التهنئة بدخول شهر رمضان
ما حكم التهنئة بدخول شهر رمضان بلفظ: «كل عام وأنت بخير»؟
– ليس للتهنئة بدخول شهر رمضان لفظ معين لا ينبغي للمسلم أن يتعداه إلى غيره، فيجوز التهنئة بأي لفظ اعتاده المسلمون مثل: مبارك عليك الشهر، وكل عام وأنتم بخير، ونحو ذلك من الألفاظ التي ليس فيها محظور شرعي. والله أعلم.
مضاعفة الحسنات والسيئات في رمضان
هل صحيح أن السيئة تُضاعف في رمضان كما أن الحسنة تُضاعف؟ وهل ورد دليل على ذلك؟
– نعم، تُضاعف الحسنة والسيئة في الزمان والمكان الفاضلين، ولكنَّ هناك فرقاً بين مضاعفة الحسنة ومضاعفة السيئة، فمضاعفة الحسنة مضاعفة بالكم والكيف، والمراد بالكم: العدد، فالحسنة بعشر أمثالها، أو أكثر، والمراد بالكيف أن ثوابها يعظم ويكثر، وأما السيئة: فمضاعفتها بالكيف فقط؛ أي: أن إثمها أعظم والعقاب عليها أشد، وأما من حيث العدد: فالسيئة بسيئة واحدة، ولا يمكن أن تكون بأكثر من سيئة.
وتُضاعف الحسنة والسيئة بمكان فاضل، كمكة والمدينة وبيت المقدس وفي المساجد، وبزمان فاضل، کيوم الجمعة، والأشهر الحرم ورمضان.
أما مضاعفة الحسنة: فهذا مما لا خلاف فيه، وأما مضاعفة السيئة: فقال بها جماعة، تبعاً لابن عباس، وابن مسعود رضي الله عنهما، وقال بعض المحققين: قول ابن عباس، وابن مسعود في تضعيف السيئات: إنما أرادوا مضاعفتها في الكيفية دون الكمية(1).
وسئل ابن باز رحمه الله: الصيام، هل يُحصِّل به المسلم تكفير الذنوب صغيرها وكبيرها؟ وهل إثم الذنوب يتضاعف في رمضان؟
فأجاب: المشروع للمسلم في رمضان وفي غيره: مجاهدة نفسه الأمارة بالسوء، حتى تكون نفساً مطمئنة آمرة بالخير راغبة فيه، وواجب عليه أن يجاهد عدو الله إبليس حتى يسلم من شره ونزغاته، فالمسلم في هذه الدنيا في جهاد عظيم متواصل للنفس والهوى والشيطان، وعليه أن يكثر من التوبة والاستغفار في كل وقت وحين، ولكن الأوقات يختلف بعضها عن بعض؛ فشهر رمضان هو أفضل أشهر العام، فهو شهر مغفرة ورحمة وعتق من النار، فإذا كان الشهر فاضلاً والمكان فاضلاً ضوعفت فيه الحسنات، وعظم فيه إثم السيئات، فسيئة في رمضان أعظم إثماً من سيئة في غيره، كما أن طاعة في رمضان أكثر ثواباً عند الله من طاعة في غيره، ولما كان رمضان بتلك المنزلة العظيمة كان للطاعة فيه فضل عظيم، ومضاعفة كثيرة، وكان إثم المعاصي فيه أشد وأكبر من إثمها في غيره، فالمسلم عليه أن يغتنم هذا الشهر المبارك بالطاعات والأعمال الصالحات، والإقلاع عن السيئات؛ عسى الله عز وجل أن يمن عليه بالقبول، ويوفقه للاستقامة على الحق، ولكن السيئة دائما بمثلها، لا تضاعف في العدد، لا في رمضان ولا في غيره، أما الحسنة: تضاعف بعشر أمثالها، إلى أضعاف كثيرة؛ لقول الله عز وجل: (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) (الأنعام: 160)، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وهكذا في المكان الفاضل، كالحرمين الشريفين، تضاعف فيها أضعافا كثيرة، في الكمية والكيفية، أما السيئات: فلا تضاعف بالكمية، ولكنها تضاعف بالكيفية في الزمان الفاضل والمكان الفاضل، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك، والله ولي التوفيق.
وقال ابن عثيمين رحمه الله: «تضاعف الحسنة والسيئة بمكان وزمان فاضل؛ فالحسنة تضاعف بالكم وبالكيف، وأما السيئة: فبالكيف لا بالكم؛ لأن الله تعالى قال في سورة “الأنعام” (وهي مكية): (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)، وقال تعالى: (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (الحج: 25)، ولم يقل: نضاعف له ذلك، بل قال: (نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)؛ فتكون مضاعفة السيئة في مكة أو في المدينة مضاعفة كيفية، بمعنى أنها تكون أشد ألم ووجعاً؛ لقوله تعالى: (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)، والله أعلم.
التعب أثناء الصيام
امرأة صامت ولكنها شعرت أثناء النهار بتعب شديد، يصعب عليها الاستمرار بالصوم، فهل يجوز لها أن تفطر؟ وإذا أفطرت ماذا يجب عليها؟
– إذا تعبت تعباً شديداً، بحيث تتضرر لو استمرت في الصوم، أو غلب على ظنها ذلك، فلها أن تفطر، بل يجب عليها الفطر إذا خافت على نفسها، لأن حفظ النفس واجب، وتعتبر في هذه الحالة كالمريضة، تفطر لسبب المرض، لكن لا يجوز لهذه المرأة أن تفطر اليوم التالي بناء على تعبها اليوم الأول، ويكون حكمها حكم أصحاب المهن الشاقة، وعليها أن تنوي الصيام في الليل، وتستمر على صومها حتى تلحقها المشقة، وتحس بالتعب، فتفطر حينئذٍ، ويجب عليها فيما سبق، أن تقضي هذا اليوم فيما بعد.
الصيام عن الميت
رجل توفي في رمضان، وعليه بعض الأيام لم يصمها ولم يصلها، فهل يجوز أن نصوم ونصلي عنه؟
– أما الصلاة فلا تصح النيابة فيها عند المذاهب الأربعة، وأما الصوم فعند الشافعية قولان: أحدهما وهو الأظهر تجوز النيابة في الصوم، فيصوم ولي المتوفى عنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من مات وعليه صوم صام عنه وليه”(2).
والثاني: لا تصح النيابة فيه، لأنه عبادة بدنية لا تدخلها النيابة في حال الحياة، فكذلك بعد الوفاة؛ لكن النيابة في الحج جائزة، قال بها جمهور الفقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة، ويقيد جواز النيابة بالعذر، بأن يكون مريضاً مرضاً لا يرجى الشفاء منه، أو كبيراً، هذا بالنسبة للنيابة في حال حياة الشخص، وأما بعد الوفاة بالنسبة للحج فتصح النيابة فيه عند المذاهب الأربعة، لكن بعضهم قال: لا يجب إلا إذا أوصى بأن يحج عنه، وهذا مذهب الحنفية والمالكية، فإن لم يوص جاز التبرع بالحج عنه، والمالكية كرهوا هذا والشافعية أوجبوا الحج لمن مات ولم يحج، فيحج عنه نيابة من تركته، لما روى بريدة قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: يا رسول الله إن أمي ماتت ولم تحج، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: “حجي عنها”(3).
كبر السن وقضاء الصيام
امرأة عليها أيام كثيرة من الصوم منذ سنوات، بسبب الحمل والرضاعة، ولكنها لم تصمها وقت صحتها، وهي الآن عاجزة عن الصيام، بسبب كبر السن فما هو الواجب عليها؟
– المسلم إذا عجز عن أداء ما وجب عليه، فإما أن يكون له بدل، أو لا يكون له بدل، فإن كان له بدل، انتقل إليه إن كان قادراً على البدل، وإن لم يكن له بدل، أو عجز عن البدل سقط عنه، وهذه السيدة عجزت عن الصيام، فيجب عليها الإطعام مع تقصيرها في التأخير، فعليها طلب الغفران، والعفو عما قصرت فيه، وعليها عن كل يوم مقدار دينار أو ما يعادله.
_____________________________
(*) بتصرف من موقع “الإسلام سؤال وجواب”
(1) مطالب أولي النهى (2/ 380).
(2) البخاري (14/ 91)، ومسلم (2/803).
(3) مسلم (2/ 805).