البطالة في المجتمعات الإسلامية.. فيروس سريع الانتشار يؤدي إلى الجريمة

قض 

تداعيات أزمة البطالة في المجتمعات الإسلامية أصبحت كالفيروس سريع الانتشار، فقد تجاوزت أمواجها الآثار الاقتصادية لتصل آثارها السلبية إلى حياتنا اليومية من انتشار للجريمة وانحراف للشباب وغيرها.

البحرين: الفقر والبطالة هما من الأسباب الرئيسية للجريمة

في البداية يرى الخبير الاقتصادي البحريني حسين المهدي أن الفقر والبطالة هما من الأسباب الرئيسية للانحراف لدى الشباب وخصوصا صغار السن وأن الأزمات الاقتصادية تؤدي كذلك إلى آثار ضارة على المجتمعات وزيادة في السرقة ومعدلات الإجرام.

كما قال المهدي إن هناك مهنا تشجع على الجريمة مثل البارات إذ ترتفع الجريمة بين الموظفين وكذلك الطباعة القانونية مثل طباعة الأوراق النقدية والشيكات والعاملين في تجارة التجزئة إذ تتعرض بعض المحلات للسرقة قد يقوم بها العاملون فيها.

وقال المهدي في محاضرة بعنوان «التغيرات الاقتصادية وآثارها على المجتمع البحريني»: «نرى أن معدلات السرقة بين الموسرين مرتفعة في الدول الغنية كنوع من باب التغيير وانعدام الوازع الديني والرادع الاجتماعي وان غالبية الدول الفقيرة لا توجد فيها سرقات كبيرة بسبب وجود الترابط بين المجتمع والوازع الديني بين أفراده».

وأضاف «إن زيادة القوة الشرائية وتحسن وضع الإنسان كدولة بصفة عامة يؤدي إلى انخفاض الإجرام وأن معدلات الإجرام في الكويت والمملكة العربية السعودية وخصوصا بين المواطنين أدنى منه لدينا (في البحرين)». والمملكة هي أقل دول المنطقة ثراء بسبب عدم وجود النفط والغاز بكثرة فيها مقارنة بالدول المجاورة.

العراق: عدم توزيع الرواتب يؤثر عليهم وعلى محيطهم

ومن البحرين إلى العراق يرى الباحث في علم الاجتماع لطيف حسين إلى أن أحد أهم عوامل القتل والانتحار في إقليم كردستان هو تدهور الأوضاع الاقتصادية التي تؤدي إلى الكثير من المشاكل.

وأضاف حسين قائلاً: “البطالة والفقر تؤثران ضغطاً كبيراً على نفسية وجسد المرء، وخصوصاً أن أهالي إقليم كردستان أغلبهم موظفون، فعدم توزيع الرواتب يؤثر بشكل كبير عليهم وعلى محيطهم.”

ولفت حسين إلى أن سكان الإقليم بشكل عام يعيشون ضمن أوضاع سياسية واجتماعية غير مستقرة وغير آمنة مشيراً إلى أن الإعلام لا يؤدي دوره في التوعية الاجتماعية بخصوص موضوع عدم تكرار هذه الجرائم وإيجاد حل لها.

ودعا إلى إيجاد حل للوضع الاقتصادي بشكل عاجل، فإهمال وتأخير وضع حل لهذه المشكلة سيجلب معه مشاكل أكبر.”

مصر: ارتفاع معدلات الجريمة يرتبط بشكل كبير بالظروف الاقتصادية

ومن العراق إلى مصر حيث يرى الدكتور محمد هاني، أخصائي نفسي، إن ارتفاع معدلات الجريمة يرتبط بشكل كبير بالظروف الاقتصادية والضغوط النفسية التي يتعرض لها الأفراد نتيجة عوامل عديدة، منها الفقر والقهر والظلم، سواء على المستوى الأسري أو الاجتماعي.

وأضاف أن عدة عوامل أخرى مثل الإدمان والتربية غير السوية تساهم في تنشئة أفراد غير أسوياء، ويعاني المجتمع من سلوكياتهم المضطربة التي تظهر بشكل كبير في سلوكياتهم والجرائم التي يرتكبونها.

فيما أوضحت الدكتورة أمل رضوان، أستاذ علم الاجتماع والعلاقات الأسرية أن الجريمة في أي مجتمع ترتبط بظروف المجتمع نفسه، لذا فزيادة معدل الجرائم في المجتمع المصري ترتبط بظروفه وخصائصه وكذلك المتغيرات التي حدثت به.

وتابعت أن من أهم تلك الأسباب، هو ضعف الوازع الديني والفهم الخاطئ للدين، بالإضافة إلى الكثير من الأخطاء التي تحدث في التربية، فالتربية هي حجر الأساس في تشكيل الشخصية وتنشئتها تنشئة سوية وغياب دور الآباء في التربية وانشغالهم بالحياة المادية ومحاولة توفير متطلبات الحياة وإهمال الإشباع العاطفي للأبناء، كما أن أخطاء التربية تقود إلى جيل منحرف.

وتابعت رضوان: وكذلك البطالة والفقر والضغوط الاقتصادية التي تلعب دوراً أساسياً في زيادة معدلات الجريمة والجهل، فكلما ارتقى المستوى الثقافي والتعليمي في المجتمع قلت معدلات الجريمة، بينما انتشار الجهل وغياب الوعي يؤدي إلى زيادة معدلات الجريمة.

لبنان: ضرب المنظومة القضائية والأمنية ساهم بتفشي الجريمة

ومن مصر إلى لبنان ومع تصاعد الأزمة الاقتصادية في لبنان، تشهد مدنه وبلداته تصاعدا في ظاهرة السرقة بأساليب ومعدلات غير مسبوقة، تطال الأملاك العامة والخاصة، ولا سيما تلك القابلة للبيع -كالخردة- بالدولار في السوق السوداء، حيث تجاوز صرفه سقف الـ23 ألف ليرة، بينما يصرف رسميا بـ1500 ليرة، كرقم وهمي لا يعكس قيمة العملة واقعيا.

وكشف تقرير أعدته الشركة “الدولية للمعلومات” اللبنانية عن ارتفاع كبير بمعدلات جرائم السرقة والقتل، وقارنت الشهور العشرة الأولى من 2021 بالفترة عينها من عام 2019، أي قبل أن تتدحرج عجلة الانهيار في لبنان.

وبحسب التقرير -الذي صدر مؤخرا- ارتفعت جرائم السرقة بنسبة 265%، وجرائم القتل 101%. ففي هذه الفترة عام 2019 وقع في لبنان 89 جريمة قتل، بينما وقعت 179 جريمة بالفترة عينها في 2021.

أما السرقة، فارتفعت من 1314 حادثة في 2019 إلى 4804 في 2021. وضرب التقرير مثالا عن ارتفاع معدل سرقة السيارات بنسبة 213%، من 351 سرقة في الفترة المستهدفة عام 2019 إلى 1097 في 2021.

وبالتوازي، تفيد بيانات قوى الأمن الداخلي -في مقارنة بين عامي 2020 و2021- بوجود أرقام مختلفة تعكس تقاربا نسبيا بينهما، لكنها سجلت ارتفاعا كبيرا في معدلات القتل والسرقة مقارنة مع الفترة نفسها قبل خريف 2019.

وقالت الأكاديمية والرئيسة السابقة لمعهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية مها كيال  إن الأزمات التي يمر بها لبنان -وتحديدا منذ نهاية 2019- وضعت سكانه أمام تحديات كثيرة، بعد أن خسروا مقدراتهم، وجعلتهم في سباق يومي مشحون بالقلق والخوف، لتأمين أساسيات عيشهم. وهذا الحال -تقول كيال- يعزز تلقائيا أرضية العنف، “مقابل غياب السلطات، التي لا تضع أفقا للحل وتبشر بالأسوأ”.

وتلحظ الأكاديمية أن اللبناني متروك لأجواء عنفية تهيمن على مناخه العام، خصوصا بعد تبديد الطبقة الوسطى التي جسدت سابقا التوازن في المجتمع.

وقالت إن ضرب المنظومة القضائية والأمنية ساهم بتفشي الجريمة، حيث لا يُلاحق السارقون والمجرمون ولا يحاسبون، مقابل الاحتكام للفوضى واضطهاد الأقوى للأضعف، مذكرة أن لبنان شهد جريمة العصر بتفجير المرفأ، والجميع يهرب من المحاسبة. لذا، فإن تغيير السلم القيمي، مقابل تراجع نماذج رافعة للمجتمع بسبب هجرتها أو انكفائها وتفكك الطبقة الوسطى، أضعف سبل حماية اللبنانيين برأيها.

Exit mobile version