السودان.. هل تصبح خارطة حزب الأمة نقطة انطلاق المبادرة الأممية؟

 

من جديد، سلطت الأضواء على خارطة الطريق التي أعلنها حزب الأمة القومي بالسودان أواخر الشهر الماضي، وأكد عليها قبل نحو أسبوع وتحديدا غداة استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

وتباينت الآراء حول تلك الخارطة، إذ اعتبرها البعض نواة تنطلق منها المبادرة الأممية التي أعلنت السبت، لحل الأزمة بالبلاد، لا سيما أن الاثنتان تتبنيان الحوار، فيما رأى آخرون أن الخارطة تجاوزها الزمن مع زيادة القتلى بين المتظاهرين.

وبعد ساعات من إعلان الأمم المتحدة، السبت، عن إطلاقها “مشاورات أولية” لعملية سياسية شاملة بين الأطراف السودانية، جدد حزب الأمة القومي تمسكه بـ”خارطة الطريق لاستعادة الشرعية”.

وأكد الحزب في بيان السبت، أن أجهزته تركز الآن على التواصل مع القوى السياسية للحوار والتوافق حول خريطة الطريق، التي أعلن عن محاورها في 29 ديسمبر/ كانون أول.

والسبت، أعلن رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال بالسودان “يونيتامس” فولكر بيرتس، إطلاق مشاورات “أولية” لعملية سياسية شاملة بين الأطراف السودانية لحل أزمة البلاد. دون تحديد زمن او تفاصيل عن آليات عمل العملية السياسية.

ولاقت المبادرة ترحيبا من عدة دول بينها واشنطن، وكذلك جامعة الدول العربية، كما رحب بها مجلس السيادة، فيما قالت قوى إعلان “الحرية والتغيير” إنها “ستتعاطى إيجابا” مع أي جهد دولي يساعد في تحقيق غايات الشعب السوداني، بينما أعلن “تجمع المهنيين” (قائد الحراك الاحتجاجي)، رفضه للمبادرة.

وفي 2 يناير/كانون الثاني الجاري، استقال حمدوك من منصبه، بعد ساعات من سقوط 3 قتلى خلال تظاهرات شهدتها البلاد.

وفي أول تعليق لحزب الأمة القومي عقب استقالة رئيس الوزراء، قال إن الطريق الوحيد لخلاص الوطن من أزمته هو “استئناف الشرعية والتحول إلى المباشر إلى الحكم المدني”.

والإثنين الماضي، غداة استقالة حمدوك، أعلن حزب الأمة القومي، تجديده طرح عن “خريطة الطريق لاستعادة الشرعية واستكمال الفترة الانتقالية”، معلنا اعتزامه مواصلة العمل لإنجاحها، وذلك بعدما أعلنها لأول مرة أواخر الشهر الماضي.

وقال الحزب في بيان الإثنين، إنه “وجه لجانه المكونة للاتصال بالقوى السياسية والثورية ولجان المقاومة لطرح خريطة طريق استعادة الشرعية، بسرعة استكمال عملها توطئة لعقد اللقاء الجامع عبر مائدة مستديرة للتوافق حول خريطة طريق المستقبل الوطني”.

والثلاثاء، قال قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في تصريح صحفي إن “أبواب الحوار ستظل مفتوحة مع جميع القوى السياسية وشباب الثورة من أجل التوافق على استكمال هياكل الفترة الانتقالية والسير في طريق التحول الديمقراطي وصولا إلى انتخابات حرة تأتي بحكومة مدنية منتخبة”.

وشدد على “ضرورة استمرار الحوار بين الأطراف كافة للخروج ببرنامج توافق وطني لإدارة الفترة الانتقالية”.

غداة تلك التصريحات، قال إعلام محلي، إن “حزب الأمة القومي”، سلم البرهان، نسخة من خارطة الطريق “لاستعادة الشرعية واستكمال مهام المرحلة الانتقالية” بالبلاد، مؤكدا سعيه لجمع الصف الوطني.

ووعد البرهان، وفق المصادر ذاتها، بدراسة خريطة الطريق والرد عليها، فيما أكد حزب الأمة أن هذه الخطوة تهدف إلى “الاتفاق حول مضامين الرؤية، والعمل معا لاتفاق كافة شركاء المرحلة الانتقالية في تحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود”.

محاور الخارطة الطريق:

وشملت خارطة الطريق 13 محورا على رأسها الشرعية التي حددت بأن تكون الشرعية في الحكم هي “الشرعية الثورية المبنية على الشراكة بالتراضي والتوازن بين المدنيين والعسكريين (وضع أشبه بما قبل إجراءات 25 أكتوبر)”.

وبالإضافة للمحاور الأخرى وهي “الدستور وإصلاح واستكمال مؤسسات الانتقال، و العلاقات الخارجية، والسلام، والعدالة الانتقالية، والاقتصاد، وإصلاح الخدمة المدنية، والأمن والقوات النظامية، ومحاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة وازالة التمكين، و الانتخابات، ومجلس شركاء الفترة الانتقالية، واخيرا المؤتمر القومي الدستوري”.

وحددت خارطة الطريق آليات استئناف الشرعية بدءا من توحيد قوى التحول الديمقراطي حول الموقف التفاوضي، وبحث التفاوض والتراضي مع المكون العسكري لمائدة حوار لا يستثنى أحد.

كما تضمنت المبادرة، عقد مؤتمر تأسيسي يضم كل الشركاء لإجازة خطة استئناف الشرعية واستكمال المرحلة الانتقالية ومؤسساتها، والاتفاق على مصفوفة زمنية لتنفيذ مهام الفترة الانتقالية.

وبقراءة وتحليل السياقات السابقة، رأى المحلل السياسي عثمان فضل الله، أن مبادرة حزب الأمة القومي التي طرحت “كان يمكن البناء عليها باعتبارها مخرجا جيدا من الأزمة”.

واستدرك في حديثه للأناضول: “لكن الآن قد فات الأوان عليها وتجاوزتها الأحداث وأصبح الحديث عن حوار في ظل ارتفاع قتلى الاحتجاجات، ليس ذوي جدوى”.

وتقول لجنة أطباء السودان (غير حكومية)، إن عدد القتلى من المتظاهرين منذ 25 أكتوبر/تشرين أول، نحو 60 متظاهرا، فيما تلتزم السلطات الصمت تجاه الأمر.

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي يوسف سراج، أن خارطة الطريق التي قدمها حزب الأمة “قد تكون نواة للمبادرة الأممية التي تبنتها بعثة يونتاميس، ويمكن للبعثة الانطلاق منها”.

وأضاف: “الخريطة تدعو للعودة إلى ما قبل 25 أكتوبر أي الشراكة بين العسكر والمدنيين وتعديل الوثيقة الدستورية للعام 2019 (خاصة بترتيبات الحكم في البلاد بعد الإطاحة بالرئيس المعزول عمر البشير)، وهذه نقطة التقاء مع العملية الأممية التي تدعو لحوار بين الجميع مدنيين وعسكريين”.

واستدرك: “لكن هذا سقف منخفض جدا أمام مطلوبات الشارع التي تدعو لإزاحة المكون العسكري بكامله عن السلطة”.

ومنذ 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشهد السودان احتجاجات ردا على إجراءات استثنائية، أبرزها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وعزل عبد الله حمدوك، واعتقال مسؤولين وسياسيين.

وفي 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقع البرهان، وحمدوك اتفاقا سياسيا تضمن عودة الأخير إلى منصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، إلا أن الاتفاق لقي معارضة من جانب المحتجين.

وفي 2 يناير/كانون الثاني الجاري، استقال حمدوك من منصبه، بعد ساعات من سقوط 3 قتلى خلال تظاهرات شهدتها البلاد.

 

Exit mobile version