انتهاء الاحتلال من الجدار الأسمنتي.. هل سيسرع المواجهة العسكرية في غزة؟

 

لم يترك الكيان الصهيوني وسيلة إلا واستخدمها في محاولة للحد من قدرات المقاومة الفلسطينية، التي نجحت في تلقينه دروساً خلال المواجهات والحروب على مدار السنوات الماضية، وكان آخر تلك الفصول إعلان الاحتلال عن الانتهاء من إقامة الجدار الأسمنتي الفولاذي الذي يمتد من شمال بيت حانون حتى شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، مزود بتقنيات قتالية وأجهزة استشعار عن بُعد، وأدوات استكشاف للأنفاق التي تحفرها المقاومة الفلسطينية باتجاه الحدود الفاصلة بين قطاع غزة وفلسطين المحتلة عام 1948م.

الجدار الأسمنتي الفولاذي الذي كلف كيان الاحتلال أكثر من مليار دولار يبلغ طوله 65 كلم بعمق يبلغ في بعض المناطق 25 متراً، وارتفاع من 6 – 10 أمتار، وهو مزود بأحدث تكنولوجيا الأسلحة المتطورة وكاميرات المراقبة، كما أقام كيان الاحتلال 6 محطات خرسانية وأسلاك شائكة مرتفعة، حيث تم استخدام حوالي 2.3 مليون طن من الخرسانة في الجدار الأسمنتي فضلاً عن 140 ألف طن من الحديد، وكل تلك المحاولات ستبوء بالفشل، كما تقول المقاومة الفلسطينية، أمام حالة الصمود والمقاومة التي تبتدعها فصائل المقاومة لمقاومة هذا الاحتلال.

الصواف: لدى المقاومة أدوات لتجاوز الجدار ومقبلون على جولة تصعيد جديدة

أساليب قتالية جديدة

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصوف لـ”المجتمع”: إن الجدار الذي شرع الاحتلال في إقامته قبل ثلاث سنوات ونصف سنة شرق وشمال قطاع غزة لن يؤثر على المقاومة، حيث إن هناك محاولات للمقاومة الفلسطينية لتجاوز هذا الجدار.

وأضاف أن لدى المقاومة أدوات لتجاوز ذلك لدك الكيان الصهيوني، الذي لا يوجد فيه مكان آمن نتيجة إطلاق الصواريخ على المستوطنات والمدن الصهيونية، لافتاً إلى أن إعلان الاحتلال أنه انتهى من إقامة الجدار لن يعجل العدوان الجديد على قطاع غزة لأسباب تتعلق بأن الاحتلال منهمك الآن في متابعة الملف الإيراني، بالإضافة للتركيبية الحكومية في كيان الاحتلال.

وبيَّن الصواف أن ما يجري في الضفة هو استمرار لسلوك المقاومة، وهو عنوان المرحلة القادمة، وفي قادم الأيام سنشهد انتفاضة كبيرة في الضفة، وتصعيداً للمقاومة في غزة بعد تعثر مفاوضات التهدئة التي تقودها القاهرة، بعد أن رفض الاحتلال كل ما يتعلق بمفاوضات التوصل للتهدئة، وفق مطالب المقاومة، مشيراً إلى أن الأوضاع في غزة ستتدحرج لمواجهة مع الاحتلال خلال الفترة القادمة.

أبو زبيدة: الجدار الفولاذي لن يحبط قدرات المقاومة الهجومية.. وسلاح الأنفاق إستراتيجي

وتطابقت تصريحات الصواف مع تصريحات لعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة، الذي أكد أن سلاح الأنفاق سلاح فعَّال للمقاومة الفلسطينية، التي لديها القدرات لتوجيه ضربات موجعة ضد الاحتلال الذي يواصل استخدام كل الأساليب لحماية نفسه من المقاومة الفلسطينية، مؤكداً أن المقاومة لقنت العدو دروساً موجعة.

وأكد أبو ظريفة أن الانتهاء من إقامة الجدار الأسمنتي حول القطاع يأتي في سياق الممارسات العنصرية للاحتلال بحق الشعب الفلسطيني الذي سيواصل مقاومته لانتزاع كامل حقوقه.

تعزيز قدرات الدفاع أمام القدرات الهجومية للمقاومة

بدوره، قال الخبير بالشأن العسكري والأمني رامي أبو زبيدة لـ”المجتمع”: إن هذا الجدار يوفر سوراً دفاعياً لسكان المستوطنات، وليس أقل من ذلك، شعوراً بالأمن الشخصي، وهي عملية تضليل للمجتمع الصهيوني، أن بناء الكيان الجدار حول نفسه يعتبر تراجعاً في عقيدة الهجوم والهجمات الاستباقية، مقابل تعزيز الردع والحالة الدفاعية، كما أن المقاومة لم تبدِ ارتباكاً وقلقاً حيال العائق الأرضي.

وأكد أبو زبيدة أن المقاومة عبر الأَنْفاق تجاوزت كثيرًا من الصعوبات، وأظهرت أنها قادرة على الإبداع والتكيف مع ظروف أي معركة يفرضها العدو، المقاومة بالتأكيد تمكنت من حفر عدد غير قليل من الأنفاق الهجومية ذات قدرات قتالية مختلفة، وتشير تقديرات العدو إلى أن بعضها قد اخترق الحدود بالفعل، وذلك على عكس ما تحدث به وزير الحرب بيني غانتس من أن هذا العائق، يسلب حركة “حماس” إحدى قدراتها التي حاولت تطويرها، ويضع جداراً حديدياً.

أبو ظريفة: المقاومة جاهزة لاستخدام كل الأدوات القتالية ضد الاحتلال

وبين أن المقاومة لم تظهر حتى هذه اللحظة أي نوع من أنواع الخوف أو الإرباك أو التردد في المضي قدماً في تطوير مشروع الأنفاق، ويُظهر موقف المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من الادعاءات “الإسرائيلية” ذكاء معيناً، حيث لم تستدرج للرد على هذه الادعاءات بالنفي أو التأكيد، ولم تسهم بذلك في تعزيز الدعاية الصهيونية، وبالمقابل أظهرت المقاومة ثباتاً ووضوحاً في موقفها من استمرار مشروع المقاومة بكل أدواتها واعتمادها على سلاح الأنفاق الإستراتيجي للدفاع عن غزة  

وأوضح أبو زبيدة أن المقاومة لم تتدخل جدياً في تعطيل مشروع الجدار “التحت أرضي” بإدراكها قواعد الاشتباك مع العدو، ولثقتها على ما يبدو بما تمتلكه من وسائل تتجاوز العقبات “الإسرائيلية”، قد ينجح الاحتلال أحياناً في حرب المعلومة وتسديد بعض النقاط، وكذلك المقاومة ليستمر صراع الأدمغة.

وفي السياق، قال المختص بالشأن الصهيوني أكرم عطا الله لـ”المجتمع”: إن الاحتلال يمارس سياسة الانعزال العقلي، الأنفاق تعتبر عقدة وعقبة وهاجساً نفسياً يسيطر على الاحتلال، الذي يعتقد أنه من خلال إقامة هذا الجدار الفولاذي الضخم أنه جرَّد “حماس” من سلاح الأنفاق، لافتاً إلى أنه في عدوان 2021 لم يتم استخدام سلاح الأنفاق من قبل المقاومة، والاحتلال الصهيوني من خلال أدوات التحصين القتالية من جدار إسمنتي وقبة حديدية يريد الدخول في حرب لا خسائر فيها.

Exit mobile version