/tmp/yyjco.jpg هل أصبح غزو روسيا لأوكرانيا أمراً حتمياً؟ هذه خيارات أوروبا وأمريكا للمواجهة بعد فشل الدبلوماسية – مجلة المجتمع الكويتية

هل أصبح غزو روسيا لأوكرانيا أمراً حتمياً؟ هذه خيارات أوروبا وأمريكا للمواجهة بعد فشل الدبلوماسية

 

وصلت المحادثات بين الولايات المتحدة الأمريكية وقادة من “الناتو” مع روسيا حول أزمة أوكرانيا إلى طريق مسدود، هذا ما أعلنته موسكو، وما أكده كذلك الأمين العام لحلف “الناتو”، ينس شتولتنبرغ، الخميس 13 يناير 2022، الذي حذر مما وصفه “خطراً حقيقياً لنشوب صراع مسلح جديد في أوروبا”، فكيف انتهت هذه المحادثات، وهل تكون الحرب أكثر احتمالاً؟ وما خيارات أوروبا وأمريكا لمواجهة الغزو الروسي لكييف؟

ما الذي حققته محادثات أوكرانيا؟

كشف وزير خارجية بولندا، الخميس 13 يناير 2022، أن أوروبا تواجه خطر الدخول في حرب، بعد أن قالت روسيا: إنها لم تتخلَّ بعد عن الدبلوماسية، لكن خبراء عسكريين يجهزون خيارات؛ تحسباً للفشل في تهدئة التوتر بشأن أوكرانيا، في وقت جدّدت فيه واشنطن التزامها بتقديم “مساعدة دفاعية” للجيش الأوكراني، بحسب ما نشرت وكالة “رويترز”.

موسكو قالت: إن الحوار وصل إلى طريق مسدود، بينما تسعى لإقناع الغرب بمنع انضمام أوكرانيا لعضوية حلف شمال الأطلسي ووقف توسع الحلف في أوروبا، وهي مطالب وصفتها الولايات المتحدة بأنها مستحيلة.

والفجوة بين ما كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها على استعداد للحديث عنه: قيود متبادلة على الصواريخ والتدريبات العسكرية وتدابير بناء الثقة الأخرى، وبين ما كانت تطالب به موسكو: الضمانات بأن أوكرانيا ودول الكتلة السوفييتية السابقة الأخرى لن تنضم أبداً إلى “الناتو”، كانت كبيرة منذ بداية المفاوضات، ولكن على الأقل تم اختبار إمكانية إيجاد أرضية مشتركة، وتم إعطاء الدبلوماسية فرصة، كما تقول صحيفة “الغارديان” البريطانية.

ما دلالات جدية روسيا بغزو أوكرانيا؟

من الواضح الآن أن روسيا لم تكن تستخدم حشد قواتها ومطالباتها بشأن “الناتو” كخدعة لتحقيق مكاسب في مسائل أخرى، بحسب “الغارديان”، فقد أتاحت الاجتماعات الثلاثة هذا الأسبوع فرصاً لموسكو للخروج من الأزمة وإيجاد حل يحفظ ماء الوجه، لكن موسكو لم تتخذها، لم يعد هناك شك في أن فلاديمير بوتين يسعى إلى ما لا يقل عن تغيير في الأمن الأوروبي، مع تقليص وجود الناتو على طول حدوده.

هل من المحتمل أن يكون هناك المزيد من الدبلوماسية؟

لم يذكر المسؤولون الروس، يوم الخميس 13 يناير 2022، أن هناك رغبة كبيرة لدى موسكو في إجراء مزيد من المحادثات الدبلوماسية، اقترح البولنديون إجراء حوار مكثف حول القضايا الأمنية في إطار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، لكن الروس قالوا طوال الوقت: إنهم يريدون حلاً سريعاً، بدلاً من “الحديث المستمر للتعبير عن المظالم”، واقترحت أوكرانيا عقد قمة لمعالجة الأزمة، هذه المرة مع كييف على الطاولة، لكن لم يكن هناك أي رد من موسكو.

ماذا سيحدث بعد فشل المفاوضات؟

يعود الدبلوماسيون إلى عواصمهم لمناقشة الخطوات التالية، ستتجه كل الأنظار إلى موسكو وتحركات القوات والمدرعات الروسية على حدود أوكرانيا، ومن المقرر أن يعقد وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، مؤتمراً صحفياً يوم الجمعة 14 يناير 2022، يوضح فيه التالي بالنسبة لبوتين. وطالب الروس الولايات المتحدة بإعطاء تعليقات مكتوبة على مسودة الاتفاقات التي نشرتها موسكو في ديسمبر الماضي، التي تشمل القيود المقترحة على “الناتو”، ولم يتضح بعد ما إذا كانت واشنطن ستقدم تلك الردود المكتوبة التي تلخص اعتراضاتها.

هل ستندلع الحرب إذن؟

بات من الواضح أيضاً أن الولايات المتحدة وحلفاءها ليسوا على استعداد لتقديم حيلة بشأن عضوية أوكرانيا في الناتو، مع الاعتراف بأن ذلك غير مرجح في المستقبل المنظور، بعد فشل المحادثات الآن وتمسك موسكو بموقفها وشروطها، بات الغرب يعلم أن بوتين مستعد للذهاب إلى حافة الحرب.

وتشير صحيفة “الغارديان” إلى أن نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر غروشكو، خرج من المحادثات الأخيرة والتي استمرت أربع ساعات، مجدِّداً تهديد موسكو بأنها ستتخذ خطوات عسكرية إذا لم تُتخَذ الإجراءات السياسية الكافية “لتحييد التهديدات”، التي يقول إن بلاده تواجهها.

كما قال غروشكو: إنه أخبر ممثلي حلف الناتو (حلف شمال الأطلسي)، بأنَّ “مزيداً من التدهور في الموقف الحالي قد يؤدي إلى أكثر العواقب غير القابلة للتنبؤ، ويمثل خطورة على الأمن الأوروبي”.

البيت الأبيض من جانبه قال: إن خطر الغزو الروسي لأوكرانيا لا يزال كبيراً في ظل انتشار قرابة 100 ألف جندي روسي، فيما ستنشر الولايات المتحدة خلال 24 ساعة معلومات للمخابرات تشير إلى أن روسيا ربما تسعى لاختلاق ذريعة لتبرير الغزو.

وقال مايكل كاربنتر، سفير الولايات المتحدة لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، عقب محادثات مع روسيا في فيينا: “أصوات طبول الحرب تدوي عالياً، ولهجة الخطاب أصبحت أكثر حدة”.

أما مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان فقد قال للصحفيين: “خطر الغزو العسكري كبير”، مضيفاً أنه “لم يتم تحديد أي مواعيد لأي محادثات أخرى. يجب أن نتشاور مع الحلفاء والشركاء أولاً”.

ما خيارات أوروبا وأمريكا لمواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا؟

يقول المتحدّث باسم البنتاغون جون كيربي: إنّ وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن تطرّق خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، الخميس، إلى الدعم الأمريكي لكييف، وأضاف أنّ الوزير الأمريكي “أكّد من جديد دعم الولايات المتحدة الراسخ لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، بما في ذلك الجهود الراهنة لتعزيز قدرات القوات الأوكرانية من خلال تقديم مساعدة دفاعية”.

وأوضح كيربي أنّ الوزيرين لم يناقشا أسلحة محدّدة، لكنّ سيّد البنتاغون “أعاد التأكيد على التزامنا بمساعدة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها”.

وزوّدت واشنطن كييف بأسلحة خفيفة وسفن دوريات وقاذفات صواريخ مضادّة للدروع من طراز جافلين، لكنّ العديد من أعضاء الكونغرس يطالبون البيت الأبيض بأن يفعل المزيد على هذا الصعيد.

لكن الرئيس بايدن أكد، في أوائل ديسمبر الماضي، أن إدارته لا تفكر في إرسال قوات إلى أوكرانيا، نظراً لأن أوكرانيا، من بين أسباب أخرى، ليست عضواً في حلف “الناتو” ولا تخضع لالتزامها بالدفاع الجماعي.

وبدلاً من ذلك، قال بايدن: إنه سيعزز الوجود العسكري الأمريكي في دول “الناتو” المتاخمة لروسيا، وفي إشارة إلى بوتين، وعد بايدن بأنه ستكون هناك “عواقب اقتصادية لم يسبق لها مثيل”.

وألمح المسؤولون الأمريكيون إلى أن واشنطن قد تلجأ إلى فرض عقوبات اقتصادية كبيرة على المسؤولين الروس، وهناك أيضاً خيار عزل روسيا عن النظام المصرفي الدولي، على الرغم من أن المحللين قالوا: إن هذا غير مرجح.

بالنسبة لأوروبا، فقد أصبح الأمر بالنسبة لها على المحك، حول ما إذا كان بإمكانها السماح لبوتين بتغيير الهيكل الأمني ​​الذي ساعد في الحفاظ على السلام في القارة منذ الحرب العالمية الثانية. كما كشف الصراع ضعف الاتحاد الأوروبي وفشله كقوة للسياسة الخارجية في العلاقات الدولية.

ولم يكن للاتحاد الأوروبي مقعداً على الطاولة في معظم المحادثات الأخيرة مع روسيا، التي تتعلق بالأمن الأوروبي، وبات يشعر قادة الاتحاد بمزيد من التهميش.

وتقول أوروبا: إنها ستفرض “عقوبات كبيرة” على روسيا إذا ما قررت غزو أوكرانيا، لكن القارة العجوز تتمتع بعلاقات تجارية مهمة مع روسيا، وستخسر أكثر بكثير مما تخسره الولايات المتحدة من العقوبات المفروضة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، كما أنها تعتمد على إمدادات الغاز الروسي بشكل كبير، وهي نقطة ضعف استغلها بوتين في النزاعات السابقة.

وبحسب تحليل لمؤسسة “atlantic council”، يمكن للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين وغيرهم مثل كندا وبولندا واليابان، النظر في توسيع الشركات الخاضعة للعقوبات الحالية أو فرض قيود أكثر صرامة مثل عقوبات الحظر الكامل، والتي تشمل تجميد الأصول وحظر جميع المعاملات. عادةً ما تأخذ المداولات بشأن العقوبات في الاعتبار الآثار غير المباشرة على اقتصادات الولايات المتحدة وشركائها، لكن سياسات العقوبات التي تهدف إلى تخفيف خطر الغزو الروسي أو ضم الأراضي ستتطلب قدراً أكبر من التسامح مع تلك الآثار غير المباشرة.

ويخضع قطاعا المال والطاقة الروسيان حالياً لحظر الولايات المتحدة الذي يقيد الوصول إلى أسواق رأس المال للعديد من الكيانات الحكومية الكبرى المملوكة للحكومة، إلى جانب قيود منفصلة على وصول روسيا إلى تقنيات استخراج النفط المتطورة. كان لهذه العقوبات تأثير تراكمي بمرور الوقت، مما أدى إلى تباطؤ النمو الاقتصادي الروسي وتقييد هذه الشركات، لكنها لم تعوق العمليات التجارية اليومية لها.

وتقول أتلانتيك كاونسل: إن العقوبات ليست خالية من التكلفة أو المخاطر، يمكن لجميع الخيارات أن تسبب قدراً من الألم للحكومات أو الشركات الغربية، لكن إظهار التصميم على مقاومة “عدوان بوتين” على أوكرانيا، وتحمل تكاليف القيام بذلك، والعمل قدر الإمكان كمجتمع موحد عبر الأطلسي، قد يكون أفضل طريقة لردع الكرملين.

Exit mobile version