مجموعة الأزمات الدولية: تونس من بين 10 دول مهددة بصراعات مميتة

أعلنت مجموعة الأزمات الدولية، عن ”قائمة المراقبة لسنة 2022” وهي قائمة لـ 10 دول من بينها تونس تواجه صراعات مميتة أو حالات طوارئ إنسانية أو أزمات أخرى ترى المجموعة أنه يمكن للاتحاد الأوروبي المساعدة على إنقاذها أو إعادة الاستقرار فيها.

خطر عدم سداد الديون

وقالت منظمة مجموعة الأزمات الدولية، في تقرير: إنّ الاقتصاد المتعثر في تونس بدأ يقوض الثقة في السلطة السياسية، مشيرة إلى تقلص الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 9.18 % سنة 2020م، مبرزة أن ذلك يعزى جزئيًا إلى القيود المرتبطة بـ “كوفيد-19” على السياحة والحركة بصفة عامة. 

وأشارت في التقرير الذي تناقلته الأوساط السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تونس إلى أن الخزينة تستطيع بالكاد تغطية الرواتب المستحقة للعاملين في القطاع العمومي، وأن ذلك يحول دون إمكانية الايفاء بالتزامات سداد القروض الخارجية وسط ارتفاع الدين العام، معتبرة أن ذلك مؤشر على خطر حدوث أزمة مالية ومصرفية خطيرة في المستقبل قالت إنها قد تؤدي إلى انخفاض مستويات المعيشة للعديد من التونسيين.

سيناريوات محتملة

ولفتت المجموعة إلى أن تونس قد تضطر على المديين القصير والمتوسط إما إلى إعادة هيكلة ديونها العامة والتوجه لنادي باريس للقيام بذلك أو إعلان إفلاس، معتبرة أنه ستكون لذلك في كلتا الحالتين تداعيات اجتماعية واقتصادية مؤلمة.

 وأضافت أنه سيكون لإعادة هيكلة الديون تأثير خطير على التونسيين على الرغم من أنها تبدو أقل صعوبة من الخيار الثاني، مؤكدة أن الآثار قد تشمل انخفاض قيمة العملة وخصخصة الشركات العمومية وتجميد رواتب القطاع العمومي والتقاعد المبكر القسري وانخفاض الواردات بشكل كبير (ربما يؤدي إلى نقص مزمن في المواد الأساسية) وارتفاع كبير في البطالة وفي نسبة التضخم.

وضع القوات المسلحة

وذكرت المجموعة بأنه في غضون ذلك يدور حديث في الكونغرس الأمريكي حول ربط المساعدات المالية والعسكرية لتونس بما تتوصل إليه وزارة الخارجية الأمريكية فيما يتعلق بدور الجيش فيما وصفته بانتهاكات 25 يوليو (الانقلاب) وما بعده بأنه لم يتم الإجابة بعد عن هذا السؤال، منبهة إلى أنه في صورة تمرير تشريع بهذا المعنى وقطعت واشنطن المساعدة قد يكون بالفعل هناك اضطراب داخل القوات المسلحة بالإضافة إلى مزيد من الاضطرابات في الشارع.

واعتبرت أنه يمكن أن يكون لكل هذه العوامل تأثير كرة الثلج، وأن يدفع ذلك بالرئيس قيس سعيد الى التمادي فيما أسمته بالخطاب الشعبوي لتوجيه إحباط مؤيديه الذين يتوقعون منه “تطهير مؤسسات الدولة”.

الضغط الأجنبي والنزعة الشعبوية قد يؤديان إلى تفاقم الاستقطاب بين القوى المؤيدة لسعيد والقوى المناهضة له

آفاق الاحتجاجات

ونبهت من أن ترفيع الرئيس قيس سعيد من الخطاب الشعبوي لصرف الانتباه عن القضايا الاقتصادية والاجتماعية قد يثير ردود فعل لا يمكن السيطرة عليها بين السكان مثل المظاهرات أمام السفارات والوفود الأجنبية للبلاد وأعمال عنف أخرى لا سيما إذا أزعج سعيد موازين القوى المحلية باسم محاربة الفساد وبهدف تعزيز نفوذ أنصاره في مناطق معينة. 

وأبرزت المجموعة أن مثل هذه التدابير التي اعتبرت أنها مصممة للاستفادة من الاستياء بين الفئات المحرومة في المجتمع قد تساعد على تأجيج الاضطرابات التي ينفث فيها العاطلون عن العمل أو غيرهم غضبهم محذرة من أن مثل هذه الاحتجاجات يمكن أن تتحول إلى عنف خاصة إذا استخدمت الشرطة القوة المفرطة لإعادة الهدوء.

وأشارت إلى أن كبار السياسيين ورجال الأعمال قد يجدون أنفسهم أكثر عرضة للاعتقال ليتم عرضهم أمام الجمهور كرموز للفساد، مؤكدة أن مثل هذه التحركات قد تخاطر بالحاق الضرر بالأعمال بدل إفادة الاقتصاد.

وحذرت مجموعة الأزمات الدولية من أن الضغط الأجنبي والنزعة الشعبوية قد يؤديان إلى تفاقم الاستقطاب بين القوى المؤيدة لسعيد والقوى المناهضة له وأن ذلك قد يدفع سعيد نحو مزيد من القمع، مبينة أن هذا التطور قد يفضي بدوره إلى إثارة التوترات والعنف بما يزيد من مخاطر الاضطرابات السياسية. 

ضرورة تغيير الرئيس سعيد خارطة الطريق السياسية لتشمل إجراء حوار وطني قبل استفتاء 25 يوليو

حوار وطني شامل

وشددت المجموعة على ضرورة أن يتعلم الاتحاد الاوروبي من الأخطاء السابقة وعلى أن يواصل دعمه لتونس بشروط، مؤكدة بالخصوص على ضرورة تغيير الرئيس سعيد خارطة الطريق السياسية لتشمل حوارًا وطنيًا يشارك فيه الفاعلون السياسيون الرئيسيون في البلاد والنقابات والجمعيات وعلى أن يتم إجراء الحوار قبل استفتاء 25 يوليو.

وأضافت أنه يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقدم لتونس آفاقًا اقتصادية أكثر إشراقًا مقدمة كمثال على ذلك مساعدته تونس على الاندماج بشكل أكثر فاعلية في الفضاء الاقتصادي الأوروبي والأورومتوسطي والتحضير لمؤتمر دولي حول تونس يجمع دول مجموعة السبع لمناقشة تحويل الديون الثنائية إلى مشاريع تنموية وتمكين برنامج صندوق النقد الدولي الجديد لمدة أربع سنوات مع عنصر اجتماعي قوي ومساعدة الدولة على اجتياز التحولات التكنولوجية والصناعية.

شروط أوروبية

وذكرت المجموعة بأن الاتحاد الأوروبي يعتبر تونس دولة ذات أولوية للمساعدة المالية الكلية ودعم التنمية للفترة 2021- 2027م وبأن مؤسسات الاتحاد وتونس وافقتا في سياق سياسة الجوار الأوروبية المنقحة وفي إطار التعاون الدولي والتنمية على أولويات استراتيجية جديدة لعلاقتهما: التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة والدائمة والديمقراطية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان “التقارب بين الشعوب الأورومتوسطية” والتنقل والهجرة والأمن ومكافحة الإرهاب. 

تونس لم تعد بعد 25 يوليو2021م تلبي معايير الدعم الاقتصادي المستمر من الاتحاد الأوروبي

ولفتت إلى أن تونس لم تعد بعد 25 يوليو2021م تلبي معايير الدعم الاقتصادي المستمر من الاتحاد الأوروبي، مذكرة بأن البرلمان الاوروبي كان قد أصدر في شهر أكتوبر الماضي مذكرة تضامن جزئي مع البرلمان التونسي المجمدة أشغاله وقرارًا بشأن الوضع في تونس دعا فيه إلى العودة إلى العمل الطبيعي لمؤسسات الدولة واستئناف النشاط البرلماني في إطار الحوار الوطني وتنفيذ خارطة طريق واضحة ضمن دستور 2014  م قبل أي إصلاح دستوري. 

وأضافت أن مجلس الاتحاد الاوروبي توقف بعد إعلان الرئيس سعيد عن خارطة الطريق عن المطالبة بالعودة إلى النظام الدستوري وأنه فتح الباب بدلاً عن ذلك للتغييرات التي قد تنجم عن الاستفتاء الدستوري في يوليو المقبل، مذكرة بموقف الاتحاد في 16 ديسمبر الماضي من الخارطة، وبأنه اعتبرها خطوة مهمة نحو استعادة الاستقرار والتوازن المؤسسي وإصرارًا على مسؤولية الشعب التونسي في اتخاذ قرارات سيادية ذات أهمية قصوى. 

كما ذكرت المجموعة بأن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي جددت التأكيد على استعدادها لدعم تونس على طريق توطيد الديمقراطية. 

وأكدت على ضرورة محافظة الاتحاد على تعاونه الثنائي مع تونس على النحو المنصوص عليه في أداة الجوار والتنمية والتعاون الدولي للفترة 2021-2027م على وجه الخصوص كجزء من برنامجه الإرشادي متعدد السنوات، وعلى التركيز على البرامج التي تعالج الأسباب الجذرية للاضطرابات الشعبية على غرار المحسوبية والتفاوت الجهوي والانكماش الاقتصادي.

Exit mobile version