تجريم بريطاني وتطبيع مغربي فأردني.. انتصار صهيوني أم العكس؟

 

بعد خطوة بريطانيا لتجريم “حماس”، فضلاً عن تطبيع أردني ومغربي في أسبوع واحد وصل إلى العلو والهرولة والهيسترية، اختلطت الأوراق، وحار من حار، ووصفها آخر بمرحلة التحولات المكثفة أكسبت الكيان الصهيوني انتصارات.

في المقابل، ألا يلزمنا أن ننظر إلى التحولات الصهيونية، كردود فعل في سياق زماني، شهد انتصارات للمقاومة آخرها معركة “سيف القدس” و”نفق الحرية”، وسياق إقليمي شهد تصاعد الغضب ضد المشروع التطبيعي الصهيوني، وسياق داخلي صهيوني مضطرب يربك العقل الصهيوني الذي يعيش شبح الخراب؟

غاية المقال

في هذا المقال، سأحاول رصد المنطقة الفارغة في التحليل لإضافة جديد في صورة المشهد، الذي هو إما مشهد نتصوره بصورة مكتملة متمكنة من فقه بالداء الصهيوني بمعرفة واستطلاع، أو سنتصور التحولات والتحركات الصهيونية في الأردن والمغرب وبريطانيا بصورة الإعلام المطبع ونظرة الإعلام الصهيوني الصانع للادعاء فنزل ونتيه، ثم ألم تصل الأمة وفلسطين إلى شدة أكبر من هذه، وتحولات أضخم مع ترمب و”صفقة قرن” وظفت بروباجندا كبيرة بجهود ضخمة، وفي الأخير جاءت الأقدار مع “سيف القدس”، وعوض أن يبقى العدو الصهيوني في جهوده يشتتها في أطراف الأمة والشعوب تفتيتاً، جاء قدر الله ليجمع الصراع من جديد في القدس والمسجد الأقصى، ليكون القدر هو سبب في اختصار المعارك في أرض واحدة وهي أرض القدس وغزة بعدما نوع الصهيوني في معارك داخل الشعوب اختراقاً، واصطفافا مع الأنظمة العربية؟

تمادى الكيان الصهيوني في تحركاته المتصاعدة بالتطبيع والاختراق في ربوع الأمة والشعوب ليوهم العالم أنهم في تمدد وتمزيق للأمة وانتصار، وجاءت القدس وقالت: أنا الجامعة للمعارك والصراعات، وأنا المطهرة من الدنس ونهاية الطاغي والحاسمة ومختصرة المسافات.

أسئلة لفهم ماذا يحدث وكيف يحدث في المغرب والمنطقة

كيف نفهم التحرك الجديد الصهيوني في المنطقة ضمن تحولات متصاعدة، وتحرك من تركيز على تطبيع في المغرب، إلى تطبيع مع الأردن، بعد اهتراء “صفقة القرن”، وفشل تطبيع دول عربية، إلى إخراج ورقة غربية وهي بريطانيا لتجريم المقاومة و”حماس”، بعد اهتراء ورقة أمريكا بعد فشل شعوبية ترمب العنصرية؟

هل هذا التحرك الصهيوني الجديد يسعى إلى مسار صناعة صفقة أخرى، تستعين بالقوى العربية والغربية القديمة المهترئة (الأردن وبريطانيا)؟ أم هناك أزمة في الداخل الصهيوني تسعى من خلالها “إسرائيل” إلى البحث عن نقاط قوة وهمية في المنطقة والشعوب العربية والإسلامية؟ أم هناك تغير وتطور جديد للمقاومة انتقل من انتصار في داخل فلسطين مع “سيف القدس”، إلى تحرك في الخارج من خلال خطف ضباط صهاينة؟ وهل هذا التحرك المقاوم هو الذي سيدفع الكيان إلى تسويق وهم “لمجتمعه” بالتمدد في المنطقة من خلال اتفاقات التطبيع توهم الجماعات المتطرفة بانتصارات وصعود قوة “إسرائيل” في المنطقة؟

وعلى مستوى الشأن المغربي:

أولاً قد نغرق في التحليل السياسي بعد تصعيد في تطبيع دبلوماسي وسياسي فأمني وسياحي وعسكري وحق لنا التحليل، لكن تعالوا نسأل أولاً: لماذا توغل العدو في المغرب هذا التوغل؟ لماذا الإصرار والانتقال من تطبيع رسمي مؤسساتي إلى شعبي وأمني استخباراتي يستهدف ضمنياً النشطاء والقوى الحية؟

والسؤال الذي يتكرر دائماً: لماذا إصرار الصهيونية على التطبيع والسعي الهيستيري خلفه؟

كيف لعدو كان أقصى غاياته وكل رواياته وأساطيره تقوم على احتلال فلسطين وكان مع “بلفور”، فإذا بهذا الخنجر ينتقل بعد أكثر من 100 سنة من احتلال لأرض فلسطين، إلى انتقام من الشعوب العربية والإسلامية، وكأنها صارت تشكل تهديداً ثانياً خارجياً، يضاف إلى مهدد المقاومة، لنحصل على مقاومتين؛ الأولى في فلسطين وغزة، ومقاوم آخر في الشعوب العربية والإسلامية ينتظر التحرر من منتوجات الكيان الصهيوني وهي الأنظمة، ليتحول إلى دول ديمقراطية قوية تفكر بعد التحرر من الحكام، والسعي إلى التحرر من كيان صنع هؤلاء الحكام.

هل هذا التحرك الصهيوني انتصار أم يخفي شيئاً؟

مرحلة أولى: بعد مسيرات العودة في غزة ومعارك في باب الرحمة والأسباط وبعد انتصار في معركة مرابطي صلاة الفجر، تصاعد تطبيع آخر -كرد فعل لإخفاء الهزائم الصهيونية- حقق توقيع اتفاق “أبراهام” في أمريكا.

مرحلة ثانية: بعد هذا العلو الصهيوني الذي جمع أوراقه العربية الفاسدة جاء انتصار آخر في “معركة حد السيف”، وبعد انتصار فلسطيني في “معركة حد السيف” واستشهاد نور بركة القسامي، وهزيمة وحدة “سيرت متكال” إحدى أهم الوحدات الخاصة بجيش الاحتلال في عام 2018م بغزة، وبعد تقزيم قوة الصهاينة في المنطقة وفضح مثالبها وتشدقها، سارع الكيان إلى تطبيع آخر متصاعد مع المغرب والسودان رفقة الإمارات والبحرين و”صفقة القرن”، لعله يوهم ما يسمى المجتمع اليهودي والجماعات بمربعات انتصار وتمدد في المنطقة، لكن المفاجأة كانت وهي انتصارات جمة في معركة سميت “سيف القدس”، وهزيمة مشروع “صفقة القرن” من أجل تهميش القضية وتصفية المقاومة، وتمزيق المنطقة وإعادة خارطة الأمة، لكن قدر الله وسواعد المقاومة ونصرة الشعوب أربكت الحسابات الصهيونية.

مرحلة ثالثة: وبعد “سيف القدس” وفشل “صفقة القرن” ورصد وجود مقاومة قوية، وبعد تصاعد غير مسبوق في الشعوب في النصرة والمناهضة ورفض التطبيع، فضلاً عن تحرك غربي في شوارع وجامعات غربية لطرد ممثلي الكيان، جاءت مرحلة جديدة من التحرك الصهيوني لتسويق الوهم، والبحث عن مربعات انتصار في داخل المنطقة وبطبيعة الحال من بوابة التطبيع لإخفاء هزائم أخرى بعد “سيف القدس”، كانتصار نفق الحرية ومعركة القدس والإعلان عن اختطاف ضباط صهاينة.

هذه مرحلة تميزت خلال هذه الأسابيع بتطبيع هيستيري من خلال غوص تطبيعي بحريني في أعماق البحار، وتطبيع مغربي يهدد المنطقة المغاربية واختراق العقل المغربي تربوياً، وفشلوا بعد “حرب المكانس” وفشلوا في تفتيت المنطقة المغاربية.

لكن في هذه المرحلة سيسعى العدو الصهيوني بعد هذه الانهزامات إلى:

1- إخراج الانتصار الوهمي: هي مرحلة جديدة جمعت الشلة الاستبدادية لصناعة انتصار وهمي بلفيف آخر دون رفع شعار آخر بصفقة أخرى، قد تسقط مرة أخرى، لأن العلو كلما روج لعلوه، كانت سقطته كبيرة.

 2- إخراج الورقة المريضة العربية القديمة: بعد فشل “صفقة القرن” في تقويض مشروع المقاومة والقضية الفلسطينية، تحرك الكيان وفق تحرك تقليدي قديم، وهو عودة إلى القوى القديمة للتطبيع معها مثل “الأردن” الذي لم يحقق منذ عقود شيئاً من التطبيع سوى الفقر والأمراض عبر التطبيع الزراعي والتغلغل في القصر الأردني.

3- إخراج الورقة المريضة الغربية: ومن الخارج عوض استدعاء أمريكي ليلعب لعبة مثل ترمب، لصناعة صفقة أخرى، استدعت “إسرائيل” ورقة قديمة، وهي مؤسسة بلفور، أي استدعت الصديق القديم بريطانيا لشيطنة وتجريم “حماس”.

من تنقيب عن اعتراف إلى انتقام من شعوب

في المقابل، يأتي هذا التحرك الصهيوني الهيستيري من تخوفات بعد انتصارات فلسطينية في الأرض في “سيف القدس”، وانتصار في نفق الحرية استخباراتياً، يبطل مقولة أن “إسرائيل” هي أقوى قوة عسكرية وأمنية تحمي المنطقة، وهي لم تحمِ حتى نفسها من صواريخ الضيف، ويأتي هذا التحرك بعد ظهور أسر واختطاف تجاوز داخل غزة إلى خطف خارجي من المقاومة.

ويأتي هذا التحرك الصهيوني بعد فشل آخر من التطبيع في المغرب والمنطقة المغاربية، وحصول على اعتراف من الشعب المغربي والجزائري بالكيان الصهيوني، وبالتالي المرحلة المقبلة من التطبيع سوف لن تحصر في الحصول على اعتراف وتعايش وسلام، بل سيكون هدف الاتفاقيات والتنسيق المغربي والعربي الصهيوني هو الانتقام من الشعب من خلال تطبيع شعبي وسياحي واجتماعي جماعي يأتي بالصهيوني جماعات ليخرب المجتمع ونسيجه، وتطبيع أمني يستهدف الشارع والنشطاء.

 

 

 

 

 

 

______________________

(*) كاتب مغربي.

Exit mobile version