هل يُقدم الرئيس التونسي على حل “النهضة”؟

 

تبدو كل المؤشرات باتجاه إقدام الرئيس التونسي قيس سعيّد على حل حزب “حركة النهضة” وسط تسونامي من الإشاعات والاتهامات غير المسبوقة للحركة، وذلك وفق مراقبين بالتحالف مع جزء من اليسار التونسي، تمثل ما تسمّى بهيئة الدفاع عن شكري بلعيد الذي اغتيل في 6 فبراير 2013، ومحمد البراهمي الذي اغتيل في 25 يوليو من نفس العام رأس الحربة في هذا التسونامي بمشاركة واضحة من الإعلام الرسمي في عهد نظام بن علي الذي لا يزال محافظاً على موقعه حتى اليوم.

“النهضة” تتحسب

فرضية حل حزب حركة النهضة ليس مجرد تخمينات وتحليلات، بل إن قيادات في الحركة وفي اجتماعات خاصة أعربت عن اعتقادها بأن نظام سعيّد يستهدف “النهضة”، وأفصح عن ذلك القيادي في الحركة سامي الطريقي، في الندوة الصحفية التي عقدتها الحركة الأربعاء الماضي، رداً على الافتراءات التي ساقتها “هيئة بلعيد والبراهمي”، وقد وصلت الاتهامات حد الإسفاف إلى درجة الزعم بأن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي يملك “غواصة” يهرّب من خلالها الأموال ويدخل البضائع ويهربها!

وأن غياب مواد أساسية، من بينها الدقيق والزيت والسكر، وراءه حركة النهضة، فضلاً عن اتهامات التجسس، والتخابر مع الخارج، والاستعانة بالأجانب وما شابه ذلك من ضروب الهستيريا التي يستشف منها أن أمراً ما يدبّر بليل لحركة النهضة، تؤكده مساعي الهيمنة على القضاء وجعله طوع بنان سلطة الأمر الواقع كما يطلق عليها كثيرون.

وقد وصل الأمر إلى حد العمل على تنظيم وقفات استفزازية أمام منزل راشد الغنوشي، وقد حمّل الناطق الرسمي باسم حركة النهضة عماد الخميري مسؤولية السلامة الجسدية لرئيس الحركة للرئيس سعيّد ووزارة الداخلية بعد دعوات التظاهر أمام منزل الغنوشي.

وقال الخميري، خلال ندوة صحفية عقدتها الحركة، أول أمس الخميس: الأمر في غاية الخطورة اليوم، ونحمل المسؤولية لسعيد رأساً.

وأشار إلى أن الحركة طلبت من السلطات المعنية توفير حماية للغنوشي، غير أنها لم تتلق إلى حد اللحظة أي تفاعل يذكر، واعتبر أن ما صرحت به “هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي” يأتي في إطار حرب سياسية بين القوى الديمقراطية الرافضة للعودة إلى مربع الدكتاتورية والأطراف المناصرة للانقلاب.

بعد القضاء

يؤكد سياسيون ومنهم قيادات في حركة النهضة أن لدى الرئيس سعيّداً قائمة، بعد تجميد البرلمان، وحل المجلس الأعلى للقضاء، حيث تأتي في المرتبة الثالثة حركة النهضة، ثم ائتلاف الكرامة، ثم حزب قلب تونس، ثم الاتحاد العام التونسي للشغل، رغم كل المواقف الانبطاحية التي يبديها حيال الانقلاب، حتى إنه لم يدن استهداف المجلس الأعلى للقضاء.

وقد نددت كتلة حركة النهضة بالبرلمان المجمدة، في بيان، بشدّة بما أسمتها الخطابات الشعبويّة والمضلّلة التّي تستهدف مؤسسات الدولة ومعارضي الإجراءات الاستثنائيّة والداعين إلى احترام الدستور ومقتضياته.

وأعربت الكتلة عن إدانتها للتحريض على استعمال السلاح والقتل والعنف ضدها، مُحذّرة من التداعيات الخطيرة لهذه الخطابات ولهذه التصريحات على استقرار المجتمع والدولة وصورة تونس في الخارج.

كما عبرت عن رفضها لما أقدم عليه سعيّد من إعلان حلّ للمجلس الأعلى للقضاء، معتبرة ذلك من قبيل السعي الخطير للسيطرة على هذا المرفق الحيوي للبلاد وضرب استقلاليته وبنائه الدستوري، معلنة مساندتها التامّة لكل النضالات التي أعلن عنها القضاة.

تراجع في مؤشر الديمقراطية

وتأتي هذه التطورات في ظل تقرير لوحدة “الإيكونوميست” للاستقصاء يشير إلى تراجع المؤشر العام للديمقراطية حول العالم، ليسجل أسوأ نتيجة منذ عام 2006م.

وأظهر المؤشر الذي يقيّم حالة الديمقراطية في العالم، أكبر تراجع منذ عام 2010م، وسط تداعيات وباء “كوفيد” والدعم المتنامي للاستبداد، إذ بات نحو 45% فقط من سكان العالم يعيشون في ظل أنظمة ديمقراطية.

ولا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “الأدنى” مرتبة بين جميع المناطق التي يغطيها مؤشر الديمقراطية، خاصة في ظل وجود 5 دول من أصل 20 ضمن أدنى مستويات التصنيف بين الدول.

وتراجعت تونس 21 مركزاً في المؤشر العام للديمقراطية، حيث احتلت المركز 75 عالمياً بعد أن كانت في المركز 54 في عام 2020.

Exit mobile version