تغطية الانتخابات الصومالية.. صحفيون تحت التهديد

بين اعتداءات ومضايقات ومصادرة أدوات العمل الصحفي والمنع من تغطية العملية الانتخابية، تراوحت معاناة الصحفيين الصوماليين أثناء تغطيتهم للانتخابات البرلمانية، المستمرة في الولايات الفيدرالية.

وبحسب تقرير نقابة الصحفيين الصوماليين، فإن نحو 30 حالة انتهاك تعرض لها الصحفيون، منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، خلال تغطيتهم للعملية الانتخابية، التي تشهدها البلاد منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وبيّن التقرير، أن حجب المعلومات حول الانتخابات عن الصحفيين حال دون حصولهم على معلومات من مراكز التصويت، أما الذين تمكنوا من دخول مراكز التصويت فقد يتعرضون لتهديدات من رجال الأمن المكلفين بتأمين سير الانتخابات.

والثلاثاء، فرضت واشنطن قيودا على تأشيرات السفر لمسؤولين صوماليين حاليين أو سابقين، وآخرين متهمين بتقويض العملية الانتخابية، وترهيب الصحفيين والمعارضة.

** تزايد الاعتداءات

قال الأمين العام لنقابة الصحفيين عبدالله مؤمن، للأناضول، إن وتيرة الانتهاكات والمضايقات ضد الصحفيين في تزايد مستمر منذ بدء الانتخابات، ما يخلق حالة من القلق لدى الصحفيين في ميادين الانتخابات البرلمانية.

وأضاف أنه “وبالرغم من أن الصحفيين لديهم الحق في التغطية المستقلة للانتخابات البرلمانية، وفق لوائح اللجنة الوطنية الانتخابات الفيدرالية، إلا أن هناك تحديات جمة قد تمنع الصحفيين من ممارسة حقهم في تغطية العملية الانتخابية”.

وحول أسباب منع الصحفيين من تغطية عمليات التصويت في مراكز الانتخابات، قال “مؤمن”، إن “هناك فساد كبير داخل مراكز الانتخابات، كشراء الأصوات، وتزوير لصالح بعض الشخصيات السياسية، ما يدفع السلطات المحلية لمنع الصحفيين من نقل حقيقة هذا الفساد المستشري في جميع المراكز الانتخابية”.

وبحسب نقابة الصحفيين الصوماليين، فإن منع الصحفيين من التغطية بات أمرا متعمدا في جميع مراكز الانتخابات البرلمانية، بما فيها العاصمة مقديشو، حيث تجري الانتخابات بعيدا عن كاميرات الصحفيين، أو قد يسمح أحيانا بالبث المباشر للتلفزيون الحكومي فقط بعيدا عن الوسائط الإعلامية الأخرى.

** تهديدات أمنية

واجه عدد من الصحفيين في بعض الولايات الفيدرالية تهديدات من رجال الأمن نتيجة بثهم معلومات أو مؤتمرا صحفيا لسياسيين أو مندوبين، طعنوا في نزاهة الانتخابات البرلمانية، مما أدى إلى هروبهم من تلك الأقاليم خوفا على حياتهم.

يقول عبد الرحمن شمعون، الصحفي في إذاعة جوهر (محلية) للأناضول، إنه كاد أن يدفع ثمن حياته بسبب نشره فيديو لمؤتمر صحفي لمندوبين تم طردهم من قاعة الانتخابات بصفحته على شبكة فيسبوك.

وأضاف شمعون، “تلقيت مكالمات تهديد من رجال الشرطة إن لم أسحب الفيديو من صفحتي بفيسبوك، ثم هجموا على منزل أسرتي بحثا عني، حتى اضطررت للهروب إلى إحدى القرى المحيطة بمدينة جوهر، خوفا على حياتي، ومن ثم إلى مقديشو”.

وأوضح أن “السلطات المحلية لا تسمح لنا بتغطية العملية الانتخابية بشكل مستقل دون انحياز إلى أي طرف، بل تريد فقط أن تملي لنا المعلومات حسب هواها، وهو أمر يتعارض مع مبادئ الصحافة ومصداقيتنا كصحفيين”.

** الرشوة مقابل التغطية

في موسم الانتخابات تشتد منافسة السياسيين على الاستحواذ على بعض وسائل الإعلام لتمرير أجنداتهم وبرامجهم الانتخابية، مقابل المال السياسي، ما يضع وسائل الإعلام الأخرى بين سندان المال السياسي ومطرقة مهمة نقل الحقيقة في العملية الانتخابية.

يقول محمد عثمان مكران، مدير إذاعة “هيران ويني”، (محلية) للأناضول، إن محطته تعرضت لهجوم رجال الأمن في مدينة بلدويني، بعد رفضه أخذ رشوة مقابل سحب تصريح لمسؤول أعلن نيته تزوير العملية الانتخابية بولاية هير شبيلي، بالإذاعة.

وتابع مكران، أن “المحطة توقفت عن البث، فيما تعرض موظفوها لمضايقات والسجن لساعات، إلى جانب تلقيهم تهديدات في حال نقل أحداث الانتخابات مرة أخرى بطريقة تعارض رغبات الإدارة المحلية، وهذا ينافي مبادئ حرية الإعلام في تغطية الانتخابات”.

وحول مغزى الرشوة التي تقدمها الإدارة المحلية، قال إنها الآلية التي غالبا ما يستخدمها السياسيون أو الإدارة المحلية لإسكات الإعلام حتى لا يعلم المجتمع حقيقة ما يجري في مراكز الانتخابات المنتشرة في الولايات الفيدرالية.

** عقوبات أمريكية

رحبت نقابة الصحفيين الصوماليين، بقرار واشنطن فرض قيود على منح التأشيرات للمسؤولين الحاليين والسابقين لتقويضهم العملية السياسية وترهيب الصحفيين الصوماليين، الذين يعملون في بلد يحتل المرتبة الأدنى بالعالم في حرية الصحافة.

وحول أهمية هذه العقوبات بالنسبة للصحفيين، قال الأمين العام لنقابة الصحفيين الصوماليين عبدالله مؤمن، إن عقوبات واشنطن تعكس مدى حجم التهديدات التي يتعرض لها الصحفيون الصوماليون في ظل غياب الجهات المعنية المحلية لحمايتهم.

وأشار مؤمن، إلى أن تلك العقوبات ستخفض نوعا ما حجم الجرائم ضد الصحفيين، كما تشكل رسالة عقابية لقتلة الصحفيين، الذين لا يواجهون أية محاسبة في ظل تزايد ظاهرة الإفلات من العقاب لمرتكبي الجرائم ضد الصحفيين.

ووفقا لتقرير السنوي لنقابة الصحفيين في عام 2021، فإنه تم رصد مقتل صحفيين اثنين وإصابة ثلاثة آخرون بجروح خطيرة، فيما وصلت الانتهاكات التعسفية وحالات الاعتقال إلى 65 حالة، إلى جانب مداهمة مكاتب 7 وسائل إعلام.

​​​​​​​وأشار التقرير إلى أنه في ظل تزايد الانتهاكات ضد الصحفيين باتت الرقابة الذاتية أو ترك المهنة خيار البقاء الوحيد للصحفيين في الصومال.

وأوضح أن الصومال مايزال يحتفظ بلقب أحد أخطر البلدان لممارسة الصحافة على مستوى العالم، وللعام السابع على التوالي، فيما تستمر ثقافة الإفلات من العقاب لمرتكبي الجرائم ضد الصحفيين.

وانتهت انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان/ 54 عضوا) في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فيما تتواصل انتخابات مجلس الشعب (الغرفة الأولى البرلمان/ 275 نائبا) في بعض الولايات الفيدرالية، حيث تم انتخاب حتى الآن 124 نائبا، بينما لم يحدد بعد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية.

 

Exit mobile version