طلاب مغاربة في أوكرانيا تقطعت بهم السبل وعالقون تحت القصف

 

لم تكن المملكة المغربية بمعزل عن آثار الحرب الأوكرانية الروسية المندلعة مؤخراً، إذ تجاوزت حدود الدولتين المتحاربتين لتنعكس على المغرب الذي يقيم آلاف من رعاياه في أوكرانيا، ودخل منذ بداية الأزمة في سباق مع الزمن لإجلائهم.

جالية لا يقل عدد الطلاب فيها عن 9 آلاف، نجح العديد منهم بشق الأنفس بتجاوز الحدود الأوكرانية والرجوع إلى المغرب، فيما تقطعت السبل بالكثير ممن تبقى في المدن الأوكرانية.

محمد سعد طليكي، طالب مغربي، وممثل للجالية المغربية في مجلس القوميات الأوكراني (حكومي مقره مدينة أوديسا)، كان أحد من نجحوا بالعودة إلى المغرب مع بداية الحرب، وصف عملية خروج الطلاب المغاربة من أوكرانيا بـ “المرعبة”.

وفي حديث لـ”الأناضول”، قال: إن عدداً من المغاربة حالفهم الحظ بالعودة على الرغم من صعوبة طريق الخروج من أوكرانيا، غير أن الكثير من الطلاب والرعايا المغاربة لازالوا عالقين تحت الخطر وفي ظروف صعبة جدا”.

وكانت روسيا أطلقت فجر 24 فبراير الماضي، عملية عسكرية في أوكرانيا، خلفت موجة لجوء كبيرة، تبعتها ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية “مشددة” على موسكو. ​​​​​​​

خروج صعب

بشق الأنفس، وعلى وقع القصف الذي بدأته القوات الروسية على المدن الأوكرانية، تمكن بحسب “طليكي” آلاف الطلاب المغاربة الذين حالفهم الحظ من الخروج من أوكرانيا مع بدء الأيام الأولى للحرب.

عملية إجلاء يقول طليقي إنها بدأت بعد دعوة سفارة المغرب في كييف الطلاب والرعايا المغاربة إلى مغادرة أوكرانيا عقب تقارير تفيد اقتراب اندلاع الحرب.

وأكد المتحدث أن حالة من الخوف والهلع سادت بين الطلبة المغاربة وسط تواتر العديد من الأخبار والتقارير الأمنية التي قالت: إن هناك اجتياحاً روسياً وشيكاً.

وبالرغم من جدية الوضع، فإن العديد من عوامل منعت العديد من الطلاب من الاستجابة لنداء السلطات المغربية والعودة التي من أهمها، بحسب طليكي، “التهديدات التي أطلقتها بعض الجامعات بطرد أي طالب يرغب في مغادرة أوكرانيا”.

وأكد أن الطلاب المغاربة عاشوا وسط هذه الأجواء حالة نفسية وتخوف شديد، تضاعفت حدته عقب غلق المجال الجوي الأوكراني وبدء القصف الروسي.

وتابع: عندما بدأت الحرب كان شعورنا لا يوصف، وكان لدي أنا وأصدقائي تصور أننا لن نبقى أحياء، قبل أن يحالفني الحظ مع بعضهم في المغادرة والتوجه لتركيا ثم المغرب.

وأضاف: كان شعورنا لا يوصف، وعشنا حالة من الرعب والخوف وبدأنا عقب مغادرتنا بمحاولة إجلاء المغاربة المتبقين من المدن الأوكرانية.

ومضى موضحاً: قمنا بالتواصل مع عدد من مساجد وجمعيات المجتمع المدني في مدن أوكرانية، وفعلاً كانت هناك بعض العمليات الناجحة للإجلاء عبر الحدود الرومانية.

وأردف: أن عمليات الإجلاء كانت صعبة للغاية حيث تمت تحت حالة من الهلع والخوف الهستيريا لدى الطلاب، كما أن العديد من هؤلاء كانوا عرضة لعمليات السرقة والنصب أثناء محاولتهم المغادرة.

وأكد طليكي أن العديد من الطلاب المغاربة تعرضوا للعنف والضرب والممارسات العنصرية أثناء مغادرتهم أوكرانيا عبر الحدود الهنغارية.

وكان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أعلن قبل أيام أن عدد المواطنين الذين تمكنوا من مغادرة أوكرانيا عبر المعابر الحدودية منذ اندلاع الحرب، بلغ 5 آلاف.

آلاف العالقين

طليقي أكد أنه بالرغم من نجاح الكثير من الطلاب بالوصول إلى الحدود الأوكرانية ومغادرة البلاد، فإن الآلاف ما زالوا عالقين في عدد من المدن الأوكرانية.

وأضاف: هناك العديد من الحالات العالقة في وضعية صعبة جداً أهمها أولئك الطلاب المغاربة الموجودين في مدينة سومي (شرق)، الذين يبلغ عددهم 40 طالباً لم يستطيعوا الخروج من المدينة بسبب الحصار المضروب عليها، إضافة إلى احتمالية تعرضهم للقصف في حال حاولوا المغادرة.

وتابع: هناك أيضاً، على سبيل المثال، سبع طالبات مغربيات، توجهن يوم 24 من الشهر الماضي من مدينة دنيبرو (شرق) حتى مدينة لفوف (غرب) تجاه الحدود البولندية في رحلة استمرت أكثر 13 ساعة، وعندما وصلوا تم منعهم من قبل حرس الحدود الأوكراني من مغادرة البلاد.

وأردف: هؤلاء الطالبات ظللن على الحدود البولندية مدة يومين في البرد القارص ودون التوفر على الطعام، الأمر الذي أجبرهم على العودة مرة أخرى في رحلة خطرة إلى مدينة لفوف التي تقع تحت القصف.

وأكد أن هناك العديد من الحالات المشابهة التي لم يتمكن أصحابها حتى اللحظة من الوصل إلى الحدود الأوكرانية من أجل الرجوع للمغرب.

مصير غامض

وعن المسار الدراسي للطلاب الذين تمكنوا من العودة إلى المغرب، قال طليكي: إن هناك المصير الدراسي لهؤلاء ما زال غامضاً ومجهولاً.

وأضاف: بالرغم من إعلان السلطات في المغرب عزمها تمكين العائدين من استكمال مساراتهم الدراسية في البلاد، فإن الطلاب ما زالوا يعيشون أوضاعاً صعبة أمام عدم وضوح مآلهم الدراسي.

وكانت السلطات المغربية أعلنت قبل أيام عزمها تمكين الطلاب المغاربة الذين عادوا من أوكرانيا من استكمال دراستهم الجامعية في جامعات المملكة.

وعن تخوفات الطلاب المغاربة، قال طيلكي: إن هناك العديد من الإشكالات التي تعيق إدماج الطلاب العائدين في الجامعات المغربية التي من أهمها إشكال لغة التدريس.

وأضح: هناك قسم من العائدين كان يدرس باللغة الروسية وهناك قسم آخر كان يدرس بالإنجليزية، وثالث باللغة الأوكرانية، وهو ما يشكل عائقاً أمام إكمال الدراسة في المغرب بلغة غير التي بدؤوا بها.

وتابع: كما أن اختلاف النظام التعليمي بين المغرب وأوكرانيا، إضافة إلى اختلاف مناهج التدريس يشكل عائقاً أمام عملية إدماج آلاف الطلبة العائدين في الجامعات المغربية.

ودعا المتحدث إلى ضرورة إيجاد حلول فعالة لتجاوز هذه الإشكالات على وجه السرعة من أجل تمكين الطلاب العائدين من استكمال مسارهم العلمي.

وختم بقوله: أنا كمتضرر من هذه الحرب، أتمنى أن تتوقف بسرعة، وأن يكون هناك حل دبلوماسي قريب ينهي النزاع، وينهي معه معاناة ملايين المدنيين الذين كانوا ضحية هذه الحرب.

Exit mobile version