مصاطب الأقصى.. نور ورباط (2 – 2)

 

يأتي هذا المقال استكمالاً للمقال السابق الذي أشرنا فيه إلى تعلق قلوب المسلمين بالقدس الشريف وكون المسجد الأقصى مركز إشعاع علمياً وروحياً، ومن مظاهر ذلك مدارسه العلمية المتعددة والموجودة في ساحاته ومصاطبه التي تعد رافداً روحياً وثقافياً، وأحد مظاهر المقاومة السلمية لظلم الاحتلال، كما أشرنا إلى إسهامات الجمعيات الخيرية الكويتية في المحافظة على هذه المعالم من خلال ما قدمته من دعم وما أطلقته من حملات لجمع التبرعات دعماً لصمود طلاب العلم ورعاية للراغبين في حفظ كتاب الله تعالى داخل باحات المسجد الأقصى وغير ذلك من صور عمارة المسجد الأقصى عمارة مادية ومعنوية، مما يؤدي إلى حماية المسجد المبارك من اعتداءات المستوطنين.

ونستكمل في هذا المقال الحديث عن هذا المعلم المهم من معالم المسجد الأقصى.

المردود الإيجابي للمشروع:

لمشروع مصاطب العلم في المسجد الأقصى المبارك مردود إيجابي من عدة نواحٍ:

1- المردود العلمي: حيث تنوع اختصاصات المحاضرين والمحاضرات وتتنوع العلوم الإسلامية التي تدرس مما يزيد من الثروة العلمية عند الحضور، أقول: لا بد أن يكون هذا الجانب حاضراً بقوة في ذهن من يفكرون في استعادة الأقصى، فلا صبر ولا بطولة ولا فداء بلا علم، ولا بد أن تتنوع التخصصات الشرعية بحيث تتناول عدة ألوان من المعارف الإسلامية مما يساهم في رسم صورة واضحة عن العلم الشرعي الذي يدعو إلى الصبر والمصابرة والمثابرة وإتيان البيوت من أبوابها.

2- المردود العملي الحياتي: تناول الدروس لموضوعات مهمة في حياة المسلم والمسلمة يساعد على مواجهة المسلمين لتحديات العصر.

3- المساهمة في زيارة التواجد: تزيد الدروس من عدد المتواجدين الدائمين داخل المسجد بعد الصلوات وعدم الانفضاض وترك المسجد خالياً، الأمر الذي يساعد على التصدي لكل محاولة للنيل أو الاعتداء على الأقصى.

4- يساعد على إنجاح المشاريع الأخرى: دروس مصاطب العلم تساعد في إنجاح مشاريع أخرى مثل زيادة حجم الإقبال على موائد الرحمن والإفطار داخل المسجد الأقصى خاصة في شهر رمضان المبارك.

5- إحياء الدعوة الإسلامية وتنشيطها بين صفوف أهل مدينة القدس(1).

6- عبادة الله تعالى على بصيرة، وبذلك تترك العبادة أثرها على قلب المسلم وسلوكه؛ فيزداد اليقين في الله تعالى ويعظم الرجاء في قرب نصر الله والفتح.

وتعد هذه المصاطب نبعاً فياضاً ومركزاً للإشعاع العلمي والروحي يصل الماضي بالحاضر ويؤدي دوره في ربط المسلم بدينه ومقدساته.

وتقدر مؤسسة الأقصى للوقف والتراث حجم الحضور في الأيام العادية بقرابة 500 شخص، مؤكدة أن الرقم يتضاعف 6 مرات في أيام شهر رمضان المبارك، حيث يفد إلى مصاطب الدروس قرابة 3 آلاف شخص.

فيما وصف أحد المشاركين أن المصاطب بمثابة نقطة ضوء في ظلام الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى، لافتاً إلى أن مشروع المصاطب أسهم في إعمار المسجد الأقصى معنوياً، وأسهم في تثقيف أهالي القدس إيمانياً، وشحذ هممهم للتصدي لمخططات الاحتلال، داعياً إلى ضرورة تكثيف التواجد في المسجد الأقصى من أجل حمايته(2).

وقد كانت الطالبات في المشروع من المقدسيات، ثم بدأ باستقطاب أعداد جديدة من النساء من الأراضي المحتلة عام 1948م اللواتي يسافرن لمدة قد تصل إلى ساعتين للالتحاق بحلقات العلم.

والتخصصات المطروحة للطالبات تتمثل باللغة العربية، الإنجليزية، التربية الابتدائية والخدمة الاجتماعية، التربية الإسلامية والاجتماعيات، بالإضافة للمواد التعليمية المطروحة من قبل الجامعة، يوجد حصص ومواد تطرحها المؤسسة تُعنى بالتزكية والروحانيات وفقه الرباط(3).

الأسانيد الشرعية لطلاب المصاطب: ويتطور العمل في المصاطب ليمتد إلى منح الإجازات الشرعية وذلك بالتعاون بين مؤسسة عمارة الأقصى، معهد الإجازات الشرعية برئاسة أ.د. عبدالفتاح إدريس، رئيس قسم الفقه المقارن في الأزهر الشريف، ويسعى هذا المشروع إلى توثيق الرابطة الروحية والعلمية بين التلميذ وشيخه من خلال رابطة الإسناد، فشتان بين من شيخه الكتاب ومن يأخذ العلم من صدور الرجال، والفكرة المقترحة لإنجاز ذلك هي الاعتكاف يومين في المسجد الأقصى المبارك وقراءة كتاب بصورة مكثفة، وبعد القراءة يتمّ منح الإسناد لمن حضر والتزم؛ لذا سيتم الحرص على اختيار كتب معينة يتمّ إنجازها في يومين مكثفين.

واختيار المسجد الأقصى ليكون موضعاً لحلقات الإسناد هذه له إشاراته واعتباراته الإيمانية والروحية والتربوية: فمنها بركة المكان التي ذكرها وأشار إليها القرآن، ذلك أنّ المكان والزّمان لهما خصوصية عظيمة على قلب المعلم والمتعلم على حد سواء، فما بالك إن كان هذا المسجد هو أولى القبلتين المخصوص بالبركة من بين عموم المساجد، فليس جزافاً –حاشا لله تعالى– أن يلفت الله تعالى أنظار وقلوب عباده لبركته بقوله: (الذّي باركنا حوله)، وإنّما بذلك حثّ للقلوب قبل الأجساد لئن ترابط وتعتكف وتتسابق بتحصيل هذه البركة الإلهية المتجلية في المسجد الأقصى المبارك التي تعود منفعتها على الفرد والأسرة والبيت والمجتمع.

ثمّ إنّنا نسعى لأن نجدّد إحياء مصاطب العلم في المسجد الأقصى المبارك على نهج الأقدمين في التدريس، وذلك من خلال وبواسطة الأسانيد المتصلة بالنبي الأعظم صلوات الله وسلامه عليه، التي نأمل من خلالها أن يتخرج جيل ربانيّ بفهم صحيح شمولي للإسلام وبقلب متصل بالله تعالى(4).

هذه لمحة عن أحد معالم المسجد الأقصى التي كان لها دور في ارتباط المسلم بدينه وتعليم شعائر الإسلام والحفاظ على أولى القبلتين ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم.

ولو أن الجمعيات الخيرية خصصت جزءاً من اهتماماتها لمزيد من دعم هذا المشروع وأمثاله عن طريق إنشاء وقف أو تخصيص أسهم، ولو أن من يبنون المساجد جمعوا بين البساطة والذوق الرفيع لوفروا مبالغ طائلة يمكن توجيهها من خلال القنوات الشرعية لعمارة المسجد الأقصى، وبذلك نكون قد أدينا بعض ما يجب علينا نحو مسرى نبينا صلى الله عليه وسلم، وساهمنا في معونة من يعمره حتى يأذن الله تعالى بالنصر والظفر لعباده المؤمنين ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا.

المصاطب

ونختم بذكر بعض هذه المصاطب:

1- المصطبة الشمالية الشرقية (مصطبة الترجمة).

 2- مصطبة جنوبي مقر لجنة الزكاة المحلي.

 3- مصطبة سبيل سليمان.

 4- مصطبة علاء الدين البصيري.

 5- مصطبة الجنائز.

 6- مصطبة الغزالي.

 7- مصطبة المدرسة التنكزية.

 8- مصطبة سبيل بدير.

 9- مصطبة سبيل شعلان.

10- مصطبة سبيل قايتباي.

11- مصطبة صبرا وشاتيلا.

12-مصطبة علي باشا.

13- مصطبة مسجد البراق.

14- مصطبة ومحراب الزهور(5).

 

 

 

 

_________________________

(1) www.thaqafa.org/site/pages/details.aspx?itemid=2783

(2) form.lahaonline.com/articles/view/37454.htm بتاريخ 10/12/2017

(3) aqsay.nadsoft.co/?mod=articles&ID=440

(4) alquds-online.org/news/15831

(5) alaqsa-archive.com/ar/?page_id=361

Exit mobile version