أطباء مصريون يعبرون عن سخطهم في ظل تجاهل السلطة لمطالبهم

عبر عدد من الأطباء المصريين عن سخطهم بشأن أوضاع أطباء مصر على كافة المستويات، بداية من الرعاية الصحية، وتركهم فريسة لفيروس كورونا؛ ما أدى لوفاة نحو ٨٠٠ طبيب خلال الجائحة، فضلا عن تدني المرتبات، وكذلك غياب مظلة تأمين صحي حقيقية، وهو ما يتسبب في أن يترك معظمهم العمل الحكومي ويحاول السفر للعمل بدول أخرى، حسبما ذكر القائم بأعمال وزيرة الصحة ووزير التعليم العالي خالد عبد الغفار، مبديا قلقه من ترك الأطباء العمل بالقطاع الحكومي والسفر للسفر خارج البلاد.

كما لفت بعض الأطباء في حديثهم لـ”المجتمع” إلى نقطة مهمة، وهي تعرض الكثير من الأطباء للاعتقال والاختفاء القسري، وبعضهم ناله أحكام طويلة بالسجن، بسبب آرائهم السياسية، والاتهام بالانتماء لجماعة محظورة؛ حيث مات بعضهم داخل السجون بسبب الإهمال الطبي، ولا تزال أعداد كبيرة منهم داخل السجون حتى هذه اللحظة.

 ومؤخرا حل يوم الطبيب المصري الذي يتم الاحتفال به خلال شهر مارس من كل عام، واحتفلت به نقابة الأطباء ووزارة الصحة في ظل تراجع وتدهور في رعاية الأطباء وعدم الاهتمام بهم.

مناخ فاسد

وفي سياق تعليقه على هذا الأمر قال الطبيب والبرلماني السابق د. جمال حشمت إن فئات المهنيين تعيش مناخا فاسدا ومستبدا، يؤكد طوال الوقت أنه لا قيمة لهم ولا لنقاباتهم، خاصة نقابة الأطباء، رغم أن الدور الذي لعبه أغلب الأطباء في كارثة كورونا كان عظيما، وسط ضعف الإمكانات، وعدم الاهتمام بصحة الشعب وحياته، وقد فقدوا أكثر من ٨٠٠ طبيب في هذه المواجهة، وهي أعلى نسبة في بلاد العالم من حيث خسارة أطقم طبية أثناء أداء عملهم.

وعلى المستوى الاقتصادي أضاف د. حشمت في حديثه لـ”المجتمع” قائلا: إن نسبة الفقر تصل في أوساط المهنيين إلى ١١.٨٪؜، وهناك من الأطباء من هم تحت خط الفقر، ولكل هذه الأسباب لم يجد الأطباء وسيلة للعيش الكريم إلا خارج مصر؛ فلا حياة مستقرة ولا معيشة ممكنة ولا حماية في أثناء العمل ولا نقابة تدافع عن حقوقهم.

 وأضاف: من أراد إكرام الطبيب فعليه أن يبدأ بالشعب المصري كله بتوفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة مع شيء من الاحترام ورد الحقوق، وهذا يحدث عندما تكون هناك دولة مدنية تحترم نفسها وشعبها، وهنا سيجد الأطباء مناخا مختلفا يبذلون فيه أقصى جهدهم لخدمة أبناء وطنهم أصحاب الفضل عليهم، فإذا افتقدنا الإحساس والاحترام بالوطن وأهله فليس هناك أمل ليرى الأطباء أو غيرهم تغييرا في حياتهم.

موت بالسجون وبالفيروس

ومن جانبه قال استشاري طب الأطفال حسن محمود، إن أجور الأطباء متدنية للغاية على كافة المستويات، سواء كانت مرتبات أو بدلات؛ فعلى سبيل المثال فإن بدل العدوى حتى الآن ١٩ جنيها مصريا، رغم صدور حكم قضائي من سنين بأحقية الأطباء ب ١٠٠٠ جنيه بدل عدوى، ومع ذلك لم يتم تفعيله.

وعلى صعيد التأمين الصحي للأطباء يقول استشاري الأطفال في حديثه لـ”المجتمع”: “التأمين الصحي للأطباء متواضع جدا، وكذلك الخدمات الطبية للمرضى منهم، خاصة أنهم يعملون في ظل ضعف شديد من الإمكانيات والحماية لهم، ما يعرضهم لتهجم الأهالي عليهم بالضرب، وآخر مثال ما جرى بمستشفى أبو كبير بمحافظة الشرقية مؤخرا، حتى من توفي منهم نتيجة الإصابة بفيروس كورونا لا يعطى معاش شهيد كما أكدت الحكومة من قبل”.

ثم تطرق لملف مهم وهو المتعلق بالجانب الأمني الخاص بالأطباء، موكدا وجود كثير من الأطباء معرضين للاعتقال، نتيجة موقفهم السياسي والتعبير عن آرائهم، وبالفعل هناك العديد من الأطباء رهن الحبس، بل هناك من توفي بمحبسه بسبب الإهمال الطبي، ولا يوجد أي تحرك في هذا السياق للإفراج عن الأطباء المعتقلين.

تخبط النظام الصحي 

أما الطبيب بوزارة الصحة محمود المنياوي فيشير إلى تخبط النظام الصحي بين فرض الزمالة إجباريا على كل الأطباء رغم عدم توافر الإمكانيات، وعدم توافر المدربين، ثم إلغائها لاحقا، والعودة إلى النظام القديم، وهو ما يعكس تخبطا كبيرا في إدارة الملف الخاص بالأطباء بمصر، ويعكس عدم وجود رؤية وسياسة إدارية واضحة للملف الصحي بمصر؛ وهو ما ينعكس بالسلب على أطباء بمصر حتى يضطروا لترك العمل بوزارة الصحة والتوجه للعمل الخاص أو السفر خارج البلاد.

Exit mobile version