فاوتشي يدفع باتجاه الحصول على لقاح عالمي لفيروس كورونا

 

تلقى البحث العلمي للحصول على لقاح عالمي لفيروس كورونا دفعة قوية يوم أمس الأربعاء، حيث حدد ثلاثة باحثين اتحاديين أمريكان كبار، من بينهم د، أنتوني فاوتشي، اختصاصي المناعة الأمريكية رئيس المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، مسارًا لتطوير لقاحات جديدة يمكن أن تعالج مجموعة متنوعة من الأمراض من بينها “كوفيد19” وبعض نزلات البرد الشائعة والفيروسات المستقبلية.

كتب فاوتشي واثنان من زملائه في مجلة “نيو إنجلاند” الطبية، أنه من غير المرجح القضاء على الفيروس المسبب لـ”كوفيد19″ وتأثير اللقاحات الحالية في منع ظهور متغيرات جديدة محدود للغاية، وكتبوا أنه من المحتمل أيضًا أن تنتقل فيروسات كورونا الأخرى من الحيوانات لتصبح تهديدات وبائية في المستقبل.  

وللتغلب على هذه المشكلات، يجادل المؤلفون بأن عالم الأبحاث يجب أن يلتزم بالكامل بتطوير “الجيل الثاني” من لقاحات فيروس كورونا التي من شأنها أن توفر حماية واسعة عبر الطيف الجيني لفيروسات كورونا، ويقترحون تشكيل جهد دولي لجمع عينات من فيروس كورونا الحيواني في جميع أنحاء العالم وتطوير تجارب التحدي الأخلاقي لفيروسات كورونا، من بين تدابير أخرى.

وخلال العقدين الماضيين، شهد العالم تفشي 4 أوبئة مميتة لفيروس كورونا، من بينها نوبتان مع وباء سارس في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وظهور متلازمة الشرق الأوسط التنفسية في عام 2012، والآن “كوفيد -19″، الذي أودى بحياة أكثر من 800 ألف أمريكي.

هذا التعليق لا يقدم حلًا سريعًا للوباء، لكن تأييد فاوتشي لنهج اللقاح الشامل يمكن أن يكون بمثابة دعوة واضحة ومخطط للعلماء.

يقول بابلو بينالوزا ما كماستر، عالم المناعة الفيروسية الأستاذ المساعد في جامعة نورث وسترن، عن الورقة البحثية: إنها خريطة طريق جيدة، إنها تخلق بعض الوضوح العلمي؛ ما العقبات المحددة التي تحول دون تطوير لقاحات عالمية؟

والباحثون يطاردون ما يسمى باللقاحات العالمية منذ سنوات، ويختبرون لقاحات عالمية ضد الأنفلونزا منذ أكثر من عقد، بهدف توفير حماية طويلة الأمد لا تتطلب لقاحًا سنويًا ضد الأنفلونزا، وبدأت أول تجربة سريرية بشرية للقاح الأنفلونزا الشامل في عام 2019؛ وهو لقاح لم يصل السوق بعد.

الورقة الجديدة ليست المرة الأولى التي ذكر فيها فاوتشي أهمية لقاح عالمي لفيروسات كورونا، لكن ظهور متغيرات شديدة التحور مثل أوميكرون، التي يمكن أن تعرض مستوى الحماية الذي توفره اللقاحات المتاحة للخطر، جعل السعي وراء حل طويل الأمد أكثر إلحاحًا.

وقد أعلنت المعاهد الوطنية للصحة في سبتمبر الماضي أنها استثمرت أكثر من 36 مليون دولار في جهود الجامعة في تطوير اللقاحات التي يمكن أن تحيد العديد من فيروسات كورونا.

وقال فاوتشي لصحيفة “واشنطن بوست”، هذا الشهر: نحن بالتأكيد نعطيها أولوية قصوى، وهناك تحديات علمية أساسية قبل أن نتمكن، في الواقع، من الضغط الكامل في هذا الاتجاه، ليس الأمر كما لو كان لديك مسار واضح إلى منتج ما وكل ما عليك فعله هو تفريغ المزيد من الموارد فيه.

لتطوير لقاح عالمي، كما يقترح كل من فاوتشي، ود. ديفيد مورينز، ود. جفري تاوبينبرجر إنشاء جهد دولي تعاوني لجمع عينات من الحيوانات مثل الخفافيش وزباد النخيل وكلاب الراكون، التي تعد مضيفًا متكررًا أو مستودعات لفيروسات كورونا التي يمكن أن تقفز إلى البشر.

ويمكن أن يساعد تحديد تسلسل جينومات هذه الفيروسات الباحثين في تحديد التهديدات الجديدة واكتشاف القواسم المشتركة بين فيروسات كورونا التي يمكن أن يستهدفها اللقاح جديد.

ويقترح المؤلفون -وجميعهم أطباء رفيعو المستوى في المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية (معهد أمريكي)- مزيدًا من الأبحاث حول فيروسات كورونا الأخرى التي يُشتبه في تسببها في الأوبئة منذ فترة طويلة، قبل أن تصبح تركيبات دائمة تسبب نزلات البرد.

يجب على العلماء أيضًا العثور على أهداف خلوية، مرتبطة بالخلايا، مشتركة بين العديد من فيروسات كورونا التي يمكن أن تساعد اللقاحات في مهاجمتها وتحديد اللقاحات المرشحة التي تحفز الاستجابات المناعية طويلة المدى ومعرفة أفضل السبل لتجريبها على الحيوانات.

يجادل المؤلفون بأن اختبار اللقاحات الشاملة في دراسات التحدي البشري سيكون مهمًا أيضًا، ويمكن أن يؤدي هذا النوع من الأبحاث إلى تسريع تطوير اللقاح، ولكنه معقد أخلاقياً لأنه يتضمن إصابة الأشخاص عمدًا لاختبار اللقاح.

ومع أن العديد من العلماء ينظرون إلى دراسات التحدي البشري لـ”كوفيد-19″ على أنها غير أخلاقية لأنها شديدة للغاية، فقد يكون من الممكن تصميم دراسات مسؤولة للفيروسات التي تسبب نزلات البرد وغيرها، وقد أجرى الباحثون دراسات جادة على الأنفلونزا.

وقال بينالوزا ماكماستر: إن تطوير لقاح عالمي لفيروس كورونا “يبدو ممكنًا”، وأشارت أبحاثه الخاصة إلى أن اللقاحات الحالية يمكن أن تحمي الفئران من فيروسات كورونا التي لم تكن هي الهدف الأصلي.

وأضاف بينالوزا ماكماستر أن ابتكار لقاح عالمي ضد فيروس كورونا قد يستغرق سنوات، والأمر قد يتطلب أيضًا أكثر من لقاح لتغطية عائلات مختلفة من فيروس كورونا، لأن الفئران تلقت مزيدًا من الحماية ضد الفيروسات التي كانت أكثر تشابهًا وراثيًا.

جمع العينات الفيروسية من كهوف الخفافيش وأسواق الحيوانات والأشخاص الذين يتفاعلون مع هذه المخلوقات يتطلب الكثير من العمل، ويحتاج إلى احتياطات قوية للسلامة الحيوية لضمان عدم انتقال الفيروس إلى البشر عن طريق الخطأ.

لديك أناس يذهبون إلى الكهوف حيث توجد الخفافيش، ويقول بينالوزا ماكماستر: لا نريد التداعيات غير المباشرة.

ويقول: إن ما لا يقل عن 6 مجموعات بحثية تقوم بالفعل بتقييم المرشحين للقاحات العالمية والبحث عن أفضل أجزاء فيروسات كورونا لاستهدافها.

وتستهدف لقاحات فيروس كورونا الحالية التي تصنعها شركات موديرنا، وفايزر، وجونسون آند جونسون، بروتين سبايك، الذي يسميه بينالوزا ماكماستر “كعب أخيل” للفيروس، على الرغم من أنه أيضًا جزء من المحتمل أن يتحور ويتطور.

ويعمل مختبر ماكماستر على ابتكار لقاح يستهدف البروتينات في أحشاء الفيروس، على حد قوله، بينما تقوم مختبرات أخرى بتقييم لقاح الجسيمات النانوية، الذي يتميز ببروتينات سبايك متعددة من فيروسات مختلفة.

وقول ماكماستر: الأمر يشبه رمي بالوعة المطبخ بغرض التعرف على جهاز المناعة.

ويضيف أنه يأمل في أن تؤدي موافقة فاوتشي على لقاح عالمي إلى دفع الجهود إلى الأمام وتحفيز المزيد من الدعم الحكومي.

ولكن في مواجهة جائحة وشيكة، من الجيد أن تضع البيض في سلال مختلفة، يقو ماكماستر: فلن تنجح كل الطرق.

 

 

 

 

 

 

______________________

المصدر: “إن بي سي”.

Exit mobile version