عدد الزيارات: 9
أعلن صندوق النقد الدولي في بيان صحافي، اختتام مشاورات عام 2021 مع الكويت بموجب المادة الرابعة من اتفاقية إنشاء الصندوق، حيث قال الصندوق أن السلطات الكويتية استجابت على نحو سريع وحازم إزاء جائحة كورونا، وذلك من خلال فرض قيود التباعد الاجتماعي وانتهاج مجموعة من التدابير الداعمة في إطار السياسة المالية والنقدية.
وقد تمكنت السلطات من تحقيق معدلات مرتفعة من التطعيم ضد ڤيروس كورونا في عام 2021. ويشهد النشاط الاقتصادي المحلي تعافيا مدعوما بارتفاع أسعار النفط العالمية وتخفيف قيود التباعد الاجتماعي.
هذا، وقد تعزز النمو في القطاعات غير النفطية إلى ما يقدر بنحو 3.4% في عام 2021، ومن المتوقع أن يرتفع بشكل طفيف ليصل إلى نحو 3.5% في عام 2022 مدفوعا بتعافي النشاط الاقتصادي المحلي تدريجيا بالتزامن مع الاقتصاد العالمي.
ومن المتوقع انتعاش الإنتاج النفطي، وذلك عقب تخفيف قيود الإنتاج في ظل اتفاقية (أوپيك+). وكمحصلة لذلك، فإنه من المتوقع أن يحقق الاقتصاد المحلي نموا بنحو 2.7% على المدى المتوسط.
كما ارتفعت معدلات التضخم السنوية إلى 3.4% مدفوعة بارتفاع كل من أسعار المواد الغذائية وتكاليف الخدمات ذات الصلة بالسفر، ومن المتوقع أن يشهد معدل التضخم مزيدا من الارتفاع ليصل إلى نحو 4.4% في عام 2022، ليعكس الاضطرابات في سلسلة الإمدادات العالمية، وذلك قبل أن ينخفض إلى نحو 2.4% على المدى المتوسط.
وارتفع عجز الموازنة العامة (بحساب دخل الاستثمارات الحكومية) إلى ما نسبته 16.6% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 20/2021. ويعكس اتساع العجز في الموازنة العامة انتهاج السلطات الكويتية لتدابير التحفيز المالي بهدف مواجهة تداعيات جائحة كورونا، بالإضافة إلى تراجع الإيرادات النفطية بنحو 13.9% من الناتج المحلي الإجمالي، وتراجع النشاط الاقتصادي.
وفي ظل غياب كل من قانون الدين العام الذي يتيح للسلطات المحلية الاقتراض، والقوانين التي تسمح للحكومة بالسحب من صندوق احتياطي الأجيال القادمة، فقد اعتمد تمويل الإنفاق على السحب من الأصول السائلة لصندوق الاحتياطي العام.
ومن المتوقع أن يحقق رصيد الموازنة العامة (بحساب دخل الاستثمارات الحكومية) فائضا تصل نسبته إلى 3.7% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 21/2022 مدعوما بارتفاع الإيرادات النفطية، إلى جانب تقليص الإنفاق العام والذي تم الإعلان عنه في شهر أغسطس 2021، والارتفاع الملحوظ في الناتج المحلي الإجمالي الإسمي على إثر ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية والذي أدى بدوره إلى ارتفاع معامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي. هذا، ومن المتوقع أن يرتفع الفائض في الحساب الجاري ليصل إلى نحو 16.1% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، مدفوعا بارتفاع الصادرات النفطية.
واجتاز القطاع المالي الكويتي الأزمة بشكل جيد، نظرا لتمتع البنوك بمعدلات رسملة مرتفعة وسيولة وفيرة، حيث بلغت نسبة كفاية رأس المال في القطاع المصرفي نحو 18.6% خلال الربع الثالث من عام 2021، وهو ما يفوق الحد الأدنى المطلوب. وبقاء معدل صافي القروض غير المنتظمة (NPL’s) بعد خصم المخصصات المحددة منخفضا. في حين أن مخصصات خسائر القروض مرتفعة.
ولاتزال أجواء عدم اليقين تهيمن على التوقعات، حيث يفرض الانتشار السريع لمتغير أوميكرون تحديات عالمية جديدة للسيطرة على الوباء. وقد يتسبب التأخير في الإصلاحات المالية والهيكلية إلى زيادة مخاطر السياسات المالية المسايرة للدورات الاقتصادية، وتقويض ثقة المستثمرين، وإبطاء التقدم نحو تحقيق مزيد من التنويع الاقتصادي والتنافسية، وتعزيز الضغوط الاجتماعية. هذا، وسيكون لتقلبات أسعار النفط العالمية انعكاسات كبيرة على كل من التوقعات وأداء الاقتصاد الكلي. وسيؤدي حدوث انتعاش أقوى في النشاط الاقتصادي العالمي عما كان متوقعا، إلى تعزيز الإيرادات النفطية، وهذا من شأنه أن يقلل من المخاطر إزاء التوقعات. ومن الممكن أن يسهم حل الجمود السياسي وضبط أوضاع المالية العامة إلى تحسين ثقة المستثمرين بشكل كبير.
تقييم المجلس التنفيذي
اتسمت الإجراءات التي اتخذتها السلطات الكويتية بسرعة الاستجابة والحزم إزاء جائحة كوفيد-19، فضلا عن تحقيق معدلات تطعيم مرتفعة ضد ڤيروس كورونا في عام 2021، وساهمت في تعافي الاقتصاد تدريجيا. وبالرغم من ارتفاع أسعار النفط العالمية وانعكاساتها الإيجابية على الإيرادات النفطية والدفع بعجلة النمو، إلا أنه لاتزال أجواء عدم اليقين تهيمن على التوقعات. وهو الأمر الذي يتطلب قيام السلطات الكويتية ببذل المزيد من الجهود في سبيل مواجهة التحديات المرتبطة بالاعتماد الكبير على قطاع النفط وتحقيق الاستدامة المالية.
وقال الصندوق: «يتعين ضبط أوضاع المالية العامة لتعزيز الاستدامة المالية وتحقيق المساواة بين الأجيال، فعلى صعيد زيادة الإيرادات العامة ينبغي النظر في مدى إمكانية تطبيق ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية، والتوسع في نطاق ضريبة الدخل على الشركات لتشمل الشركات المحلية، وتطبيق ضريبة الممتلكات بغرض زيادة الإيرادات الحكومية».
أما على جانب الإنفاق العام، يتعين تقليص فاتورة الأجور في القطاع العام والدعوم والمزايا الاجتماعية، وإقرار قانون الدين العام الجديد ووضع أطر مالية قوية متوسطة الأجل، وإرساء ركائز مالية واضحة من شأنها الحد من مخاطر السياسات المسايرة للدورات الاقتصادية، وتعزيز المصداقية وتقليص المخاطر المالية، وتحسين القدرة على إدارة الصدمات المعاكسة. هذا، ومن شأن تعزيز الحوكمة المالية ومبدأ الشفافية أن يحسن من إدارة المالية العامة بشكل كبير.
وتبقى سياسة ربط سعر صرف الدينار بسلة من العملات ملائمة للاقتصاد الكويتي كونها تقدم دعامة فعالة للاستقرار النقدي. ويتسم النظام المصرفي بالكويت بالمتانة، كما ينتهج بنك الكويت المركزي سياسات رقابية حصيفة. وفي ظل أجواء عدم اليقين حول التوقعات، يتعين استمرار العمل على تقييم جودة الأصول المصرفية والتدابير المصاحبة لدعم احتياطيات رأس المال والسيولة بما يسهم في تحقيق مرونة النظام المالي. ومن شأن تخفيف سقف أسعار الفائدة على القروض التجارية وتعزيز البنية التحتية للمعلومات الائتمانية، أن يسهم في تحسين النفاذ إلى التمويل، بما في ذلك الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم. فضلا عن مواصلة بذل الجهود في سبيل تعزيز أطر مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وهنالك حاجة لتنفيذ عدد من الإصلاحات الهيكلية بشكل تدريجي، وبما يشمل شبكات الأمان الاجتماعي وسوق العمل والأطر التنظيمية وبيئة الأعمال، بغرض تنويع مصادر الدخل وتعزيز النمو بقيادة القطاع الخاص. وذلك، مع الأخذ بالاعتبار معالجة القضايا ذات الصلة بالتحديات المناخية، بما في ذلك دعم البنية التحتية الخضراء، وتعزيز المعايير الخاصة بكفاءة استخدام الطاقة. ويشير المدراء إلى أن إنفاذ استراتيجية مكافحة الفساد أمرا غاية في الأهمية لتعزيز الحوكمة وتحسين بيئة الأعمال.