سر انتصار إثيوبيا المفاجئ على تيجراي

 

ما سر التقدم المذهل الذي حققته قوات الحكومة الإثيوبية تحت قيادة رئيس الوزراء آبي أحمد في الصراع العسكري مع متمردي تيجراي المستمر منذ عام؟

كل التقارير العسكرية كانت تشير إلى أننا سنرى في إثيوبيا يوماً أسود بعدما اتحدت قوات تيجراي والأورومو المعارضة وبدؤوا الزحف على العاصمة أديس أبابا، وبدأت البعثات الأجنبية ترحل والقوات على بعد 200 كلم من العاصمة.

هل حسمت مسيَّرات “بيرقدار” الحرب لصالح قوات الحكومة الإثيوبية، كما فعلت في ليبيا، وقرة باغ، لكن إثيوبيا فضلت ألا تنشر ذلك وتثيره على الملأ كي لا يبدو الانتصار منسوباً لطائرات تركيا، وإنما لأبي أحمد؟

أم أنه شرط تركي عدم الإعلام لعدم إغضاب مصر رغم أن المسيّرات التركية شوهدت تجوب السماء الإثيوبية بـ”صمت” بلا ضجة إعلامية كما حدث في حرب تحرير إقليم قره باغ الأذربيجاني عام 2020، وليبيا 2019م؟

وسائل الإعلام العالمية سلطت الضوء على الدور الرئيس الذي أدته مسيّرات “بيرقدار تي بي 2” في حسم المعركة وإعادة المتمردين إلى معاقلهم مُجبَرين.

وعلى الرغم من عدم صدور تصريحات رسمية من كلا البلدين تؤكد إرسال مسيّرات تركية لحسم الصراع العسكري الدائر مع متمردي تيجراي الذين كانوا على بعد 130 كلم فقط من العاصمة أديس أبابا، فإن تسريبات لوكالة “رويترز” كشفت عن أن إثيوبيا تقدمت بطلبات رسمية لتركيا لشراء مسيّراتها المسلحة.

كما أفاد تقرير نُشر مؤخراً بصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية بأن مسيَّرات “بيرقدار” كانت أحد أهمّ عوامل تغيُّر موازين الصراع الداخلي في إثيوبيا لصالح الحكومة.

وجاء في التقرير الذي نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في أواخر العام الماضي تحت عنوان “الطائرات المسيرة الأجنبية رجحت كفة الحرب الأهلية في إثيوبيا”، أن المسيّرات التركية قد حسمت الصراع في إثيوبيا لصالح قوات الحكومة، تماماً كما فعلت في ليبيا، وإقليم قره باغ الأذربيجاني.

ووفقاً لكاتب التقرير دكلان والش، فإن الفضل في قلب الموازين بشكل سريع ومذهل لم يكن ناتجاً عن بطولة وشجاعة القوات الإثيوبية، كما أشاد الحائز على جائزة “نوبل” آبي أحمد بجنوده، لكن الأبطال الحقيقيين الذين غيروا مصير الحرب كانوا يحلّقون في السماء، في إشارة إلى أسطول المسيّرات التي استخدمتها القوات الإثيوبية.

ولفت ولش إلى أنه على مدى الأشهر الأربعة الماضية زودت تركيا والإمارات وإيران آبي أحمد بشكل غير معلن ببعض أحدث الطائرات المسيرة المسلحة، حتى عندما كانت الولايات المتحدة والحكومات الأفريقية تحثّ على وقف إطلاق النار ومحادثات السلام، وفقاً لدبلوماسيَّين غربيَّين علّقا على الأزمة وتحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما.

ويشير والش إلى أن الطائرات التركية وصلت في الوقت المناسب، خصوصاً أنها غيرت موازين الصراع المستمر منذ أكثر من عام وقلبتها لصالح آبي أحمد بعد أن كاد يخسر العاصمة أديس أبابا قبل أشهر قليلة.

وخلال العامين الماضيين، ازداد طلب شراء مسيّرات “بيرقدار تي بي 2” في جميع أنحاء أفريقيا وآسيا وأجزاء من أوروبا، بعد الأداء العسكري الكبير الذي قدمته هذه المسيّرات في المعارك التي خاضها الجيش التركي مؤخراً بشكل مباشر أو غير مباشر في سورية والعراق وليبيا وأذربيجان.

إثيوبيا و”بيرقدار”

خلال زيارته أنقرة ولقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أغسطس 2021، وقّع آبي أحمد اتفاقية تعاون عسكري بين تركيا وإثيوبيا، لتعزيز قدرة جيشه وتزويده بأحدث الأسلحة والمعدات التركية التي أثبتت كفاءتها في نزاعات عديدة.

رغم عدم نشر تفاصيل اتفاق التعاون العسكري بين تركيا وإثيوبيا، نقلت وكالة “رويترز”، في أكتوبر 2021، عن مسؤولين أتراك أن إثيوبيا طلبت طائرات تركية من طراز “بيرقدار تي بي 2” التي تُعتبر من أكثر الأسلحة كفاءة وفاعلية بين نظيراتها في العالم.

سبب لجوء إثيوبيا لطائرات تركيا هو نجاحها في معارك مشابهة مع متمردين مثل قوات الانقلابي حفتر في ليبيا، وقوات جيش أرمينيا في قره باغ، وغيرهما.

حيث فشلت قوات آبي أحمد في السيطرة على تيجراي، منذ اندلاع الحرب في إثيوبيا، أواخر عام 2020، فقد لقيت القوات الفيدرالية التي ذهب إلى تيجراي للسيطرة عليها هزائم كبيرة.

ثم سعي التيجري لرد الهجوم بالتحالف مع فصائل إثيوبية أخرى معارضة لابي أحمد وزحفت على العاصمة لإسقاطه الأمر الذي كاد يكلّف حكومة آبي أحمد خسارة العاصمة لصالح المتمردين، وهو ما دفعه إلى ترك منصبه والتفرغ للقتال على الجبهة.

وأظهرت بيانات ارتفاع صادرات الدفاع والطيران التركية إلى إثيوبيا إلى نحو 51 مليون دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021 من 203 آلاف دولار في الفترة نفسها من عام 2020، إلى جانب القفزات التي حققتها في أغسطس وسبتمبر 2021م، وفقاً لجمعية المصدرين الأتراك.

وبحسب الصحف الغربية، قصفت المسيّرات التركية متمردي تيجراي وقوافل إمداداتهم في أثناء دفعهم على طريق سريع رئيس باتجاه العاصمة أديس أبابا، مما أدى إلى تراجعهم منذ ذلك الحين نحو 430 كيلومتراً عن طريق البر إلى الشمال، لتُمحى بذلك شهور من المكاسب في ميدان المعركة.

وفي نهاية العام الماضي، حقّق الجيش الإثيوبي تقدُّماً مكّنه من استعادة السيطرة على البلدات والمدن الرئيسة في منطقتَي أمهرة وعفر المجاورتين اللتين سيطر عليهما مقاتلو تيجراي في وقت سابق، كما أجبر هذا التقدم مسلحي الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي على التراجع إلى منطقتهم الأصلية، خصوصاً أنهم كانوا أهدافاً سهلة أمام هجمات المسيّرات.

Exit mobile version