الحريات الصحفية بمصر في 2021.. مزيد من القمع والحجب والغلق

 

شهدت الحريات الصحفية بمصر خلال عام 2021 استمراراً للقمع على منوال الأعوام السابقة، حيث الحبس والقمع والحجر والحجب وإصدار الأحكام القاسية بحق صحفيين، كما جرى مع هشام فؤاد، وحسام مؤنس، عضوي نقابة الصحفيين، وكذلك منع العلاج عن صحفيي “الجزيرة” الأربعة واستمرار حبسهم، وهو نفس الشيء مع الصحفي عامر عبدالمنعم، وكذلك الحال مع رئيس تحرير “الأهرام” السابق عبدالناصر سلامة، وأستاذ الإعلام منصور ندا.

كما أقر البرلمان حزمة تشريعات بشأن نشر أي بيانات دون الرجوع للمؤسسات الأمنية، وعقاب من يخالف ذلك الحبس والغرامة، فضلاً عن استمرار مطاردة نشطاء التواصل الاجتماعي من صحفيين وغيرهم واعتقالهم ومحاكمتهم بتهمة الأخبار الكاذبة، وهو ما جرى مع الباقر، وعلاء عبدالفتاح، ومحمد أكسجين، وصدور أحكام قاسية ضدهم.

وهذه الانتهاكات وثقتها تقارير دولية ومراصد صحفية، مثل: مراسلون بلا حدود، أو المرصد العربي لحرية الإعلام، ولجنة حماية الصحفيين.

تقارير دولية تؤكد استمرار قمع الصحافة والصحفيين، فطبقاً لتقرير لجنة حماية الصحفيين الصادر بنيويورك، في ديسمبر 2021، احتلت مصر المرتبة الثالثة، وتأتي خلف ميانمار، على قائمة الدول التي تحتجز أكبر عدد من الصحفيين، إذ بلغ عدد الصحفيين السجناء فيها 25 صحفياً في عام 2021، ورغم أن هذا العدد أقل من العام الماضي، فإن الاحتجاز المستمر للصحفيين يشكل نموذجاً لاستهتار السلطات المصرية بقوانين البلد.

فقد تعمدت السلطات المصرية بصفة مستمرة إلى الالتفاف على التشريعات التي تحدد مدة الحبس الاحتياطي بسنتين، وذلك من خلال توجيه اتهامات إضافية لتمديد تلك الفترة.

وفي حالات أخرى، تفرض السلطات شروطاً على الإفراج عن الأشخاص الذين يكملون مدة محكوميتهم.

ومن الأمثلة على هذا الأسلوب، الوضع الذي يعاني منه المصور الصحفي المصري محمود أبو زيد، والمعروف أيضاً باسم شوكان، وهو حائز على الجائزة العالمية لحرية الصحافة التي تقدمها لجنة حماية الصحفيين، فهو يمضي جميع لياليه محتجزاً لدى الشرطة منذ الإفراج عنه من سجن طرة، في 4 مارس 2019، وكان قد أفرج عنه “تحت رقابة الشرطة”؛ مما يحتم عليه التوجه إلى مركز الشرطة في كل ليلة على مدار 5 سنوات، وقد أمرته الشرطة في كل ليلة حتى الآن بإمضاء ليلته في زنزانة في السجن، كما مُنع شوكان أيضاً من إدارة ممتلكاته المالية والعقارية لمدة 5 سنوات.

وفي تقرير لـ”مراسلون بلا حدود”، قال: إن مصر من أكثر دول الشرق الأوسط “استبداداً”، حيث ممارساتها القمعية المتمثلة في تكميم الصحافة، لتحكم قبضتها على وسائل الإعلام في سياق جائحة “كوفيد-19″، حيث جاءت الأزمة الصحية لتعمق جراح الصحافة العميقة أصلاً في المنطقة العربية التي لا تزال الأصعب والأخطر في العالم بالنسبة للصحفيين.

نظام استبدادي يعادي حرية الصحافة 

وفي سياق تعليقه، قال الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة الأسبق قطب العربي: هذا الواقع هو استمرار للأعوام السابقة، فنحن أمام نظام استبدادي لا يؤمن بحرية الصحافة، ويعلم جيداً أنه لا مكان له إذا كان هناك حرية صحافة لأن حرية الصحافة معناها حرية الناس في الاختيار والتعبير والاحتجاج، وهذا ما يفسر موقفه القمعي لحرية الصحافة في مصر.

وأضاف العربي لـ”المجتمع”: بخصوص الأحكام الأخيرة الصادرة بحق صحفيين فإنها باطلة؛ لأنها مخالفة للدستور، وتحديداً المادة (71) والقضايا الأخيرة كلها في هذا السياق، وهذا نهج مستمر منذ الانقلاب على الرئيس الشرعي منذ 8 سنوات، بل أمعنت السلطات في خصومتها مع الصحفيين بتحويلهم لمحاكم أمن الدولة طوارئ التي يعتبر حكمها نهائياً، ولا يتم إلغاؤه إلا بموافقة الحاكم العسكري أو بعفو رئاسي.

وأكد أنه ليس أمام الصحفيين سوى الاستمرار في الضغط عبر المنظمات الداعمة لحرية الصحافة لوقف هذا التدهور لحرية الصحافة في ظل تراجع نقيب الصحفيين وتبريره لقمع السلطة، وعلى الصحفيين أن يعتمدوا على أنفسهم وعلى المنظمات الداعمة لحرية الصحافة بالداخل والخارج في محاولة للحد من هذه الممارسات.

استمرار الغلق والحجب

من جانبه، قال مدير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أحمد العطار: للأسف لم يختلف عام 2021 عن سابقيه فلم يشهد تطورات إيجابية تعطينا أملاً في مستقبل أفضل في العام الجديد، فكل الشواهد والآمال تبخرت مع زيادة القبضة الأمنية وإصدار البرلمان المصري للعديد من التشريعات التي جمدت أي أمل في الحرية والانفراجة رغم المطالبات والمناشدات المحلية والدولية بإخلاء سبيل أصحاب الرأي والنشطاء والصحفيين، على العكس رأينا مزيداً من القمع ومزيداً من الأحكام القاسية.

وأضاف العطار لـ”المجتمع”: رغم إخلاء السلطات الأمنية المصرية سبيل عدد من الصحفيين أمثال حسن القباني، وخالد داود، وجمال الجمل، وغيرهم، فإنه أيضاً شهد المزيد من القمع والمزيد من الأحكام القاسية بالسجن على صحفيين اثنين، وهما هشام فواد، وحسام مؤنس، وآخرين، غيابياً، واستمرار غلق وحجب المئات من المواقع على شبكة التواصل الاجتماعي، فضلاً عن اعتقال صحفيين تخطو سن التقاعد مثل توفيق غانم، أو مرضى وكانوا يخضعون للتدابير الاحترازية مثل المصور الصحفي حمدي الزعيم.

وأنهى كلامه بالقول: ما شهدناه خلال العام الماضي هو بالتأكيد نتاج تعليمات عليا ويعبر عن سياسة دولة ولم يكن أحداثاً فردية، وبالرغم من التصريحات العديدة للرئيس عبدالفتاح السيسي، التي تعطى الأمل في انفراجه في ملف حقوق الإنسان، فإن الواقع يختلف عن تصريحاته. 

فإذا أرادت السلطات المصرية إحداث تغيير حقيقي فعليها إخلاء سبيل جميع الصحفيين القابعين في السجون والتوقف عن ملاحقة الآخرين وفتح باب الحريات.

تشريعات جديدة مقيدة للحريات

أما عضو مجلس نقابة الصحفيين رئيس لجنة الحريات السابق عمرو بدر، فقد أكد سوء الوضع الصحفي ومناخ الحريات واستمراره من خلال تشريعات تحد من حرية العمل الصحفي، كما حدث من جانب مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية وموافقته على مقترح تشريعي بإضافة مادة جديدة بالباب السادس من قانون سوق رأس المال تتضمن حظر وتجريم نشر توصيات واستشارات مرتبطة بالأوراق المالية المقيدة بالبورصة المصرية.

مضيفاً، في تصريحات صحفية: هذا المقترح المزعج يضع عقوبة الحبس للصحفيين في قضايا النشر حسب النص الذي يتضمن عقوبتي الحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين لتحقيق الردع العام، لكل من نشر بأي طريقة من طرق العلانية في إحدى وسائل الإعلام المختلفة أو مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الإلكترونية أخبار أو بيانات أو توصيات أو معلومات بشأن الشركات المقيد لها أوراق أو أدوات مالية بالبورصة، مستغرباً من هذه التشريعات المستمرة في التضييق على الصحفيين كما حدث منذ فترة قريبة بمنع نشر أي بيانات لها علاقة بوزارات أو مؤسسات أمنية إلا بعد الرجوع إليها، وإلا الحبس والغرامة.

Exit mobile version