“نتفق مع الرئيس”.. أزمة أوكرانيا توحد سياسييها وتقسم الغربيين

باستغراب ثم بانتقاد حاديْن قوبلت مغادرة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بلاده أول أمس السبت لحضور جانب من مؤتمر ميونخ للأمن، لاسيما في ظل توتر يخيم على حدود بلاده وحديث عن “غزو شامل وشيك” لها.

الرئيس الأميركي جو بايدن كان أبرز المنتقدين، وكذلك -بالطبعة الحال- كان حال رموز المعارضة وقادتها في أوكرانيا، بالإضافة إلى سيل انتقادات شعبية، عكستها منصات التواصل الاجتماعي.

ترحيب وتأييد بعد انتقاد
لكن هذا الموقف تغيّر جذريا في أوكرانيا بعد خطاب زيلينسكي أمام المؤتمرين، وحديثه “الشفاف والصريح” معهم، بحسب أنصاره ومعارضيه؛ واللافت هنا أن الخطاب حظي بترحيب ودعم رموز تعتبر من أشد المعارضين والمنافسين له.

ولعل أبرز ما “أعجبهم” في الخطاب حديثه عن أهمية فرض العقوبات قبل الغزو المحتمل لا بعده، وأن أوكرانيا تقاتل دفاعا عن الغرب وقيمه، والأخير يجب أن لا يمن عليها بتقديم الدعم في هذا الصدد؛ وكذلك أن حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) أخطأ بالمماطلة إزاء عضوية أوكرانيا، حتى أصبحت الأخيرة دافعة لعدوان روسيا.

في هذا الصدد، كتب الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشينكو على فيسبوك، وهو يعد من أبرز منافسي زيلينسكي على السلطة والشعبية، “إذا قررت روسيا غزو أوكرانيا، فهذا بالتأكيد لن يعتمد على إرادة أوكرانيا. نتعامل مع شخص مجنون هو (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين”.

وأضاف “إذا توقفت روسيا عن إطلاق النار، فسوف يتحقق السلام. وإذا توقفت أوكرانيا عن إطلاق النار، كما هو معروض علينا الآن، فستنتهي أوكرانيا”.

ويقول رئيس الوزراء السابق وزعيم حزب “الإستراتيجية الأوكرانية” المعارض فولوديمير هرويسمان، “أؤيد موقف الرئيس زيلينسكي، والذي أعلن عنه في ميونخ. الآن بعد تزايد التهديد الروسي كل ساعة، أحث جميع القادة السياسيين على دعم موقف الرئيس. نحن بحاجة إلى تنسيق مشترك. قوتنا في الداخل تنعكس قوة في الخارج”.

وكذلك تغيرت الحال فأصبح توافقيا في مواقع التواصل الاجتماعي، وربما دعمته عمليات القصف في مناطق الشرق ومخاوف الحرب، وكذلك حلول الذكرى الثامنة لمقتل عشرات المتظاهرين في احتجاجات العام 2014 بالعاصمة كييف.

رسالة للألمان قبل غيرهم
إذن، ساهمت الأزمة في كسر الخلافات بين شرائح واسعة من السياسيين والعامة في أوكرانيا، لكن البعض يرى أنها لا تزال تقسم الغربيين، وأن خطاب زيلينسكي حمل رسائل ضمنية لهم.

يقول خبير العلاقات الدولية أندري بوزاروف “الأزمة أحدثت فجوة في العلاقات بين كييف وبرلين بالدرجة الأولى، وأخرى مع باريس وبودابست”.

ويوضح، في حديث مع الجزيرة نت، “هذه الدول تتجنب دعم أوكرانيا بالسلاح النوعي والفتاك، وترفض عضويتها في الناتو، وتمن عليها ببعض المساعدات “الرمزية”، فتحاول بذلك إمساك العصا من المنتصف بحجة تجنب الحرب، وحرصا على مصالح اقتصادية خاصة”.

ويتابع “لكن موقفها بات سلبيا إلى حد كبير على أوكرانيا وأمن أوروبا، وعلى وحدة الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، خاصة وأن الحرب باتت على الأبواب فعلا”.

هل توحد الأزمة الغربيين؟
وبينما يتحدث رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي شارل ميشال عن “قوة وتماسك” الاتحاد، يبقى الأكيد أن الأخير، بحكم معارضة بعض دوله المذكورة أعلاه وأخرى تلتزم الصمت، منقسم على نفسه إزاء الأزمة الأوكرانية وكذلك حال حلف الناتو.

يقول الخبير بوزاروف “المخاوف الألمانية مبررة، وهي تتعلق بالحاجة إلى الغاز الروسي، وحماية العلاقات الاقتصادية، وتجنب تداعيات الحرب على القارة”.

لكنه يعتبر أن “هذا الموقف سيتغير مع مرور الزمن، لاسيما وأن جهود الحل الدبلوماسي تفشل واحدة تلو الأخرى، أمام رغبة روسية عارمة في التصعيد بشأن أوكرانيا، وباستعراض القوة أمام أوروبا وأميركا”.

 

Exit mobile version