أحدها قد يهدد مسلمي الهند.. أحداث كبيرة في السياسة الدولية يشهدها 2022

 

على الرغم من أن بعض الأحداث التي شهدها عام 2021 لم تكن متوقعة تمامًا، فإن البعض الآخر كان نتيجة لاتجاهات طويلة المدى كان الخبراء يراقبونها بالفعل، ولا يمكن التنبؤ بالمستقبل بدقة، ولكن ذلك لا يحول دون تحديد بعض الاتجاهات التي قد يكون لها تأثير كبير على المستقبل.

فلو رجعنا إلى عام 2021 سنجد أن زوبعة من تطورات السياسة الخارجية المثيرة قد اجتاحت بعض مناطق العالم: حرب غزة، رئيس وزراء جديد في “إسرائيل”، إدارة محافظة جديدة في إيران، انقلاب في السودان، استيلاء على السلطة في تونس، اغتيال رئاسي في هاييتي، استيلاء “طالبان” على السلطة في أفغانستان، على سبيل المثال لا الحصر.

بهذه المقدمة، بدأت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية مقالاً طلبت فيه من بعض أفضل محرريها ومتعاونين آخرين أن يخبروها عن الاتجاهات والأحداث والانتخابات المهمة التي ينبغي مراقبتها عام 2022.

1- أوتار براديش ومستقبل الهند

يرى سوميت جانجولي، وهو كاتب عمود في “فورين بوليسي” وأستاذ في العلوم السياسية مختص في الثقافات والحضارات الهندية، أن الولاية الأكثر اكتظاظًا بالسكان في الهند: أوتار براديش وتعني “المقاطعة الشمالية” تستعد لانتخابات سيكون لها ما بعدها في عموم البلاد، إذ ستكون نتيجتها ذات أهمية كبيرة لمستقبل الهند وديمقراطيتها العلمانية.

ويقول الكاتب: إن هذه الولاية -التي يبلغ عدد سكانها حوالي 241 مليون نسمة- ستشهد اقتراعاً مفصلياً في مارس المقبل لانتخاب مجلس تشريعي جديد وكذلك رئيس وزراء جديد.

ويلفت إلى أن رئيس الوزراء الحالي للولاية يوغي أديتياناث كاهن هندوسي متطرف ينتمي إلى حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم.

ورغم أن أوتار براديش لديها أسوأ المؤشرات الاجتماعية بالبلاد، وأن الأمور لم تتحسن منذ أن تولى أديتياناث منصبه في مارس 2017، فإن الكاتب يتوقع أن يفوز هذا الأديتياناث بولاية جديدة.

ويوضح الكاتب أن هذا المتطرف الهندوسي بدلاً من التركيز على التنمية الاجتماعية والاقتصادية، أنفق الجزء الأكبر من طاقته في شيطنة المسلمين والأقليات الأخرى وبناء المزيد من المعابد الهندوسية، وظل يتهم الحكومات السابقة بأنها كانت تدلل المسلمين، كما أنه بدد الإيرادات المحدودة على المخططات الشعبوية، حتى في الوقت الذي تواجه فيه الولاية عجزًا كبيرًا في الميزانية.

ولأن أوتار براديش تتمتع بأكبر عدد من المقاعد في مجلسي البرلمان الوطني، فإن الحفاظ على السيطرة على المجلس التشريعي فيها يمثل ضرورة حتمية لحكومة بهاراتيا جاناتا القومية الهندوسية برئاسة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، ولتحقيق هذه الغاية، لم يأل مودي جهداً في العمل بشكل وثيق لمساعده أديتياناث وتعزيز الآفاق الانتخابية لهذا الأخير، ولذلك قام مودي، أواخر نوفمبر الماضي، وهو بصحبة أديتياناث، بوضع حجر الأساس لمطار دولي جديد في أوتار براديش.

ونظرًا لأن كلاً من مودي، وأديتياناث قوميان هندوسيان متحمسان يشتركان في رؤية مشتركة لتحويل الهند إلى إثنوقراطية، فإن النتيجة الانتخابية في أوتار براديش في مارس القادم ستكون جديرة بالمراقبة، وبالنظر إلى المزايا الكبيرة لشغل المنصب والمعارضة المنقسمة، باستثناء المزالق غير المتوقعة، يرى الكاتب أن هناك احتمالا كبيرا لعودة أديتياناث إلى المنصب، وقد يمهد انتصاره الطريق لانتصار هيمنة الأغلبية الهندوسية.

2- نقص الكوادر البشرية بأعالي البحار

تقول إليزابيث براو، وهي كاتبة عمود في “فورين بوليسي” وزميلة أولى في معهد “أميركان إنتربرايز”: إن تجنيد المزيد من البحارة يستدعي انتباها خاصا خلال 2022.

وتلفت هنا إلى أن السفن تنقل 80% من التجارة العالمية من حيث الحجم، وأن 1.5 طن من البضائع التي يتم تسليمها لكل شخص على هذا الكوكب كل عام، وهو ما يعني أنه بدون الشحن البحري لن نتلقى معظم العناصر التي يعتمد عليها عيشنا كل يوم.

وتضيف أنه في الوقت الذي يشهد فيه النقل البحري نموًا هائلاً نتيجة للعولمة، أصبح الناس أقل رغبة في الذهاب إلى البحر، أو على الأقل الناس في الغرب.

وتقول إنه يوجد حاليًا أكثر من 50 ألف سفينة مأهولة بشكل أساسي من قبل مواطني الصين والفلبين وإندونيسيا وروسيا وأوكرانيا، وكذلك الهند، وتعتمد كل الدول، وخاصة الاقتصادات الأكثر تقدمًا في العالم، على بحارة هذه البلدان لنقل البضائع الحيوية.

وحتى قبل جائحة “كوفيد-19″، كانت صناعة الشحن تكافح تحديات التوظيف، فماذا لو أن البحارة -الذين لا يزال يتعين عليهم تحمل فترات إقامة أطول من المعتاد على سفنهم لأن البلدان المنكوبة بالوباء لن تسمح لهم بالنزول- لو سئموا عملهم وقرروا تركه؟ تتساءل الكاتبة.

وحتى لو لم يترك منهم العمل سوى 10% من عددهم الإجمالي الذي يقدر بنحو 1.6 مليون، فسوف يواجه العالم اضطرابات هائلة في سلسلة التوريد، وفقا للكاتبة.

وتضيف: بالنسبة لنا كمواطنين عاديين، فإن الشحن بعيد عن الأنظار وعن الأذهان، ولا نهتم كثيرا بحياة البحارة، لكن عام 2022، سيتعين الاهتمام عن كثب بمسألة تجنيد البحارة واستبقائهم، وكذلك الحال بالنسبة لأي شخص آخر يعتمد على خدماتهم. وتساءلت الكاتبة: كيف يمكن لأشخاص لا يحظون باهتمام كبير بيننا أن يجعلوا حياتنا مريحة للغاية أو بائسة للغاية؟

3- التطورات السياسية بالشرق الأوسط

بخصوص منطقة الشرق الأوسط، نشرت المجلة رأي الخبيرين ستيفن كوك، كاتب عمود في “فورين بوليسي”، وإيني إنريكو ماتي، وهو زميل أول في دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي.

ويقول الخبيران: إن ثمة 3 قضايا ينبغي متابعتها بشكل حثيث في هذه المنطقة من العالم خلال 2022:

أولاً: إلى أي مدى تمضي عملية إعادة التأهيل المستمرة منذ فترة للرئيس السوري بشار الأسد؟ فهذا الأخير -الذي توقع الناس في مارس 2011 أنه سيسير على خطى زين العابدين بن علي في تونس، وحسني مبارك في مصر- لا يزال موجوداً.

ولفت الكاتبان إلى أن الأسد يعاني من مشكلات مالية خطيرة، ولكن مع التواصل الدبلوماسي مع ملك الأردن عبدالله الثاني، ثم وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد، يبدو أن الأسد بدأ يخرج من قوقعته.

وهنا أشارا إلى أنه من المهم ملاحظة أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لم تعترض بشدة على المكالمة الهاتفية للملك أو زيارة آل نهيان للرئيس السوري.

ثانيًا: يتساءل المراقبون عما إذا كانت تركيا ستشهد هذا العام انتخابات سابقة لأوانها، وهو ما يشكك فيه الخبيران بشدة، لكنهما نشرا هذا التوقع كما روج بعض الخبراء الأتراك، حسب قولهما.

وأخيراً: يتساءل الخبيران عن كيفية استجابة الأحزاب الإسلامية بالمنطقة للتغيير، خصوصاً بعد تعثر حظوظها عام 2021، إذ كاد حزب العدالة والتنمية المغربي أن يُمحى بانتخابات سبتمبر الماضي، وتعرضت حركة النهضة التونسية لانتكاسة كبيرة بعد قرارات الرئيس قيس سعيد في يوليو الماضي، كما لم يتمكن حزب العدالة والتنمية التركي من وقف الانحدار الكبير في شعبيته (رغم أنه لا يزال يحظى بدعم ثلث الأتراك) حسب الخبيرين.

ويعلق الكاتبان على ذلك بقولهما إن على المراقبين أن يتابعوا كيف سيتكيف الإسلاميون المعروفون بنفسهم الطويل مع وضعهم الجديد، وما الطريقة التي سيعيدون من خلالها تجميع صفوفهم بعد عام من الانتكاسات؟ وأكدا أن ذلك سيمثل ربما إحدى القصص الأكثر إثارة للاهتمام بالشرق الأوسط هذا العام.

4- المشككون بالاتحاد الأوروبي وانتخابات 2022

اعتمدت المجلة، في تحليل هذه القضية، على كارولين دي جروتر، كاتبة عمود في “فورين بوليسي”.

تقول الكاتبة: إنها ستبحث عام 2022 عن سياسيين أوروبيين يفوزون بالانتخابات دون أن ينتقدوا الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن إحدى المشاكل الرئيسية التي يواجهها الاتحاد الأوروبي هي أن السياسيين الوطنيين يستخدمونه باستمرار كبش فداء للفوز بالانتخابات في بلدانهم.

وترى جروتر أن أوروبا ستكون في وضع أفضل بكثير إذا بدأ الأوروبيون في التحلي بالصدق عند الحديث عن الاتحاد الأوروبي وعن دورهم الكبير في صنع القرار في بروكسل.

وترى الكاتبة أن هزيمة المفوض الأوروبي السابق ميشل بارنيي أمام منافسته فالري بيكريس بانتخابات ترشيح حزبهما لرئاسيات 2022، ينبغي أن تمثل درسا لمن يرون أن من لا ينتقد الاتحاد الأوروبي لا يمكنه النجاح، فبارنيي، الذي دأب على نقد الاتحاد، عاقبه أعضاء حزبه باختيار منافسته التي لم تكن تنتقد الاتحاد.

5- التقلبات الانتخابية بأمريكا اللاتينية

اعتمدت المجلة في هذا الموضوع على كريستوفر ساباتيني، زميل أبحاث أول في تشاتام هاوس، إذ يقول: إن التأثير الاقتصادي والاجتماعي القاسي لـ”كوفيد-19″ بدأ يطال أمريكا اللاتينية، وهو ما عكسته وربما ستعكسه موجة انتخابات 2021 و2022.

ويضيف الخبير أن الانتخابات الرئاسية في تشيلي وإكوادور وهندوراس وبيرو، والانتخابات التشريعية النصفية بالأرجنتين والمكسيك وسلفادور، كشفت عن نكهة مميزة مناهضة لمن يشغلون المنصب بل وحتى مناهضة للنظام.

ويعتقد أن هذه الاتجاهات بالانتخابات الرئاسية ستستمر عام 2022 في البرازيل وكولومبيا حيث يُظهر الناخبون معدلات رفض عالية للرؤساء الحاليين -على الرغم من أن قضية تنازل الرئيس البرازيلي بولسونارو عن السلطة وقبوله بالهزيمة الانتخابية لا يزال أمرا غير مؤكد، إذ ربما سيقتفي أثر معلمه السابق بالولايات المتحدة ترمب.

Exit mobile version