مصر.. الأزهر يرفض محاولات التفريق بين العلم والإسلام

رفض الأزهر الشريف بمصر المحاولات المستمرة للتفريق بين الدين والدنيا أو العلم والدين، مؤكداً أهمية تكاتف العلماء من أجل بيان الوجه العملي ‏لعلوم ‏الشرع وعلوم الإنسان في هداية الخلق إلى الله، وخاصة في ظل ما ‏تواجهه ‏علوم الإسلام من اتهام ومحاولة إقصاء لها في زاوية من زوايا ‏الحياة ‏العلمية والعملية.

يأتي تأكيد الأزهر بالتزامن مع استنكار واسع بمصر لحديث الإعلامي المصري المثير للجدل إبراهيم عيسى عن صيدلي يقرأ القرآن الكريم أثناء عمله ولا يقرأ مراجع علمية للأدوية كبديل له، في تكرار لحملات علمانية مماثلة تركز على النيل من الهوية الإسلامية لبلد الأزهر الشريف.

وينشط العلمانيون بمصر في الفترات الأخيرة في مواجهة ثوابت رئيسة في القيم والمعتقد، بجانب الهجوم المستمر على الأزهر الشريف الرافض لتوجهاتهم، وفق مراقبين.

مؤتمر علمي يوصي بضرورة التكاتف لمواجهة الهجمة  

لا فرق

   وكيل الأزهر د. محمد الضويني يتحدث في المؤتمر                                                             

علماء: علوم الشرع وعلوم الإنسان لخدمة الإنسانية ولا فرق

من جانبه، قال وكيل الأزهر الشريف د. محمد الضويني: التفريق بين العلوم وجعلها ‏فسطاطين ‏متقابلين أمرٌ اصطلاحي حادث قد يغر بعض الشباب؛ فلا فرق ‏في الإسلام ‏بين علوم الشرع وعلوم الإنسان؛ فكلاهما يخدم الإنسانية، فالعلوم الشرعية علوم ‏إنسانية؛ لأنها تعنى ‏بالإنسان وحياتيه الدنيوية والأخروية، والعلوم الإنسانية ‏علوم شرعية؛ لأنها ‏تسعى في خير الإنسان، وهو مراد الشارع، وإنَّ الأمة ‏في الجملة لا تستغني ‏عن أي علم نافع.

جاء ذلك في المؤتمر العلمي الدولي الأول بكلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة الذي عقد على مدار يومين بمشاركة نخبة من كبار العلماء والباحثين.

وأكد وكيل الأزهر أن الدعوة ‏الإسلامية ‏المعاصرة تواجه تحديات كثيرة على الصعيدين الداخلي ‏والخارجي، وهذه ‏التحديات لا بد أن تواجه بمزيد من الدراسة والتحليل، ‏ومن أهم هذه العقبات الانتقال من رحابة الدعوة الإسلامية ‏إلى ‏التعصب المذهبي المظلم أو إلى الدعوة الحزبية الضيقة، وضعف ‏تصور ‏الدعاة لشمولية الإسلام لكل جوانب الحياة، وقلة الوعي بالواقع، ‏وإهمال فقه ‏الأولويات، وسوء فهم التعددية، وضعف القدرة على إدارة ‏الخلاف.

وأوضح وكيل الأزهر أن من الوعي الدعوي أن ندرك أن من يقود هذه الهجمات ‏الشرسة ‏على الإسلام وأهله يتجاهل عن عمد مبادئ الإسلام السمحة؛ ليبرر ‏عدوانه ‏على الأمة، في محاولة لفرض نظام عالمي جديد يسود فيه فكره ‏ونظامه، مشدداً على ضرورة الاستفادة من مستجدات العصر، والعمل على تكوين الدعاة ‏علميًّا ‏ومهاريًّا للتعامل الأمثل مع ما يطرحه الواقع من الضرورات ‏الواجبة ‏شرعًا.

استنكار واسع لتصريحات “إعلامي” مارس تفريقاً مسَّ القرآن!

من جانبه، أوضح د. أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن الدعوة في الداخل والخارج تواجه تحديات صعبة فرضها المتربصون بهذا الدين، مشددًا على ضرورة ‏التكاتف من أجل مواجهة هذه التحديات دفاعًا عن الدين ونبي الإسلام.

وأوصى المشاركون في المؤتمر باستثمار القواسم المشتركة للعلوم المختلفة، التي تهتم بالفهم الكلي لمقاصد العلوم الشرعية، في خدمة الدعوة الإسلامية، واعتبار الطروحات العلمية التي ضمها المؤتمر نقطة انطلاق نظرية لتطبيقات عملية واقعية قابلة للتعامل بشكل مباشر مع كل مكونات العقل وفروع المنتج السلوكي بحرفية متخصصة.

كما أوصوا بإنشاء مواقع إلكترونية خاصة بتقديم خدمات تعليمية، وإرشادات تربوية، يقوم على إدارة برامجها متخصصون من هيئة التدريس، وخبراء توظيف العلوم الشرعية، والإنسانية في خدمة الدعوة الإسلامية.

وطالب المؤتمر بإنشاء مراكز تتبع ورصد لقياس تطور الوعي لدى الشباب، ووضع حلول تدعمه في كل الحالات، مع اعتبار المعلوماتية مادة علمية من العلوم الإنسانية تعمل في خدمة الدعوة الإسلامية لتلبية الاحتياجات التوعوية في عصر العولمة.

القرآن والصيدلي

وأطلق الإعلامي إبراهيم عيسى في برنامج “حديث القاهرة” على قناة “القاهرة والناس”، الخميس الماضي، تصريحات ما زالت تثير جدلاً.

واستهجن عيسى قراءة صيدلي القرآن في مقر عمله قائلاً بلغة عامية مصرية: “ليه أدخل أجزخانة ألاقي الشاب الصيدلي قاعد بيقرأ قرآن.. من باب أولى يقرأ مرجع أدوية”، وهو ما أثار استنكاراً واسعاً لعدم تعارض الفعلين.

ووفق رصد مراسل “المجتمع”، فقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الرسمية للنخب بمصر انتقادات مباشرة وضمنية للإعلامي إبراهيم عيسى مدافعة عن قراءة القرآن الكريم وعدم تعارض ذلك مع التميز في التخصص.

وكان اللافت تعليق د. أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، على الأزمة بصورة واضحة دون تسمية عيسى.

وقال الأزهري، في تدوينة على صحفته الرسمية على “فيسبوك”: إن كان هذا الصيدلي قد قصر في إتقان تخصصه وقراءة مراجعه، فقد قصر في هدي القرآن الذي يقرؤه، وحينئذ فواجبه أن يتقن تخصصه لا أن يهجر قراءة القرآن العظيم.

واستنكر الكاتب الصحفي البارز محمد جمال عرفة حديث عيسى، ووصف عرفة ما صدر بأنه نتاج برنامج أمريكي لا إقبال عليه ويتقاضى عليه صاحبه آلاف الدولارات في محاولة للفت الأنظار إليه من أجل تشكيك المسلم في عقيدته.

واستنكر الكاتب الصحفي عبدالله الطحاوي اهتمام عيسى بالتراث وهو خريج كلية الإعلام، ساخراً مما قاله المذيع في برنامجه عن الصيدلي الذي يقرأ القرآن.

وقال الطحاوي: “وأنا بستغرب لما أفتح التلفزيون وأنت خريج إعلام وألاقيك بتهبد في التراث.. امسك لك مرجع إعلامي.. أفيد بدلاً من الهبد!”.

Exit mobile version