محللان فلسطينيان: عمليات المقاومة الفردية هاجس يخيف قادة الاحتلال.. ولا تبدو عابرة

رأى محللان سياسيان فلسطينيان، أن تطور عمليات المقاومة ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه، قد تكون مقدمة لـ”هبة شعبية” جديدة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين.

ومنذ بداية العام الجاري، سجلت العمليات الفدائية المتنوعة ضربات نوعية في عموم الضفة والقدس، مسفرةً عن مقتل وإصابة عدد من المستوطنين وجنود الاحتلال، ما دفع الجيش “الإسرائيلي” إلى رفع حالة التأهب، وسط توقعات باشتداد عمليات المقاومة واتساع رقعتها، خاصة مع دخول شهر رمضان بعد نحو ثلاثة أسابيع.

ووفق مراقبين؛ فإن القضية الفلسطينية تمر في مرحلة صعبة ودقيقة، حيث تواصل دول عربية تطبيع علاقاتها مع الاحتلال “الإسرائيلي”، في وقت تتصاعد فيه عمليات الاستيطان، وتهويد مدينة القدس والاعتداء على المسجد الأقصى، مع استمرار الحصار المطبق على قطاع غزة.

عمليات فردية

وقال الباحث الفلسطيني المختص بالشأن العسكري والأمني، رامي أبو زبيدة، إن “هناك حالة صعود في منحنى العمل المقاوم بالضفة الغربية، حيث باتت قوات الاحتلال تواجه تحدياً حقيقياً في العديد من المناطق، وعلى وجه التحديد مدينة ومخيم جنين (شمالي الضفة)”.

وأضاف لـ”قدس برس” أن القوات “الإسرائيلية” المُقتحمة للمدن الفلسطينية، باتت تواجه مقاومين يطلقون الذخيرة الحية باتجاهها، وتندلع اشتباكات مسلحة بشكل مستمر، وهذا تطور نوعي في أداء المقاومة.

وتابع أبو زبيدة: أظهرت العمليات الفردية المتواصلة عجز الأجهزة الأمنية “الإسرائيلية” عن مواجهتها، بينما نجحت هذه العمليات في إبقاء القضية الفلسطينية حاضرة وحية في العالم، كما أنها شكلت حافزاً لرفع الحالة المعنوية للشعب الفلسطيني، وتعزيز حضور المقاومة، ناهيك عن حالة الخوف العام عند “الإسرائيليين”.

ورأى أن “المقاومة الفردية باتت رقمًا صعبًا، وهاجسًا يخيف قادة أجهزة الأمن لدى الاحتلال، خاصة أن غالبية العمليات لا تحظى بطابع تنظيمي، ولا مرتبطة بخلايا تابعة للفصائل الفلسطينية”.

وبيّن أبو زبيدة أن “ظهور عمليات المقاومة الفردية؛ جاء بعد تراجع المقاومة المنظمة، بسبب حملات الاعتقالات اليومية، وعمليات التجسس وانتشار كاميرات المراقبة، عدا عن دور جدار الفصل العنصري، وسياسة الباب الدوار التي انتهجتها السلطة الفلسطينية مع الاحتلال عبر التنسيق الأمني في اعتقال المقاومين”.

ولفت إلى أن صعوبة العمليات الفردية بالنسبة للاحتلال، تكمن في أن منفذي تلك العمليات هم أشخاص خارج دائرة الخطر الأمني “الإسرائيلي”، إلى جانب أنه لا يكتنفها تنسيق مع أفراد آخرين قد يكونون مدخلاً لكشف العملية.

وتابع أبو زبيدة: “في العمليات الفدائية الفردية؛ عملية تحديد الهدف قد تكون لحظية، وغالبًا المنفذ لا يشارك أحدًا في تفكيره، فليس هناك مقدرة لدى الاحتلال في الولوج إلى عقله، ومعرفة طريقة تفكيره”.

وتوقع الخبير الأمني أن تشهد الضفة الغربية والقدس تصعيداً ميدانياً في شهر رمضان، “بالتزامن مع بعض الأعياد الصهيونية، ومع حالة التصعيد بالقدس والشيخ جراح”.

الاحتلال والسلطة.. والمقاومة

من جانبه؛ قال الكاتب والمحلل السياسي ياسين عز الدين: إن “الأحداث تتسارع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فمن مسيرات ومواجهات ضد الاحتلال ومستوطنيه، إلى عمليات طعن بالقدس، إلى اشتباكات مسلحة عنيفة في السيلة الحارثية واليامون في جنين”.

وأضاف لـ”قدس برس” أن “المواجهات قائمة في مختلف مناطق الضفة، والعملية الأخيرة في القدس المحتلة هي الرابعة في أقل من أسبوع”، مشيراً إلى أن ذلك “دليل على أن الاحتلال والسلطة باتا عاجزين عن احتواء الوضع”.

ورأى عز الدين أن “موجة تصعيد العمليات الفدائية لا تبدو عابرة”، مشيرا إلى أنها “تأتي بعد تراكمات كثيرة، سبقها فترة هدوء نسبي، امتدت من 2019 حتى الحرب الأخيرة في 2021”.

ولفت إلى أن “عمليات التصعيد الأخيرة، بدأت مع هروب أسرى سجن جلبوع في سبتمبر من العام الماضي، ومنذ ذلك الحين والعمل المقاوم بالضفة في تصاعد مستمر، سواء كان مقاومة شعبية أو مسلحة”.

ونوه عز الدين بالقول إنه “ليس من الأكيد أن تشهد الأيام القادمة قفزة في التصعيد، أو هبة جديدة، لكن على الأقل سيستمر الصعود التدريجي لعمليات المقاومة في عموم الضفة الغربية والقدس”.

وأشار إلى أن اتساع رقعة عمليات المقاومة تأتي رغم الجهود الدؤوبة والمشتركة التي يبذلها الاحتلال “الإسرائيلي” وسلطة أوسلو لاحتواء الوضع، لكن كلها ذهبت أدراج الرياح.

Exit mobile version