استمرار نزيف الأرواح بالسجون المصرية.. وحقوقيون يطالبون بالضغط على السلطات

 

طالب عدد من الحقوقيين بمزيد من الضغط على السلطات المصرية لوقف نزيف الأرواح داخل السجون المصرية، الذي لم يتوقف منذ 8 سنوات، لافتين إلى تزايد أعداد الوفيات مؤخراً بسبب سوء الأحوال الصحية داخل السجون المصرية ومنع الزيارة كعقاب بدني ونفسي للسجناء وتحديداً بسجن العقرب.

وأكدوا، في تصريحات خاصة لـ”المجتمع”، أن ما جرى مؤخراً من إعلان الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان من جانب السلطات، ما هو إلا لتجميل الصورة وتحسين شكل البلاد خارجياً، مشيرين إلى تزايد أعداد الوفيات والمعتقلين أيضاً بعد مرور أكثر من مائة يوم على هذه الإستراتيجية وتزامناً مع احتفال العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان.

“كوميتي فور جستس”: رصد 10 وفيات خلال 36 يوماً فقط بواقع وفاة كل 3 أيام تقريباً

ويواجه الآلاف من المعتقلين السياسيين في السجون المصرية خطر الموت، على وقع تعرضهم للتعذيب والإهمال الطبي المتعمد، وعدم تقديم أي رعاية صحية لهم.

ووثقت منظمات حقوقية ارتفاع حصيلة وفيات المعتقلين داخل السجون المصرية إلى 1095 معتقلاً، النسبة الأكبر منهم من السياسيين المعتقلين منذ يوليو 2013.

ولفت تقرير لمنظمة “كوميتي فور جستس” إلى رصد 10 وفيات خلال 36 يوماً فقط، في العام 2021، بواقع وفاة كل 3 أيام تقريباً.

أسباب الوفيات

وكشفت إحصاءات عن أسباب الوفيات للمعتقلين في مصر، أن السبب الأول هو الحرمان من الرعاية الصحية بنسبة تفوق الـ70%.

وجاءت الوفيات نتيجة التعذيب في المرتبة الثانية، بنسبة 13%، في حين سجلت وفيات لسوء أوضاع الاحتجاز بنسبة 2.7%.

وعلى صعيد وفيات المعتقلين وفقاً للاتهامات الموجهة لهم، فقد بلغت نسبة الوفيات من السياسيين أكثر من 30%، من المجمل.

العطار: أكثر من 1000 معتقل في سجن العقرب محرومون من الزيارات للعام الخامس على التوالي

استمرار القمع رغم إعلان الإستراتيجية

في سياق تعليقه، يقول مدير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان أحمد العطار: إن الإستراتيجية التي أطلقتها السلطات المصرية كان الهدف منها حسب بيان إعلانها تطوير سياسات وتوجهات الحكومة في التعامل مع الملفات ذات الصلة لتعزيز احترام جميع الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

ويشير إلى أنه بعد مرور أكثر من 100 يوم على إطلاق الإستراتيجية لم يتغير الوضع الحقوقي في مصر، فالمتابع الجيد لتطورات ملف حقوق الإنسان في مصر يدرك حجم التدهور الشديد والواضح في هذا الملف الكارثي، مع استمرار سياسة الاعتقالات والتدوير والتغريب، التي طالت جميع فئات الشعب المصري من صحفيين وكتَّاب ومدافعين عن حقوق الإنسان وأطباء، وغيرهم من المهن والوظائف بمختلف الأعمار.  

ويضيف مدير الشبكة المصرية لحقوق الإنسان لـ”المجتمع”: هناك زيادة في وتيرة القمع والانتهاكات داخل السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، فما زال أكثر من 1000 معتقل في سجن العقرب شديد الحراسة (1) و(2) محرومين من الزيارات للعام الخامس على التوالي، في ظروف غاية في القسوة، مما يتسبب في حصد أرواح المواطنين بشكل متصاعد.

وجاء الإعلان عن وفاة المعتقل طلعت عبدالحكيم الخولي مؤخراً في سجن المنيا كنموذج متكرر لما يحدث بالسجون ومقار الاحتجاز، التي حولتها السلطات المصرية من أماكن لقضاء العقوبات السالبة للحرية وإعادة التأهيل إلى مقار للموت البطيء بسبب الإجراءات القمعية المتواصلة التي دأبت عليها الأجهزة الأمنية بحق المعتقلين، وحرمانهم المتواصل من أبسط الحقوق المدنية التي تكفل لهم فرص الحياة، وفق تعبير العطار.

حسن: ضغوط دولية أو شعبية تجمع المصريين بكل فصائلهم وأطيافهم ليرفضوا ويقاوموا ما يحدث

وأوضح العطار أن حالات الوفاة المستمرة ليست بمنأى عن الإجراءات القمعية الأخرى وحملات الاعتقال المسعورة التي طالت مئات المواطنين، وإخفاء العشرات منهم قسرياً، دون وازع من قانون أو خلق أو ضمير.

وقال: أبرز مثال على ذلك ما جرى للمهندس محمد داود حسن، البالغ من العمر 77 عاماً، الذي لا يزال رهن الإخفاء القسري منذ اعتقاله على يد قوات أمن الجيزة فجر الخميس 2 ديسمبر الجاري، مما يشير بوضوح إلى عدم وجود أي تقدم ملموس في ملف حقوق الإنسان بمصر حالياً.

وبين أن ما يتم الإعلان عنه من مبادرات وإستراتيجيات لا تهدف إلى الارتقاء بحقوق الإنسان وإنما تطرح من أجل الدعاية والاستهلاك الإعلامي فقط.

نزيف الأرواح بالسجون 

من جانبها، تشير المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات هبة حسن إلى أن الواقع الحقوقي المصري يزداد سوءاً.

وأوضحت أنه مع مرور السنوات على معتقلين داخل سجون لا تلتزم بأي لوائح أو قوانين ولا تراعي أي احتياجات صحية أو إنسانية تزداد معاناة المعتقلين وتزداد الحالات المرضية، فضلاً عن تدهور حالات كبار السن والمرضى.

مولانا: السلطات أخذت بعض الخطوات الشكلية لتحسين صورتها

ودعت حسن إلى ضغوط دولية مؤثرة أو ضغط شعبي حقيقي يجمع المصريين بكل فصائلهم وأطيافهم ليرفضوا ويقاوموا ما يحدث.

تحسين الشكل لا أكثر 

ويقول الباحث في الشؤون الأمنية أحمد مولانا: إن إعلان السطات إستراتيجية حقوق الإنسان ومن بعدها قرار إلغاء قانون الطوارئ خطوات لمخاطبة الخارج في ظل الضغوط الخارجية لتحسين ملف مصر الحقوقي وتعليق 130 مليون دولار من المعونة الأمريكية.

وتضيف، في تصريحات صحفية، أن السلطات أخذت بعض الخطوات الشكلية لتحسين صورتها بهذا الملف دون اتخاذ إجراءات حقيقية بالداخل، وبمقابل كلا الإجراءين سواء الإستراتيجية المعلنة وإلغاء الطوارئ أخذت خطوات وقننت بعض مواد قانون الطوارئ في القوانين العادية والجنائية.

Exit mobile version