أفغان يعتاشون على المساعدات ويتوقون لبضعة أرغفة من الخبز

 

منذ ساعات الصباح الأولى، هرعت الأفغانية مهاجرة إلى الفرن المتواضع في حيّها الفقير لتنضم لقلة آخرين ينتظرون، وبرغم الانخفاض الشديد في درجات الحرارة، الحصول على بضعة أرغفة من الخبز تعوض وإن قليلاً من حاجات عائلتهم.

وتقول مهاجرة آمان الله، التي ارتدت عباءة سوداء طويلة ووضعت حجاباً وكمامة طبية على وجهها: “إن لم أحضر الخبز من هنا نذهب إلى الفراش جياعاً”.

تقطن مهاجرة، في العشرينيات من عمرها، مع زوجها المدمن على المخدرات وطفلتيها في منزل واحد مع 3 عائلات أخرى، وتقول: “نحن أفقرهم، وليس لديَّ حتى فحم أو وقود في المنزل”.

ومنذ سبتمبر، أطلق أستاذ جامعي مبادرة فردية للحصول على تمويل يسمح له بتوزيع المساعدات، وضمن المبادرة نفسها، بدأ، السبت الماضي، حملة لتوزيع 10 أرغفة من الخبز على 75 عائلة لمدة شهر في 7 مناطق مختلفة في كابل.

ووزع المتطوعون الخبز في منطقتين تعدان بين الأكثر فقراً في كابل.

تتذكر مهاجرة أياماً صعبة مرت عليها وعلى طفلتيها، وتقول: عانيت الجوع لثلاثة أيام في إحدى المرات، مضيفة: أحياناً لا نأكل سوى الخبز والشاي.

تعتمد مهاجرة اليوم بشكل أساسي على المساعدات القليلة التي تحصل عليها وإن كانت لا تكفيها وعائلتها الصغيرة.

وإن كانت تحاول بقدر المستطاع أن تهتم بطفلتيها، إلا أنها لا تقوى حتى على شراء الحليب لهما، وتقول: ساء وضعنا منذ أن أصبح زوجي مدمناً، حتى إني فكرت ببيع طفلتّي، لكني تراجعت واتكلت على الله وحده قادر على مساعدتي.

ليس لدينا ما يكفي

وفيما كان الرجال والنساء ينتظرون الحصول على حصتهم من الخبز، كان الأطفال يلعبون ويتبادلون الضحكات فيما بينهم.

وقفت طفلتان وضعتا الحجاب جانباً تراقبان عملية التوزيع، وقد ارتدت إحداهما حذاء ممزقاً يفوق قياسه حجم رجليها الصغيرتين.

بعد انتهائه من توزيع الخبز، يقول صاحب الفرن المتواضع مكرم الدين: الناس فقدت أعمالها، ولم يعد لديها أي دخل.. وبسبب ذلك بتنا نستخدم كيساً ونصف الكيس فقط من الطحين مقارنة مع أربعة أكياس في السابق.

تقف نورية إلى جانب 5 نساء أخريات جميعهن يرتدين البرقع الأزرق، الذي تشجع حركة “طالبان” النساء على ارتدائه في البلاد.

اعتادت نورية الحصول على مساعدات قليلة من أصدقاء زوجها المتوفى، لكن حتى هذا لم يعد ممكناً.

وتقول الوالدة لـ5 أطفال: لم يحضروا لنا مشتريات منذ شهرين، ويقولون لي: إنه لم يعد لديهم أموال.

وتقتصد العائلة كثيراً في أكلها.

وتقول نورية: نأكل الأرز أو شوربة الجزر واللفت، ونضع فيها قطعاً من الخبز بدلاً من اللحم.

وتضيف: لا يفهم أطفالي وضعنا الحالي، ولا أقوى أن أقول لهم: إنه ليس لدينا ما يكفي لنأكل.

منذ عودة حركة “طالبان” إلى الحكم، في منتصف أغسطس، جمدت الولايات المتحدة 9.5 مليار دولار من احتياطي المصرف المركزي الأفغاني؛ أي ما يعادل نصف إجمالي الناتج المحلي لأفغانستان في العام 2020.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ علق كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي نشاطهما في بلد كان اقتصاده قائماً على الدعم الدولي، إذ كان يعادل 80% من الميزانية الوطنية.

وعلى وقع التردي الاقتصادي وأزمة السيولة الشديدة، حذرت الأمم المتحدة من مجاعة تهدد 23 مليون أفغاني، ودعت مؤخراً إلى تحرير الأموال المجمدة.

Exit mobile version