غياب الأردن عن قمتي شرم الشيخ والنقب.. إقصاء أم نأي بالنفس؟

 

خلال أسبوع واحد، غاب الأردن عن قمتين إقليميتين شارك فيهما الكيان الصهيوني ودول عربية، بالرغم من ارتباط المملكة الوثيق بالقضية الفلسطينية.

ففي 22 مارس الجاري، شهد منتجع شرم الشيخ المصري على البحر الأحمر اجتماعاً بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ورئيس حكومة الكيان الصهيوني نفتالي بينيت.

ولم يشارك الأردن في هذه القمة، وهو ما تكرر فيما عُرفت بـ”قمة النقب” جنوب الأراضي المحتلة، الأحد والإثنين، وجمعت وزراء خارجية كل من الكيان الصهيوني والولايات المتحدة ومصر والإمارات والبحرين والمغرب. 

والتزمت عمَّان الصمت حيال عدم مشاركتها في القمتين، فيما رجح أكاديمي أنه تمت دعوة الأردن واعتذر عن عدم الحضور، “فالبيئة الحاضنة لهذه المفاوضات واللقاءات غير مريحة للمملكة”.

في المقابل، اعتبر دبلوماسي سابق أن إقصاء الأردن من القمتين وارد؛ لأنه “لا يوجد تأثير لأي دولة عربية على الملف الفلسطيني”، بينما أكد محلل أن الأردن يرفض الدخول في أي معسكرات تطبيعية مع “إسرائيل” على حساب القضية.

وفي مارس 2013، وقع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين، والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقية تعطي المملكة حق “الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات” في فلسطين.

ودائرة أوقاف القدس، التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية بالأردن، هي المشرف الرسمي على المسجد الأقصى وأوقاف القدس، بموجب القانون الدولي، الذي يعتبر الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على تلك المقدسات قبل احتلالها من جانب “إسرائيل”.

واحتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية “وادي عربة” للسلام التي وقعها مع الكيان الصهيوني في عام 1994.

هل تمت دعوته؟

أستاذ العلوم السياسية أحمد سعيد نوفل قال لوكالة “الأناضول”: إن التساؤل الأهم هو: هل تمت دعوة الأردن لهذين الاجتماعين؟

وأعرب عن اعتقاده بوجود “هدف سياسي من وراء ذلك لإبعاد المملكة عن القضية الفلسطينية، موقف الأردن لا يتواءم مع الدول المجتمعة ويختلف عنها”.

ورجح أنه “تمت دعوة الأردن واعتذر عن عدم الحضور؛ فالبيئة الحاضنة لهذه المفاوضات واللقاءات غير مريحة للمملكة”.

وفي 10 مارس الجاري، زار وزير خارجية الكيان الصهيوني يائير لابيد عمَّان والتقى الملك عبدالله.

ومحاولاً الربط بين الزيارة واجتماعي شرم الشيخ والنقب، قال نوفل: إن الأردن غير مطمئن لما تقوم به الحكومة “الإسرائيلية”، على الرغم من التقارب الواضح مؤخراً.

وأعرب عن اعتقاده بأن مخرجات اللقاءات الأخيرة بين عمَّان و”تل أبيب” لم ترضِ الأردن، لذلك سعت “إسرائيل” إلى مؤتمرات خارج إطار حضوره، الأردن غير واثق بحكومة “إسرائيل”.

وشدد على أن غياب الأردن وفلسطين المترابطين جيوسياسياً وديموغرافياً يُفقد هذه الاجتماعات قيمتها لأنهما صاحبا العلاقة.

واعتبر أن تلك اللقاءات لا يمكن لها بأي حال من الأحوال التقليل من دور الأردن، والدليل لقاء الملك بعباس اليوم.

وبالتزامن مع منتدى النقب، التقى الملك عبدالله، وعباس، في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، أمس الإثنين، في أول زيارة يجريها عاهل الأردن منذ عام 2017.

إقصاء وارد

السياسي والدبلوماسي الأردني السابق موسى بريزات قال: إن “الغياب عن الاجتماعين ربما خيار أردني، وهذا ما أرجحه”.

وأضاف بريزات لـ”الأناضول” أن “الإقصاء وارد، الأردن لم يعد يملك أوراق الملف الفلسطيني، وهو بيد الفلسطينيين والولايات المتحدة، ولا يوجد تأثير لأي دولة عربية على الملف”.

واستدرك: “أعتقد أن الأردن أراد أن ينأى بنفسه لاعتبارات الرأي العام عن هذه الاجتماعات”.

ورأى أن “جزءاً من هذه الاجتماعات يتعلق بالتحشيد لدعم الموقف الأوروبي والأمريكي في أوكرانيا وأخرى يتعلق بترتيبات الوضع الإقليمي”.

وأردف: “الدول العربية الأطراف بالاجتماع، من حيث الجوهر، ليست مؤيدة لوصاية الأردن على القدس والمقدسات، ولها رؤية وطموح مختلف عن رؤية المملكة”.

وحول تزامن لقاء الملك، وعباس مع قمة “النقب”، قال بريزات: إن الملك دائماً يريد أن يسمع وجهة نظر الرئيس عباس ويُسمعه وجهة نظره حول ما هو مطروح بالنسبة العلاقة الفلسطينية “الإسرائيلية”.

رفض أردني

أما الكاتب والمحلل السياسي فايز الفايز فقال لـ”الأناضول” استناداً لمعلومات خاصة: إن الأردن رفض المشاركة في قمة النقب، وكانت هناك محاولات جادة لإقناعه حتى مساء السبت.

وأرجع رفض الأردن إلى أنه “لا يعتبر نفسه جزءاً في تحالف لا يكون الفلسطينيون فيه ولا يحقق ولادة الدولة الفلسطينية الناجزة، وعاصمتها القدس الشرقية”.

وتابع: “وقد عارض الأردن الإملاءات الأمريكية في عهد الإدارة السابقة برئاسة دونالد ترمب، وما زال متمسكاً بملف القدس”.

وزاد: “المفارقة أن يأتي الاجتماع الوزاري بالنقب بعد الإعلان عن زيارة الملك عبدالله إلى رام الله ولقائه محمود عباس، الذي سعى لابيد أن يكون طرفاً فيه وفشلت مساعيه”.

واستطرد: توقيت الزيارة جاء استباقاً لمخرجات قمة النقب، وفي ظل عدم الجدية من الطرف “الإسرائيلي” للتفاوض مع القيادة الفلسطينية للوصول إلى تفاهمات حول تهدئة في شهر رمضان المبارك.

وأوضح أن الأردن يخشى اشتعال مواجهات في رمضان، الذي طالما شهد في سنوات سابقة مواجهات عنيفة من السلطات “الإسرائيلية” مع المصلين في المسجد الأقصى.

وأنهى وزراء الخارجية الستة، أمس الإثنين، لقاءات لهم استمرت يومين في النقب، بإعلانهم استمرار تعزيز العلاقات بينهم، وإقامة “منتدى دائم بين الدول المشاركة”.

ورأى الفايز أن “مخرجات النقب لم تأتِ بجديد رغم تصريحات الوزراء المبنية على آمال ينظر لها أنها غير مفيدة للشعب الفلسطيني”.

وأردف: تم التركيز على الملف الإيراني والتحشيد من قبل “إسرائيل” وداعمها الولايات المتحدة لمواجهة ما يسمى بالخطر الإيراني.

وتتهم عواصم إقليمية وغربية إيران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، بينما تقول طهران: إنها تلتزم بعلاقات حُسن الجوار.

واعتبر أن “غياب الأردن، اللاعب الرئيس، يبعث رسالة إلى الجميع بأنه الأقرب للملف الفلسطيني وهو معني تماماً بالحل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية”.

وشدد على أنه “لا يمكن إغفال دور الأردن بمشاركة أي من الأطراف، وهو الأخ الأكبر الراعي لشؤون جارته الغربية (فلسطين)، عدا عن التزامه بالمقدسات الإسلامية والمسيحية والوصاية الهاشمية”.

ولفت إلى قول الملك عبدالله خلال لقائه محمود عباس، في رام الله الإثنين: “نحن والفلسطينيون الأقرب إلى بعض وفي نفس الخندق”.

واختتم الفايز بأن المتمعن بهذا التصريح يدرك تماماً أن عمَّان ترفض الدخول في أي معسكرات تطبيعية مع “إسرائيل” على حساب القضية.

Exit mobile version