خبيران: الحرب الروسية الأوكرانية ستغير التوازنات العسكرية في سورية

 

يرى خبيران تركيان أن توتر العلاقات بين الغرب وروسيا بسبب الحرب بأوكرانيا يمكن أن يساهم في التوصل إلى حل للأزمة السورية المستمرة منذ 11 عاماً بسبب تعنت نظام الأسد وإصراره على استخدام الخيار العسكري بدعم من روسيا وإيران.

وفي مقابلة مع “الأناضول”، تحدث أويتون أورهان، منسق دراسات المشرق بالمركز التركي للأبحاث الإستراتيجية في شؤون الشرق الأوسط (أورسام)، وجان أجون، الباحث في السياسة الخارجية بمركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية (سيتا)، عن آخر المستجدات في سورية وانعكاس العلاقات الروسية والتركية مع دول الكتلة الغربية على سورية في ضوء الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

وقال جان أجون: إن هناك مبادرتين سياسيتين منفصلتين، هما مفاوضات أستانة، ومفاوضات جنيف، أطلقتا لتفعيل عملية سياسية من شأنها إنهاء الحرب والصراعات الداخلية في سورية، وإيجاد حلول لمشكلاتها الرئيسة.

وأوضح أن تركيا هدفت من خلال لقاءاتها مع روسيا وإيران في إطار مفاوضات أستانة إلى التوصل إلى اتفاق لوضع دستور جديد لسورية وتشكيل حكومة انتقالية تشارك فيها المعارضة السورية، إلا أن الهدف الرئيس للنظام السوري وروسيا وإيران حتى اليوم هو الحل العسكري وليس السياسي.

انعكاسات الحرب على سورية

وأضاف أجون أن روسيا نقلت جزءًا كبيرًا من إمكاناتها العسكرية من سورية إلى أوكرانيا، إذ سحبت الكثير من معداتها العسكرية الحديثة وطياريها المتمرسين وقواتها الخاصة بالإضافة إلى مجموعات من مرتزقة “فاغنر”، مشيراً إلى أنه في حال نقل العناصر التابعة لنظام الأسد والمليشيات من سورية إلى أوكرانيا فإن التوازنات العسكرية في سورية ستتغير بشكل كبير.

وأفاد أن وقف عبور السفن الحربية الروسية من المضائق التركية وفق اتفاقية مونترو سيحد من قدرة روسيا على القيام بالإمدادات العسكرية لقواتها في سورية.

وتابع: أرى أن محاولة روسيا غزو أوكرانيا ستؤثر كثيراً على سورية، وستغير موازين القوى في البلاد.

ولفت أجون إلى أن استعداء روسيا للغرب وخاصة للولايات المتحدة، وتعرضها لعقوبات عسكرية وسياسية واقتصادية بسبب الحرب في أوكرانيا سيضعف قوتها في سورية.

وأشار إلى أن واشنطن ستصبح أكثر تعنتًا وقسوة مع روسيا وحليفها نظام الأسد، وأن بوادر ذلك بدأت تظهر بالفعل.

وأردف: محاولات نظام الأسد لاستعادة الشرعية في المجتمع الدولي بدعم من روسيا وإيران أصبحت وهماً لا يمكن تحقيقه، مشيراً إلى أن نظام الأسد يعد من أكبر الخاسرين بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.

الخيارات العسكرية متاحة

وأضاف أجون أن إرسال روسيا عناصر من النظام السوري للحرب في أوكرانيا قد يؤدي إلى قيام الولايات المتحدة بعملية عسكرية ضد نظام الأسد، وأن هذا الوضع سيقوي من موقف تركيا للضغط من أجل التوصل إلى حل سياسي وإعداد دستور جديد في سورية وإشراك المعارضة الشرعية في حكومة انتقالية.

وأوضح أنه في حال استمرار الحرب في أوكرانيا لفترة طويلة، وإصرار نظام الأسد على رفض الحل السياسي للأزمة السورية، فإنه يمكن التفكير في خيارات واحتمالات جديدة منها الخيار العسكري.

من ناحية أخرى، صرح أويتون أورهان، أن نظام الأسد لا يزال يرى أنه من الممكن استخدام الطرق العسكرية للسيطرة على منطقة إدلب التي تخضع لسيطرة المعارضة، وكذلك السيطرة على المناطق التي يسيطر عليها تنظيم “ي ب ك”/ “ب كا كا” الإرهابي.

وذكر أورهان أن نظام الأسد يصر على الحل العسكري بدعم من روسيا وإيران، مما يجعل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية أمراً معقداً.

واعتبر أن العلاقات بين العناصر الخارجية المؤثرة في الأزمة السورية ستكون أكثر تأثيراً وحسمًا في حل الأزمة من العناصر الداخلية.

وأكد أهمية سير العلاقات الأمريكية الروسية، والتركية الأمريكية، والتركية الروسية في طريق حل الأزمة السورية، مشيراً إلى أن هناك عوامل أخرى مختلفة ستكون مؤثرة في مستقبل الأزمة السورية مثل الأهداف الإيرانية في سورية، والصراع بين “إسرائيل” وإيران هناك.

وبيّن أورهان أن الأزمة الأوكرانية عمقت الشرخ بين الغرب وروسيا وأضرت كثيراً بجهود التوصل إلى اتفاق بين موسكو وواشنطن بخصوص سورية.

وزاد: العلاقات التركية الروسية سيكون لها تأثير في سورية تبعاً للموقف والدور التركي في الأزمة الأوكرانية، وأن هذا التأثير سينعكس في صورة تعزيز التعاون أو زيادة عدم الاستقرار في سورية، لذلك فإن الأزمة الأوكرانية سيكون لها تأثير مهم في سورية.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة أعلنت أنها ستواصل تحالفها مع تنظيم “ي ب ك”/ “بي كا كا” الإرهابي في سورية، والحفاظ على وجودها في شرقي الفرات، وأنها ستواصل جهودها أيضا لتشكيل توازن ضد روسيا ونظام الأسد وإيران عبر هذه المنطقة.

وتابع: الولايات المتحدة تواصل حذرها وتجنبها الاشتباك المباشر في سورية، ولذلك فإن قيامها بتقديم دعم عسكري للمعارضة السورية كما فعلت مع الجيش الأوكراني يظل احتمالاً ضعيفاً.

وقال أورهان: إن روسيا نقلت اهتمامها وقسماً كبيراً من مواردها إلى أوكرانيا، وأن هناك ادعاءات تشير إلى قيامها بنقل بعض جنودها من سورية إلى أوكرانيا، ولذلك فإن احتلالها للأخيرة سيقلل من اهتمامها بسورية.

ونفى أورهان صحة الادعاءات التي تقول: إن روسيا ستتخلى تماماً عن سورية وستترك الميدان لإيران.

وذكر أن “إسرائيل” بالرغم من كونها حليفة للولايات المتحدة، فقد اتخذت موقفاً محايداً نسبياً حيال الحرب الروسية الأوكرانية، بسبب احتياجها إلى روسيا في منطقة الشرق الأوسط، حتى إنها حاولت ممارسة دور الوسيط بين موسكو وكييف.

وأكمل: هذا الموقف المتوازن الذي تتخذه “إسرائيل” يتيح لها مواصلة عملياتها الجوية في سورية دون أن تتدخل روسيا.

Exit mobile version