نزع حضانة الأطفال.. هل أصبح كابوس مسلمي السويد؟

 

تزايدت شكاوى عائلات مسلمة في السويد من حالات نزع حضانة الأطفال من أسرهم، ويتخوف البعض من أن يكون هناك تعمد أو استهداف لأطفال العائلات المسلمة أكثر من غيرهم، إضافة إلى ذلك التعسف في تطبيق الإجراءات نفسها إزاء الأسر المسلمة، وحرمان هذه الأسر من التواصل مع أطفالها المسحوبين منهم في حالات كثيرة، ونقلهم إلى مناطق بعيدة عن أماكن إقامة ذويهم، كما يشكو البعض من تضمين عمليات نزع الأطفال وربطها بالجانب الديني ولا سيما للمسلمين وسؤال العائلات عن الشعائر الإسلامية، كما أشار «راديو السويد»، في تقرير له منشور بتاريخ 21 ديسمبر 2021م، أن الأطفال من خلفيات أجنبية أكثر عرضة للحرمان من ذويهم مقارنة بالأطفال من أصول سويدية، إذ يتم سحبهم من قبل «السوسيال»، وهي اختصار لكلمة «socialtjänsten» وتعني: خدمات اجتماعية.

مارية المتوكل، مهاجرة عربية تعيش بالسويد منذ فترة طويلة، في لقاء لها بقناة «الحوار»، الأحد 23 يناير 2022م، تشكو سحب «السوسيال» أطفالها وحرمانها وزوجها من التواصل معهم إلا ربع ساعة أسبوعياً، ونقلهم إلى ولاية بعيدة عن مقر إقامتهم، كما تم إدخال موضوع الصلاة والصوم ضمن الملف، وأنه تم التفريق بين طفليها بإسناد حضانة الطفل إلى عائلة غير التي تحتضن شقيقته، وتشكو من عنصرية وتعنت من قبل الموظفين.

وحتى تتضح الصورة أكثر، تواصلت «المجتمع» مع السيدة فانا محمد، وهي اختصاصية اجتماعية بقسم رعاية الأطفال بإدارة «السوسيال» في ستوكهولم بالسويد، وحول الحالات التي يتم فيها سحب الأطفال من عائلاتهم، قالت لـ«المجتمع»: «إن القانون يتيح للبلدية التدخل وسحب الأطفال في حالتين؛ أولاهما: إذا كانت بيئة البيت سيئة وتؤثر سلباً على صحة ونمو الطفل، والثانية: إذا كان الطفل نفسه يتسبب في الخطر لنفسه والضرر في البيت.

نقلنا لها شكوى بعض الأسر المسلمة التي ترى أن هناك استهدافاً للعائلات المسلمة أكثر من غيرها، فأجابت: لا شك أن العنصرية موجودة سواء في المجتمع أو البلديات، وقسم «السوسيال» جزء من هذا؛ ولذلك فإن الأسر الأجنبية معرضة لمعاملة غير عادلة، كما أن هناك عوامل أخرى تزيد من المعاملة غير العادلة للأسر الأجنبية، منها –مثلاً- إذا كان الأهل لديهم صعوبة في التحدث وفهم اللغة أو الثقافة السويدية،  وغالباً لا يكون هناك فهم لدى الموظفين في البلدية للثقافات المختلفة وطريقة التربية المتبعة عند بعض الناس في مجتمعات أخرى.

وحول معاملة الأطفال بعد سحبهم من عائلاتهم، تقول: في البداية يتم وضع الأطفال في بيوت الطوارئ، وهي منازل لعائلات عادية يكون لديها استعداد لقبول استضافة أطفال لديها في حالة الطوارئ، ثم يتم فرز الأطفال ونقلهم إلى عائلات أخرى للاستقرار لفترة أطول، مع مراعاة أن تكون هذه الأسر مناسبة للطفل، مع الأخذ في الاعتبار الخلفيات المختلفة للأطفال، لكن يجب أن نعترف أن هناك نقصاً كبيراً في بيوت الرعاية من العوائل الأجنبية أو المسلمة، كما أن عدد العاملين المسلمين في «السوسيال» للأسف قليل جداً، وهنا يتم اللجوء إلى إسناد حضانة الأطفال إلى عائلات من خلفية دينية مغايرة.

من جانبه، يقول الشيخ خالد الديب، رئيس المجلس السويدي للأئمة، رئيس لجنة الإفتاء والبحوث بالسويد، في تصريحات لـ«المجتمع»: إن عملية سحب أو نزع حضانة الأطفال من عائلاتهم تتم بموجب قانون معمول به منذ الثمانينيات، ينص على أن الطفل إذا تعرض لأي مظهر من مظاهر العنف بدنياً كان أو نفسياً يتم سحبه من عائلته حماية له، كما أنه إذا كان الطفل نفسه يسبب ضرراً أو عبئاً على أسرته؛ فإن السلطات تتدخل كذلك لتقويم الطفل وحماية عائلته.

ويضيف الشيخ الديب أن الطفل نفسه قد يقوم بإبلاغ السلطات بأنه يتعرض للعنف، أو من خلال متابعته وسؤاله باستمرار في المدرسة أو الروضة، أو إذا لوحظ على الطفل سوء حالته أو الإهمال؛ فإن إدارة المدرسة أو الروضة تقوم بإبلاغ «السوسيال» المخولة بالتعامل مع هذه القضايا، وفيما يخص تزايد شكاوى عائلات مسلمة من عمليات وإجراءات سحب الأطفال؛ لم يستبعد وجود بعض المخالفات لدى بعض الموظفين العاملين في هذه القضايا.

ويؤكد رئيس مجلس الأئمة ضرورة معرفة القوانين حتى يكون تعامل الأسر مبنياً على دراية، وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن هناك حالة عزوف من قبل المسلمين بالسويد عن المشاركة المجتمعية والسياسية؛ ما يجعلهم في الأغلب ضحية سياسات الآخرين الذين تركوا لهم الساحة كاملة.

Exit mobile version