانتباه أنه يوجد بين كتب جيفرسون “نسخة من القرآن الكريم”، كان قد اشتراها هو بنفسه لمّا كان طالباً باحثاً، ويقال: إنّ قراءة جيفرسون للقرآن الكريم ودراسته له، وانبهاره به، كان سبب دفاعه عن حرّية المعتقد في أمريكا.

ومعلوم أنّ الإسلام لم يبتدع القيم العليا والرّقي والتّحضّر ولم يدّعِ ذلك، ولم يأت أبداً على خراب، وإنّما جاء ليتمّم ويضبط تلك القيم؛ “إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ” (الحديث).

وليس الرّئيس جيفرسون فقط من يقف إجلالاً ومهابة من القرآن، فالتّاريخ مليء بالأمثلة.

Exit mobile version