بعد اعتراف “إسرائيل” بضرب مقر استخباري لها.. هذه تفاصيل وجودها في كردستان العراق

 

أعلن الحرس الثوري الإيراني، يوم 12 مارس الجاري، مسؤوليته عن هجمات صاروخية في مدينة أربيل في العراق، رداً على غارة “إسرائيلية” في سورية، أسفرت عن مقتل ضابطين في الحرس الثوري.

وقال بيان صادر عن “العلاقات العامة لحرس الثورة الإسلامية”: “إنه بعد الجرائم الأخيرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني والإعلان السابق عن أن جرائم وشرور هذا النظام المشؤوم لن تمر دون رد، تم استهداف المركز الإستراتيجي للتآمر والشر الصهيوني بصواريخ قوية تابعة للحرس الثوري”.

رد فعل الكيان الصهيوني الرسمي الأول كان الصمت، ثم محاولة الادعاء بأن ما تم ضربه هو القنصلية الأمريكية في أربيل لا أهداف “إسرائيلية”، وهو ما نفته أمريكا رسمياً، مؤكدة أن قنصليتها لم تكن المستهدفة؛ ما يعني أن الكيان الصهيوني المستهدف.

بدأت وسائل الإعلام العبرية تعترف تدريجياً بضرب أهداف “إسرائيلية” في العراق.

القناة “13” العبرية نقلت عن “نيويورك تايمز” أن الموقع الذي قصفته إيران في أربيل كان مركز تدريب “إسرائيلياً”.

صحيفة “هاآرتس” اعترفت أن إيران قامت باستهداف مقر لـ”الموساد” في أربيل، وأطلقت صواريخ باليستية على مراكز إستراتيجية “إسرائيلية” في العراق.

صحيفة “يديعوت أحرونوت” ذكرت أيضاً أنه من الجائز أن الإيرانيين محقين بقولهم: إنه أقلعت طائرات “إسرائيلية” من دون طيار من منطقة أربيل لشن هجمات ضد أهداف إيرانية.

المحلل عاموس هرئيل كتب في صحيفة “هاآرتس” يؤكد أن هجوم أربيل استهدف قواعد “إسرائيلية” في العراق وليس أهدافاً أمريكية، كما زعمت “إسرائيل”.

استدل على ذلك بما أسماه التنصل الأمريكي، بعد تقارير أولية أشارت إلى الولايات المتحدة كهدف محتمل، حين سارعت نائبة وزير الخارجية الأمريكية ويندي شيرمان إلى إعلان أن الإدارة لا تعتقد أن القنصلية الأمريكية في أربيل كانت هدف الهجوم؛ ما يعني استهداف مواقع “إسرائيلية”.

قناة لبنانية كشفت عن مقتل 4 ضباط “إسرائيليين” باستهداف مقر لـ”الموساد” في أربيل

وقال لوق غفاري، رئيس مكتب الإعلام الأجنبي في كردستان: إن أيًا من الصواريخ لم يصب المنشأة الأمريكية، لكن المناطق المحيطة بالمجمع الجديد وغير المأهول حاليًا تعرضت للقصف بالصواريخ.

وقال حاكم المنطقة: إنه لم يتضح ما إذا كان الهدف المقصود هو القنصلية الأمريكية أم المطار، حيث توجد قاعدة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة يقاتل “تنظيم الدولة الإسلامية”.

مقتل 4 ضباط “إسرائيليين”

وقد كشفت قناة لبنانية أن المقر الذي قُصف في مدينة أربيل (عاصمة إقليم كردستان العراق)، فجر الأحد الماضي، هو المركز الأمني لجهاز المخابرات “الإسرائيلي” (الموساد)، مؤكدة أن الهجوم أسفر عن مقتل 4 ضباط “إسرائيليين.”

ونقلت قناة “الميادين” المعروفة بقربها من “حزب الله” اللبناني، عن مصادر وصفتها بـ”الموثوقة” (دون تسميتها)، قولها: إن المقر المستهدف في كردستان العراق هو مركز عمليات رئيس وليس ثانوياً لجهاز “الموساد الإسرائيلي”.

وأكدت المصادر أن القصف أدى إلى مقتل 4 ضباط “إسرائيليين” بينهم امرأة، إضافة إلى 7 جرحى، بينهم 4 في حال خطرة.

وذكرت أن هذا المقر ذاته كان مسؤولاً عن عملية استخبارية وعدوانية ضد إيران في الآونة الأخيرة.

ووفق تلك المصادر، فإنه في 14 فبراير الماضي، انطلقت 6 مسيّرات “إسرائيلية” من قلب كردستان العراق، واستهدفت معسكراً في “كرمنشاه” (غربي إيران)، مضيفة أنه نتيجة ذلك العدوان “الإسرائيلي” تعرّضت إيران لخسائر في المعسكر.

وتابعت المصادر: أجهزة الرصد الإيرانية وأجهزتها الأمنية تأكدت من أن مقر القيادة قرب مصيف صلاح الدين، كان صاحب القرار والتنفيذ.

وقالت: إن القصف الصاروخي الإيراني استهدف المقر الاستخباري العسكري ذاته في كردستان، بشكلٍ دقيقٍ وأكيد، على حد وصفها.

صحف “تل أبيب” أبدت تخبطاً في التعامل مع الهجوم الإيراني، وتحدثت عن استنفار في مراكزها في العراق وعلى الحدود مع لبنان وسط تزايد الحديث عن قواعدها في كردستان وأهدافها هناك التي بدأت إيران تستهدفها.

تاريخ طويل من العلاقات بين الكيان الصهيوني وحكومات الأكراد من التعاون في مجالات مختلفة معظمها سرّي

تاريخ الكيان الصهيوني في أربيل

لدى الكيان الصهيوني وحكومات الأكراد تاريخ طويل من التعاون في مجالات مختلفة، ولكن معظمها سرّياً، آخره اتفاق النفط الكردي – “الإسرائيلي” الذي تم الكشف عنه، في أغسطس 2015.

صحيفة “فايننشال تايمز” كشفت حينئذ أن “إسرائيل” استوردت من الإقليم الكردي في شمال العراق 19 مليون برميل نفط خلال 3 شهور عام 2015، وتمثّل هذه الكمية 75% من إجمالي استهلاك النفط في “إسرائيل”.

وعام 2008، سُجّل حدث تاريخي في العلاقة بين الكيان الصهيوني وكردستان، عندما صافح جلال طالباني، الذي كان رئيساً للعراق، يد من شغل يومذاك منصب وزير الدفاع الصهيوني إيهود باراك، خلال مؤتمر دولي في اليونان، وانتقد أعضاء البرلمان العراقي ذلك وطالبوا طالباني بالاعتذار.

وساعد الكيان الصهيوني الأكراد سراً خلال السنوات الماضية ودرّب جنود البيشمركة، الكردية، وزوّدهم بالسلاح ودعمهم بالمعلومات الاستخباراتية.

في السبعينيات، وفي أعقاب حرب أكتوبر 1973، حدث برود في العلاقة بين الكيان الصهيوني والأكراد في العراق، ثم بعد ذلك عادت العلاقات لتزداد دفئاً.

وتحدثت وسائل إعلام أجنبية منذ سنوات عن نشاط سري “إسرائيلي” في المنطقة الكردية وفي أذربيجان بالقرب من حدود إيران، من حيث المبدأ، يبدو أن هذا منطقي؛ لأن الوجود هناك يقصر بشكل كبير من مسافة الهجوم “الإسرائيلي” على الإيرانيين.

ويقول الإيرانيون: إنه منذ فترة بدأت مراكز الاستخبارات “الإسرائيلية” في أربيل القريبة من إيران تستخدم أراضي كردستان في توجيه هجمات ضد إيران سواء سيبرانية أو تنسيق هجمات على علماء إيران، وهو دور برعت فيه “تل أبيب” عقب انهيار حكم صدام حسين، حيث بدأت عملية اصطياد علماء العراق وقتلهم، لذا ردت طهران.

قناة “الميادين” اللبنانية المقربة من إيران و”حزب الله” قالت: إن هذا هجوم انتقامي إيراني رداً على مهاجمة طائرات “إسرائيلية” بدون طيار انطلقت من كردستان على قاعدة عسكرية إيرانية في منتصف فبراير من هذا العام وتسببت في أضرار جسيمة.

أيضاً سبق لوسائل إعلام إيرانية في أبريل 2021 تأكيد أن طائرات بدون طيار وصواريخ أطلقت للهجوم على المنطقة نفسها، حول مطار أربيل، وأن عناصر من “الموساد” أصيبوا في الهجوم.

مع هذا، يحاول الكيان الصهيوني الربط بين الهجوم الإيراني وأمريكا لضرب احتمالات التوصل لاتفاق نووي غربي مع إيران، حيث يدعي أن إيران ضربت أهدافاً أمريكية في أربيل بعد انهيار المفاوضات النووية لفرض أمر واقع ونقل رسائل تهديد للغرب، وهو ما نفته أمريكا ضمناً.

Exit mobile version