حرب روسيا – أوكرانيا وسورة “يوسف”

 

كما هو معلوم، فإن أهم ركيزتين في الأمن الإستراتيجي للدول هما تحقيق أمن الطاقة والغذاء، وأساس ذلك تأمين إمدادات النفط والقمح، وفي ظل النزاع الذي نشب مؤخراً إثر الحرب الروسية الأوكرانية، فإن سيناريو أزمة تأمين إمدادات القمح للعالم بدأ يلوح بالأفق، حيث إن الدولتين تصدران ثلث الإنتاج العالمي من القمح الذي له تداعيات ذات مخاطر عالية على الأمن الغذائي للدول العربية بدرجات متفاوتة من المخاطر الإستراتيجية، والمتدبر لسورة “يوسف” في قوله تعالى: (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ {47} ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ {48} ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ)، نستخلص الإستراتيجية النبوية اليوسفية للأمن الغذائي التي ترتكز على الأسس التالية:

1- (تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً)؛ التي تمثل في المنهج الاقتصادي مرحلة الاستثمار في قطاع الأمن الغذائي، يليها الإنتاج ثم التطوير، وهي مراحل ثلاث اختزلها إعجاز القرآن بكلمة “تزرعون”، التي تتطلب العمل الدؤوب بإصرار لتحقيق أفضل مستوى من الإنتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأمن الغذائي.

2- (فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ)، ثم تأتي مراحل التوزيع والاستهلاك ثم الادخار.

3- (ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ)؛ وهي مرحلة حلول الكوارث والأزمات التي تم الاستعداد لها بتبني سياسة الادخار الواردة في الآية السابقة.

4- (ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ)، التي تمثل مرحلة النجاة من الكوارث وانفراج الأزمة وتستمتعون بخيراتكم.

بهذه الإستراتيجية اليوسفية تتم صيانة الأمن وتنمية الاقتصاد وحماية الثروات وتجاوز الكوارث والأزمات.

ونختتم القول بلفت النظر إلى قوله سبحانه وتعالى لطريق النجاة في الدنيا والفوز في الآخرة: (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) (الإسراء: 9).

فهل من مدكر؟!

Exit mobile version