هل بدأت الحرب الخامسة بين الاحتلال و”حماس” من الضفة؟

 

كان لافتاً في إستراتيجية “حماس” خلال مواجهة مايو 2021، وهي الرابعة بين الاحتلال وغزة منذ سيطرة الحركة عليها، التركيز على الرابط بين كل الأراضي المحتلة 1948 و1967 وغزة، لمنع الاحتلال من الاستفراد بالحركة في ظل هوجة التطبيع العربية الأخيرة.

أحد أبرز خطط “حماس” كانت التركيز على إشعال الانتفاضة بالضفة الغربية والقدس والتركيز على أعمال القتل الفردية للمستوطنين وجنود الاحتلال سواء عبر عمليات الدهس أو القنص أو الطعن، حتى إن الاحتلال يشكو من تزايد كبير.

ومنذ تعيين “حماس” القيادي صالح العاروري رئيساً للحركة في الضفة الغربية، في 5 يوليو 2021، وهذه أول مرة تعلن فيها «حماس» اسم مسؤولها في الضفة الغربية، والعمليات لا تتوقف، حتى إن د. عبدالله معروف، أستاذ دراسات بيت المقدس، قال: إن الضفة الغربية تكاد تشتعل حقيقة!

فبعد سلسلة طعن ودهس واستهداف لجنود الاحتلال والمستوطنين اشتعلت المواجهات بالفعل في العديد من مدن الضفة خصوصاً نابلس ومدينة برقة داخلها التي تشهد حرباً حقيقية بين المستوطنين يساندهم الاحتلال وأهالي المدينة.

وكمثال على حجم المواجهات، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إصابة نحو 300 فلسطيني برصاص جيش الاحتلال وحالات اختناق، أحدهم جراحُه خطيرة، خلال مواجهات في بلدتي بُرقة وبَزّاريا شمالي الضفة الغربية المحتلة، مساء السبت الماضي.

وطرحت عمليات المقاومة في الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة مزيداً من التساؤلات حول عجز الإجراءات الأمنية عن وقف منفذي تلك الهجمات الذين يتجاوزونها، وينجحون في استهداف الجنود والمستوطنين، سواء بالطعن أو الدهس أو إطلاق النار، وما إذا كان ذلك يعني بداية الحرب الخامسة بين الكيان الصهيوني و”حماس” لكن من الضفة.

مواجهة خامسة

وأكد تقرير نشرته صحيفة “يديعوت أحرنوت”، في 24 ديسمبر الجاري، أن “حماس” ستفاجئ الاحتلال في المواجهات المقبلة ليس فقط بأسلحة جديدة على محور غزة ولكن في الضفة، التي يتحدث الاحتلال عن تحولها لمحور مواجهة خامسة بين “حماس” والاحتلال.

أعادت الصحيفة السبب في ذلك، إلى قيام حركة “حماس” بتوحيد قياداتها داخل وخارج قطاع غزة، وقيام القيادي صالح العاروري، العقل المدبر لكل العمليات الفردية التي تحدث في الضفة الغربية، بتصعيد المواجهات هناك، وأنه يدفع لاستمراريتها، مشيرة إلى أنه دأب من أجل ذلك على السفر إلى بيروت وإسطنبول والدوحة بغرض تعزيز علاقات الحركة مع المحيط.

وأضافت: يبدو أن العاروري يمتلك مؤهلات أوسع بكثير مما يظهر، مؤكدة فشل جيش الاحتلال في تقويض العمليات الفردية في الضفة الغربية، التي تتهم “حماس” بالمسؤولية عنها، قائلة: لا يبدو أن العمل اللامتناهي الذي تقوم به قوات الأمن “الإسرائيلية” في القبض على الخلايا المسلحة في الضفة الغربية يثبط عزيمة العاروري.

لهذا بدأت سلطات الاحتلال تعيد التواصل مع محمود عباس في الضفة عبر المسؤولين الأمنيين بعد تجاهل رئيس الوزراء بينت لقاؤه بهدف دعمه ومساندته والحديث عن أن ضعفه أغرى “حماس” بالتمدد في الضفة.

الضفة نموذج غزة

أيضاً قال الكاتب اليميني آرييه إلداد في مقاله بصحيفة “معاريف”: إن “هذه الطرق المحورية تعتبر “العمود الفقري” للحدود “الإسرائيلية” غربي نهر الأردن، لأنه بعد اتفاقيات أوسلو، عندما تم تصنيف مدينتي نابلس وجنين بأنهما منطقة (أ)، وأصبح الريف المحيط بهما في الغالب منطقة (ب)، فقد ظل الطريق في المنطقة (ج) تحت المسؤولية المدنية والأمنية الكاملة لـ”إسرائيل”، لكن مع تنفيذ خطة فك الارتباط في عام 2005، وتم كسر هذا العمود الفقري لدينا”.

وتقول صحف عبرية: إن هناك قلقاً لدى السياسيين والمستوطنين من أن يؤدي تفاقم الهجمات المسلحة لتشجيع الفلسطينيين ويثبت لهم أن “اليهود” يفرون تحت الضغط الأمني، ويبدون قابلية للتراجع في مواقفهم.

وتؤكد أنه إذا غادر الاحتلال هذه المناطق الجبلية، فإن شمال الضفة الغربية سيصبح نموذجاً مكرراً من قطاع غزة، ما يتطلب، وفق القراءة الصهيونية، إعادة ربط “العمود الفقري” المقطوع على الفور، من خلال تكيف تواجد قوات الجيش في حركة مرور المستوطنين المستمرة، وإلا سيصبح هذا المحور غير المستخدم منطقة للمهاجمين الفلسطينيين.

الحل.. دعم عباس

لهذا سعت “تل أبيب” لدعم الرئيس عباس كي يقف بأجهزته الأمنية معهم في الضفة ضد المقاومة من جانب شعبه، وفي هذا السياق التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أمس الثلاثاء، بوزير الحرب الصهيوني، بيني غانتس، في منزل الأخير، قرب مدينة “تل أبيب”، وسط رفض من حركة “حماس”.

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال لقائه غانتس: إنه لن يسمح بالعنف والإرهاب واستخدام السلاح الناري ضد “إسرائيليين”.

وشدد عباس، بحسب قناة “كان” العبرية، على أن أجهزة أمن السلطة الفلسطينية ستستمر بالعمل في هذا السياق.

بدوره، شكر غانتس، عباس على تخليص أجهزة أمن السلطة الفلسطينية لـ”إسرائيليين” من رام الله، بداية الشهر الحالي، وادعى أن فلسطينيين سعوا لمهاجمتهما.

واستنكرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لقاء الرئيس الفلسطيني بغانتس، وقال المتحدث باسم الحركة حازم قاسم: إن اللقاء “مرفوض وشاذ عن الروح الوطنية عند شعبنا الفلسطيني”، واعتبر قاسم أن تزامن اللقاء مع هجمة المستوطنين على أهلنا في الضفة الغربية يُشكل طعنة للانتفاضة في الضفة.

وأضاف: سلوك قيادة السلطة يعمّق الانقسام الداخلي، ويشجع بعض الأطراف في المنطقة التي تريد أن تُطبع مع الاحتلال “الإسرائيلي”، ويُضعف الموقف الفلسطيني الرافض للتطبيع.

كما تساءل موسي أبو مرزوق، القيادي في “حماس”: أي مشروع وطني هذا الذي يتم فيه رفض يد “حماس” الممدودة دائمًا للمصالحة والاشتراط عليها بقرارات ما يسمى “الشرعية الدولية” المجحفة، بينما يتم استجداء لقاء مع بيني غانتس؟

وأكدت “حماس”، السبت الماضي، أن المقاومة بكل أشكالها، وعلى رأسها المسلحة، هي القادرة على ردع المستوطنين لوقف عدوانهم، في وقت تتزايد فيه مواجهات بالضفة الغربية بين مستوطنين محميين من الجيش وفلسطينيين.

وقال القيادي في الحركة عبدالحكيم حنيني، عقب مواجهات اندلعت مع جيش الاحتلال في بلدة بُرقة شمالي الضفة الغربية، خلَّفت عشرات الإصابات بين الفلسطينيين: إن “عمليات إطلاق النار التي يُنفذها أبطالنا ما هي إلا رسالة أولية، وعلى العدو أن يستعدّ لمعركة شاملة مع كافة أبناء شعبنا، لدحر الاحتلال والاستيطان واقتلاعه من جذوره”.

Exit mobile version