خبراء يصفون القمة التركية الأفريقية بالمهمة ويشيدون بدبلوماسية أردوغان

 

أشاد عدد من الخبراء بالقمة التركية الأفريقية التي عقدت مؤخراً بإسطنبول، معتبرين إياها خطوة مهمة في سياق دعم العلاقة بين الطرفين وتبادل المصالح المشتركة والحفاظ على ثروات أفريقيا من الأطماع الاستعمارية الأوروبية التي ظلت أفريقيا مطمعاً لها طول الوقت.

ولفت الخبراء، في تصريحاتهم لـ”المجتمع”، إلى ذكاء أردوغان والدبلوماسية التركية التي تتحرك بوعي في اتجاهات متعددة، محققة نجاحات كبيرة على المستويين السياسي والاقتصادي، معتبرين هذه القمة تأتي في هذا السياق، حيث التركيز على المصالح الاقتصادية ومراعاة تركيا لمصالح أفريقيا بالتوازي مع مصالحها، وهو ما يرسل رسالة اطمئنان لدول القارة.

تستعيد الإرث العثماني وتملأ فراغاً أفريقياً

وفي سياق تعليقه، يقول رئيس المركز المصري لدراسات الرأي والإعلام مصطفى خضري: إن تركيا أردوغان قطعت شوطاً كبيراً في مشروعها السياسي الذي تخطط له منذ فترة ليست بالقصيرة، حيث يرسم هذا المشروع نوعين من التوسع؛ الأول: توسع جغرافي يستهدف الدول ذات العرقية التركمانية بوسط آسيا، وقد استطاعت تركيا وضع قدميها بتلك المنطقة ولن تلبث أن تصبح جزءاً لا يتجزأ من المشروع التركي، خاصة بعد ما صنعته تركيا في الحرب الأذرية الأرمينية.

ويضيف خضري لـ”المجتمع: أما النوع الثاني من التوسع؛ فهو التوسع الشعبي، معتمدة على الإرث العثماني في قارات العالم القديم، حيث استهدفت تركيا منبع الثروات الخام أفريقيا التي يمكن أن تكون أكبر داعم في النهضة الاقتصادية التركية لتوافر المواد الخام من ناحية، وسعة الأسواق المستهدفة للمنتجات التركية من ناحية أخرى، وقد بدأته تركيا بوضع أقدامها داخل الصومال في عز أزمتها الاقتصادية، وضربت فيه مثالاً للدعم الذي يتمناه كل دول الجوار الصومالي، ثم جاءت الأزمة الليبية التي صنعت من تركيا لاعباً أساسياً في القارة الأفريقية خاصة مع تراجع الدور المصري، حيث استطاعت تركيا ملء الفراغ الذي تركته مصر، واقتطعت لنفسها دوراً لا يمكن منافسته، وقد ساعدها في ذلك الدعم الأمريكي الذي يرغب في تقليم الأظافر الفرنسية في أفريقيا.

وأوضح خضري: لقد جاءت القمة التركية الأفريقية كقطعة من بازل المشروع السياسي التركي، وتمثل كثافة الحضور ومستوى التمثيل فيها نجاحاً لا يمكن تجاهله، خاصة أنها تمت أثناء الأزمة المالية المفتعلة داخل تركيا، التي استطاع أردوغان تخطيها بحرفية ومهارة يجب أن تدرس كمثال لإدارة الأزمات.

قمة التنمية والحفاظ على ثروات أفريقيا

بدوره، قال خبير العلاقات الدولية سيد أبو الخير: إن هذه القمة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وهي محاولة مدروسة من تركيا للتأكيد على دورها المهم في المجتمع الدولي واستعادة مكانتها في النظام الدولي.

وهي محاولة ليست استعمارية؛ لأنها تقدم تنمية حقيقية بخلاف الاستعمار الذي يقوم على سرقة الثروات الطبيعية للبلاد التي يحتلها، وهذا ديدن الاستعمار الأوروبي والغربي عموماً.

ويضيف أبو الخير لـ”المجتمع” أن تركيا تساعد الشعوب مساعدة حقيقية عن طريق الاستفادة من خيراتها، وذلك يعود على تركيا اقتصادياً وسياسياً، وذلك عن طريق زيادة التبادل التجاري الذي يزيد من قوة الاقتصاد التركي ويقوي مركز تركيا في النظام الدولي، والاستفادة هنا لتركيا والدول الأفريقية، أيضاً تأتي القمة كمحاولة لمنع الدول الاستعمارية الأوروبية والغربية من سرقة الموارد الطبيعية من الدول الأفريقية.

كنز اقتصادي لتركيا ومصالح متبادلة

من جانبه، يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي خالد الشريف: إنه من السمات الرئيسة لحكم أردوغان منذ وصوله إلى قصر الرئاسة العمل على تعزيز انفتاح تركيا على العالم والخروج من سياسة الانغلاق على الذات التي مرت بها تركيا منذ حكم أتاتورك، حيث رأى في الشرق الأوسط والقارة السمراء عمقاً إستراتيجياً مهماً يجب العمل معه وبدء جهود واسعة للتقارب مع معظم الدول العربية والأفريقية، خاصة أن فرص أنقرة تقلصت بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، علماً أن تركيا تقدم نفسها إلى القارة السمراء بأنها الدولة التي لا تهدف لاحتلال أو نهب موارد هذه الدول، بل تسعى لنشر السلام، والعدالة، والاستقرار بالقارة الأفريقية، وهذا ذكاء يُحسب لها.

ويصيف الشريف، في حديثه لـ”المجتمع”: إلى جانب الأهداف السياسية، يحتل الاقتصاد مرتبة متقدمة جداً في أولويات تركيا في القارة السمراء، وترى فيها أسواقاً واعدة وبلاداً تتمتع بقوة بشرية مؤهلة لأن تتحول إلى كنز اقتصادي في المستقبل، حيث تضم القارة السمراء 54 دولة يزيد عدد سكانها على مليار نسمة، أكثر من 70% من سكانها شباب، وتتمتع باقتصاد سريع النمو، وموقع جغرافي يحمل أهمية اقتصادية، بالإضافة إلى قربها من منابع الطاقة وممرات نقلها.

ويختتم كلامه بالقول: كنتيجة طبيعية لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية، بدأ التعاون بين تركيا والدول الأفريقية يتعزز بشكل لافت في السنوات الأخيرة في مجال الصناعات الدفاعية، مما أتاح لتركيا أن تبيع طائراتها المسيرة المسلحة كالخبز الطازج! كما يقول البعض في إشارة إلى تزايد الطلب على المسيّرات التركية، حيث حصلت تونس والمغرب بالفعل على مسيرات تركية، وأنغولا أبدت اهتمامها بالمسيرات المسلحة التركية، مع وجود اتفاقية عسكرية مع إثيوبيا، واتفاقية دفاعية مع حكومة الوفاق بليبيا؛ مما جعل تركيا تتوسع في نفوذها العسكري في أفريقيا من خلال 37 مكتب تمثيل عسكرياً في القارة الأفريقية.

Exit mobile version