تيسيراً لنقل جثامين المصريين المغتربين بالخارج.. وثيقة تأمين جديدة برسوم محدودة تثير الجدل

 

مات هيثم محمد فجأة في سكنه بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية قبل شهور، شاب لم يبلغ الأربعين عاماً، كان يعمل في شركة سياحة دينية، وترددت أسرته في مصر بين دفنه في البقيع بالمدينة، أم في مسقط رأسه بأسيوط جنوباً، حيث تخشى العائلة أن يقال: إنها ألقت بابنها في الغربة، لو جرى دفنه بالخارج، كما قال ذووه.

بعد أسبوعين من الجهود، جيء بجثمان هيثم، ووري الثرى في مسقط رأسه، تكلفت هذه العملية مبالغ قاربت 200 ألف جنيه (نحو 12 ألف دولار).

ومع تكرار مثل هذه الظاهرة، أطلقت وزارة الهجرة وثيقة تستهدف تيسير نقل جثامين المتوفين من المغتربين خارج البلاد، فضلاً عن مزايا أخرى، وأعلنت عن قيام مصريين مغتربين بتسجيل 1119 وثيقة تأمين بالخارج حتى الأحد الماضي، بعد بدء تفعيلها منذ مطلع العام الحالي.

ويجري استخراج الوثائق بالتعاون بين وزارات الداخلية وهيئة الرقابة المالية والاتحاد المصري للتأمين.

وقالت وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج، السفيرة نبيلة مكرم: نتعامل مع شرائح كثيرة، ويعد تجمع المصريين في الخليج هو الأكبر، ولهم طلبات كثيرة ومتنوعة، وكان طلب نقل وشحن الجثامين إلى أرض الوطن هو المطلب الأساسي.

وتابعت الوزيرة خلال مداخلة هاتفية على “القناة الأولى” المصرية: “في السابق، كان يتوجب على الأسرة أن تقدم شهادة لكي تحصل على موافقة بشحن الجثمان دون تكلفة، ولاستصدار هذه الشهادة كانت الأسرة ملزمة بالتواصل مع وزارة التضامن في مصر، التي تقوم بعمل بحث وترسل للقنصلية، وهي إجراءات طويلة”.

https://www.youtube.com/watch?v=d6u6s4DGfdw&feature=emb_imp_woyt

إجراءات ميسرة

الوثيقة هي الأولى من نوعها فيما يتعلق بشحن الجثامين، بحسب تصريحات مسؤولين، وتبلغ قيمتها مائة جنيه سنوياً، ويتم شراؤها إما من المنصة الإلكترونية للمجمعة التأمينية التي أصدرتها أو من منافذ الخروج.

ويجري تطبيق التأمين للمصريين بالخارج في حالة الوفاة، وتعد المجمعة المصرية لتأمين السفر للخارج أساسًا للتعاقد للتأمين، وتلتزم بدفع مبلغ 100 ألف جنيه فقط تعويضاً (نحو 7 آلاف دولار) لأسرة المتوفى، هي قيمة التكلفة الفعلية لتجهيز وشحن ونقل الجثمان إلى البلاد طبقًا للمستندات التي تقدم للمجمعة، ثم يوزع باقي المبلغ على الورثة الشرعيين طبقًاً لإعلام الوراثة الذي يتم تقديمه للمجمعة.

ومن ضمن شروط الحصول على التأمين للمصريين العاملين والمقيمين بالخارج، أن يكون السن الأقصى للمؤمن عليه 65 عامًا، كما أنه عند وقوع حادث أو وفاة يتم إخطار المجمعة خلال 7 أيام من طرف المؤمن عليه أو من ينوب عنه.

ومن الضروري تقديم المستندات المطلوبة للمجمعة المصرية والتأخر في تسليمها يسقط الحق في المطالبة بالتعويض.

ليست جديدة

وأكد رضا، وهو عامل مصري بالإمارات، أن هذه الوثيقة ليست جديدة، إذ جرى منذ سنوات فرض رسوم وثيقة تأمين قدرها 300 جنيه (20 دولاراً) لكل من يستخرج جواز سفر، وكانت الرسوم لنفس الأسباب المذكورة في الوثيقة الجديدة، متسائلاً: بدلاً من ذلك كان يمكن للوزارة أن تزيد الرسوم وكفى.

أما عن العاملين في الخليج تحديداً، فيؤكد أسامة، وهو طبيب يعمل بالمملكة العربية السعودية، أن بعض نظم العمل في دول الخليج يوجب على صاحب العمل التأمين على منتسبيه، ونقل جثمان المتوفى لبلاده حال الوفاة، فلا حاجة لأمثاله لهذه الوثيقة.

ولفت مترجم يعمل في الإمارات، رفض ذكر اسمه، إلى أن كل مسافر يتوجب عليه دفع رسوم تجديد جواز للسفر تبلغ 420 جنيهاً (نحو 27 دولاراً) رسوم وثيقة التأمين، فضلاً عن 300 جنيه (20 دولاراً) مع تجديد جواز السفر أو استخراجه لأول مرة رسوماً إجبارية، فما الحاجة لرسوم جديدة؟ يتساءل المغترب.

وبلغ عدد المقيمين بالخارج نحو 9 ملايين مصري، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وهو رقم لا يعكس الحقيقة، بحسب وزيرة الهجرة، حيث لم يسجل كل المغتربين بياناتهم لدى السفارات، بينما يمكن أن يكون العدد مرة ونصف مرة العدد المسجل، وفق تقديرات غير رسمية.

وأظهرت البيانات أن أغلب المقيمين بالخارج موجودون في الدول العربية، بعدد يقترب من 7 ملايين، بنسبة 68.4% من جملة المغتربين، وذلك في نهاية عام 2017م، وتراجع هذا العدد إلى 4.9 مليون بنسبة 54.6% من إجمالي المقيمين بالخارج في نهاية عام 2019م، بسبب تدهور الأحوال في عدد من البلدان العربية.

https://twitter.com/moussax7/status/1477572307036086273

 https://twitter.com/samehabdullah/status/1477465804224573440

https://twitter.com/samehabdullah/status/1477465804224573440

https://www.facebook.com/egyptian2011jan/posts/10158919717552921

جباية أم خدمة؟

وأعرب مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية والإستراتيجية ممدوح المنير عن اعتقاده بأن الهدف الوحيد من هذه الوثيقة هو ابتداع طريقة جديدة لجمع الأموال من المصريين بعد أن زادت الديون الخارجية بشكل غير مسبوق، حيث إن حجم الدين الخارجي في مصر بلغ 137.85 مليار دولار، بينما بلغ حجم الدين المحلي 270 مليار دولار بواقع 4.7 تريليون جنيه، ما يوازي نحو 35.5% من إجمالي ديون الشرق الأوسط في عام 2020م، وفق تقرير للبنك الدولي.

ودلل المنير على اعتقاده ذلك بالإشارة إلى أن هناك وثيقة تأمين بالفعل لنفس الغرض بقيمة 300 جنيه عند إصدار أو تجديد جواز السفر، لافتاً إلى “غياب أي رقابة حقيقية” على هذه الأموال، وفي ظل إدراك غالبية المصريين في الخارج أن عليهم “الاعتماد على أنفسهم بعد الله وليس على وزارة الخارجية في رعاية مصالحهم”.

بالمقابل، أشاد رئيس بيت العائلة المصرية بجنيف (تجمع أهلي) جمال حماد بقيام وزارة الهجرة بتطبيق وثيقة التأمين على المصريين المقيمين والعاملين في الخارج، مؤكدًا أنه مطلب طال انتظاره منذ سنوات طويلة.

وتابع حماد في تصريحات صحفية بأن قرار إصدار وزارة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج لتطبيق التأمين للمصريين العاملين والمقيمين في الخارج كان له أثر إيجابي كبير بين صفوف العديد من أبناء مصر.

وأشار إلى أن أزمة شحن الجثامين كانت تؤرق جميع المغتربين في الخارج، معرباً عن توقعاته بأن يكون هناك إقبال كبير من مصريي الخارج للاشتراك في هذه المظلة التأمينية.

وأوضح عضو لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب المصري أحمد الألفي، في بيان له، أن هذه القرارات منحت امتيازات الدعم التأمينية مقابل قسط تأميني زهيد يقدر بـ100 جنيه فقط.

وأضاف النائب أن المواطن المصري يأتي على قائمة أولويات القيادة السياسية في الجمهورية الجديدة، مشيراً إلى أن قرارات وزارة الهجرة جاءت استجابة لمطالب الملايين من المصريين بالخارج، على أن يتم اتخاذ المزيد من القرارات خلال الفترة المقبلة لدعم هذه الفئة.

Exit mobile version