تونس.. جدل حول تغيير تاريخ الاحتفال بالثورة

 

أثار إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد، لدى إشرافه على اجتماع مجلس الوزراء، إدراج نقطة إضافية في جدول أعمال المجلس تتعلّق بمشروع أمر رئاسي لتنقيح الأمر المتعلّق بضبط الأعياد التي تُخوّل تمتّع أعوان الدولة بعطلة واعتبار يوم 17 ديسمبر من كل سنة هو يوم ذكرى الثورة، بدلاً عن يوم 14 يناير، عاصفة من الانتقادات ورد الفعل التي وصلت إلى حد السخرية.

إلى ذلك، انتقد أمين عام الحزب الجمهوري عصام الشابي إعلان الرئيس سعيّد اعتبار يوم 17 ديسمبر من كل سنة يوم عيد الثورة، بدلاً عن يوم 14 يناير.

وقال الشابي، في تدوين على صفحته بـ”فيسبوك”: مثّل يوم 17 ديسمبر تاريخ اندلاع شرارة ثورة الحرية والكرامة بعد تراكمات نضالية امتدت على عقود من الزمن، فيما مثل تاريخ 14 يناير انتصاراً لإرادة التونسيين وفتح صفحة جديدة في تاريخ تونس.

وأضاف: من لم يشارك في فعاليات الثورة يريد اليوم إعادة كتابة تاريخها ومزيد تقسيم التونسيين في الوقت الذي هم في أمسّ الحاجة إلى توحيد جهودهم لتجاوز أزمة طالت أكثر من اللزوم.

ملك للشعوب لا الحكام

من جهته، أكد النائب عن ائتلاف الكرامة عبداللطيف العلوي، في تدوينة له على صفحته الخاصة بـ”فيسبوك”، أن تاريخ الأمم ليس نزوة من نزوات الحكّام، بل هو ملك للشّعوب وليس ملكاً لأيّ حاكم.

وأشار العلوي إلى أن هذا التغيير في التاريخ هو قتل آخر للثّورة التّونسيّة، لرمزيّة شارع الثّورة، لرمزيّة الوحدة الوطنيّة التي جسّدها 14 يناير، حيث اجتمعت فيه كلّ فئات الشّعب وكلّ المشارب الفكريّة والمستويات الاجتماعيّة.

جزء من ذاكرة الشعب

وفي تعليقه على قرار الرئيس سعيد، قال الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي: إن تاريخ ثورة 17 ديسمبر و14 يناير ملك خاص للشعب التونسي وجزء من ذاكرته.

وأضاف الشواشي، في تدوينة على حسابه بـ”فيسبوك”، أن أي تغيير لهذه المواعيد يعد تزويراً للتاريخ واعتداء على ذاكرة الشعب ورغبة لبث الفتنة بين التونسيين في زمن تعيش فيه بلادنا أزمة خانقة ومركبة على جميع المستويات تستوجب منا وحدة وطنية صماء لمواجهتها وإنقاذ الدولة من الانهيار.

خرق جديد للدستور

واعتبر النائب بمجلس نواب الشعب عياض اللومي أنّ تغيير تاريخ الثورة بمرسوم خرق جديد للدستور الذي تحدث عن ثورة 17 ديسمبر و14 يناير.

وقال اللومي، في تدوينة على حسابه بموقع “فيسبوك”: تغيير تاريخ الثورة بمرسوم هو خرق جديد للدستور الذي تحدث عن ثورة 17 ديسمبر و14 يناير، وهو يلغي كل التواريخ السياسية لما بعد 17 ديسمبر وخاصة انتفاضات القصرين وتالة وغيرهما والإضراب العام بصفاقس يوم 12 يناير وهروب بن علي وسقوط رأس السلطة.

وأضاف اللومي: لا يمكن استسهال الأمور لهذه الدرجة، لا أظن أن الشعب التونسي انتفض من أجل تغيير تواريخ الثورة، بل إنه ثار ضد منظومة عقيمة يتحتم إصلاحها.

واعتبر أن الرئيس سعيداً يثبت أن له مشروعاً شخصياً وذاتياً، وهذا خطير جداً، وفق تعبيره، وتابع: أرجو ألا نستيقظ يوماً على مرسوم في شكل فرمان يغير اسم تونس إلى شيراز أو قم أو النجف الأشرف أو لينين غراد أو المريخ أو غيرها.

هل ستخفّض الأسعار؟

من جهته، دعا المستشار السابق للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، نور الدين بن تيشة، الرئيس سعيّداً إلى الابتعاد عن التشنج في خطاباته، وأن يوضح للتونسيين خطواته المقبلة، ويعيد لهم الأمل الذي زرعه يوم 25 يوليو الماضي.

وقال بن تيشة، في تصريح إعلامي: إن المراسيم التي من المنتظر أن يصدرها رئيس الجمهورية بخصوص تغيير يوم عيد الثورة من 14 يناير إلى 17 ديسمبر، هي تفاصيل ليس لها أي أهمية عند التونسيين، لأنها لن تخفض في أسعار البطاطا ولن تحل أزمة البطالة لدى الشباب.

واعتبر بن تيشة أن أهم ما في خطابات أي رئيس جمهورية في العالم هو أن يتم تنفيذ ما قاله.

دولة تقاد بالرؤية

وعلّق وزير المالية السابق والخبير الاقتصادي حسين الديماسي على ذلك بقوله: إن الدولة التونسية أصبحت اليوم تُقاد بالرؤية رغم الوضعية الاقتصادية الصعبة التي تعيشها.

وقال الديماسي، في تصريح إذاعي: إن ميزانية عام 2021م في حاجة إلى 11 مليار دينار من القروض الأجنبية إلى حد أواخر سبتمبر الماضي، ولم يتم تعبئة سوى نصف المبلغ، ولا نعلم إلى الآن من أين سنأتي بالنصف الباقي.

وأردف: هل تغيير تاريخ الثورة سيأتي بالنصف المتبقي أو سيزيد عليه.

وأضاف: الموجة الجديدة من كورونا ستكون ضربة قاصمة للدولة اقتصادياً ومن كان ينوي الاقتراض من صندوق النقد الدولي أقول له: عظّم الله أجرك، وفق قوله.

وتابع: الحكومة ليست قادرة اليوم على أن توضح لنا الاتجاهات العامة والكبرى للميزانية، رغم أن الوضعية الاقتصادية اليوم خطرة جداً ولم تشهدها تونس سابقاً في تاريخها، حسب تعبيره.

وأشار الديماسي إلى أن الأزمة المالية التي تعيشها البلاد ستمتدّ من الشركات العمومية إلى شركات أخرى بسبب العجز الكبير وإفلاس الخزينة، حسب قوله.

Exit mobile version