بعد خطاب قيس سعيّد.. أحزاب تونسية تثمن وأخرى تدعو للخروج إلى الشارع

 

أثارت القرارات التي أعلنها الرئيس قيس سعيد خلال خطاب توجه به للشعب التونسي الاثنين، موجة جدل بين خصومه وأنصاره على حد سواء، وفتحت باب التوقعات حول مصير الدستور والبرلمان، فيما دعت أحزاب مختلفة إلى التظاهر ضد الرئيس.

ويرى كثيرون أن قيس سعيد خالف دعوات قواعده وأحزاب سياسية كانت تدعمه، وذلك بالذهاب نحو حل البرلمان وحل حركة النهضة والإعلان بشكل صريح إلغاء العمل بالدستور، ليظل المشهد السياسي على ما هو عليه، مع الإعلان عن سقف زمني للخروج من الإجراءات الاستثنائية والذهاب نحو انتخابات تشريعية.

واختار الرئيس التونسي أن يبقى البرلمان المجمدة أعماله منذ 24 يوليو/تموز الماضي على حاله، إلى حين إجراء انتخابات تشريعية وفق قانون انتخابي جديد في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022.

كما دعا، في خطابه، إلى تنظيم استشارة شبابية إلكترونية بداية من السنة المقبلة، وإلى عرض جميع الإصلاحات الدستورية للاستفتاء الشعبي في 25 يوليو/تموز المقبل.

هجوم لاذع

ولم يتوانَ قيس سعيد في خطابه عن توجيه اتهامات لاذعة لخصومه، وحتى لمن دعموا إجراءاته الاستثنائية، على غرار منظمة اتحاد الشغل حين رد بشكل مباشر على تصريحات أمينها العام، نور الدين الطبوبي، حول مضي المنظمة الشغيلة في “خيار ثالث” لما قبل 25 يوليو/تموز وما بعده.

وقال سعيّد بنبرة ساخرة: “صار الحديث متواترا عن صف ثالث.. وإن أرادوا فليزيدوا صفا رابعا أو خامسا.. الصف الوحيد الذي أنتمي إليه فهو صف الشعب وليس الاصطفاف مع من يريدون صناعة الصفوف ثم بعد ذلك الاصطفاف”.

ووصف القيادي بحركة النهضة محمد القوماني قرارات الرئيس “بالخديعة”، معتبرا أنها تستجيب في ظاهرها للمطالب المتعقلة بسقف زمني للإجراءات الاستثنائية، ووضع خارطة طريق سياسية واضحة، لكنها لم تخرج عن التوجه الفردي والنزعة الأحادية لقيس سعيد.

وتابع القوماني “يدعي أنه لا يزال في إطار الدستور، لكنه جعل من الفصل (80) دستورا جديدا، وهو لا يريد حل البرلمان بل اكتفى بمواصلة تعطيله حتى لا يُتهم أمام الرأي العام المحلي والدولي بخرقه”.

ودعا القوماني المعارضين لإجراءات الرئيس “للخروج من نصف الموقف ونصف المعارضة” بعد أن فتح الرئيس النار عليهم دون استثناء حتى من سانده، مشددا على أن موازين القوى قد تتغير خلال الأيام المقبلة في ظل دعوات النزول إلى الشارع وتشكيل جبهات معارضة.

دعوات للتظاهر

ودعت أحزاب التيار الديمقراطي والحزب الجمهوري والتكتل، أنصارها للخروج يوم 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري، للاحتجاج على الإجراءات التي أعلنها الرئيس قيس سعيد.

وبالتوازي، أعلنت مجموعة من الشخصيات السياسية والمدنية والنواب تأسيس مبادرة جديدة تحمل اسم “اللقاء الوطني للإنقاذ”، تضم كلا من أحمد نجيب الشابي وعياض اللومي وطارق الفتيتي وآخرين.

وحذّرت المجموعة، في بيانها التأسيسي، من استحواذ الرئيس على جميع السلطات، وإلغاء الحياة السياسية، ومصادرة الحقوق والحريات، مما يدفع بالبلاد إلى المجهول.

وشدّدت على أن أي إصلاح للنظام السياسي أو للقانون الانتخابي أو للمؤسسات الشرعية، لا يكون إلا من خلال حوار وطني جامع وشامل يبلور الخيارات، ويحدد آليات العودة إلى الشرعية الدستورية.

من جانبه، يقول النائب عن حركة الشعب في البرلمان المجمد، عبد الرزاق عويدات، إن خطاب الرئيس لم يكن مفاجئا، وتطابق بشكل كبير مع ما دعت له قيادات الحركة من تسقيف زمني للتدابير الاستثنائية وتحديد خارطة طريق.

ودعا عويدات الرئيس إلى الحوار مع الأحزاب والمنظمات الوطنية الداعمة لإجراءات 25 يوليو/تموز، على غرار الاستفتاء الشعبي الإلكتروني مع الشباب دون إقصاء أي طرف.

وشدد القيادي في حركة الشعب على أن حزبه غير معنِيّ بالاتهامات التي وجهها الرئيس لبعض الأحزاب والمنظمات الوطنية “المنقلبة على أعقابها” والطامعة في المناصب، مؤكدا أن مواقف حزبه متناسقة ولا تزال تعتبر موقف الرئيس سليما.

بدوره، ثمن حزب “التحالف من أجل تونس” في بيان، قرارات الرئيس، معتبرا أنها تستجيب لتطلّعات غالبية الشعب بهدف “تحرير البلاد من الفاسدين والعملاء”.

ولفت الحزب إلى أن الإجراءات المعلن عنها توضّح معالم الطريق لسنة مقبلة، “تتوّج بانتخابات ديمقراطية تعيد المؤسسة التشريعية لدورها في دعم أسس الدولة وسيادة قرارها، وفق ما سيفرزه الاستفتاء الشعبي من تعديلات على الدستور وعلى النظام الانتخابي”.

وخلص البيان إلى أن خطاب الرئيس إعلان لنهاية منظومة فاشلة، وتهيئة أرضية قانونية وأخلاقية لجيل سياسي جديد.

عقبات قانونية ولوجستية تواجه الجدول الزمني الذي طرحه سعيد لإجراء عدة عمليات انتخابية في عام واحد (الأناضول)

مشكلة قانونية ولوجستية

وطرح الجدول الزمني الذي أعلنه الرئيس سعيد بخصوص المواعيد الانتخابية وتنظيم الاستفتاء الإلكتروني، أكثر من سؤال لدى هيئة الانتخابات بخصوص معوقات تنظيم هذا المسار برمته.

وأقر عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محمد منصري، بصعوبة تنظيم 4 مواعيد انتخابية خلال سنة واحدة من الناحية القانونية واللوجستية.

وأشار منصري، إلى أن الهيئة تستعد خلال يونيو/حزيران المقبل، لانتخابات المجلس الأعلى للقضاء، وفي يوليو/تموز للاستفتاء الذي أعلنه الرئيس، فضلا عن الانتخابات التشريعية، ثم البلدية المقررة في مايو/أيار 2023.

وأوضح أن كل مسار انتخابي يستغرق مدة زمنية لا تقل عن 6 أشهر للتجهيز له وتنفيذه، بما يرافقه من حملات انتخابية للمترشحين وتنظيم انتخابات وإعلان نتائج وطعون.

يشار إلى أن آخر استطلاع للرأي لشركة “سيغما كونساي” نشر اليوم الثلاثاء، أظهر تراجع ثقة التونسيين بالرئيس سعيد لحدود 62%، بعد أن تجاوزت في أشهر سابقة عتبة 70%.

Exit mobile version