رغم رفضه عدة مرات.. مشروع قانون جديد في “الكونجرس” لتصنيف “الإخوان” بالإرهاب

 

رغم رفض الكونجرس والإدارة الأمريكية في عز تولي التيار المتطرف لإدارة الرئيس السابق ترمب وفريقه الإنجيلي 3 مشاريع قوانين سابقة لوصم جماعة الإخوان المسلمين بالإرهاب وتصنيفها ضمن المنظمات الإرهابية، عاد نواب من الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ لتقديم مشروع قانون جديد رغم توقع رفضه.

وحث مشروع القانون الجديد وزارة الخارجية الأمريكية على استخدام سلطتها القانونية لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين “منظمة إرهابية”.

وأعضاء الحزب الذي قدموا المذكرة، هم: تيد كروز، وجيم إينهوفي، ورون جاكسون، وعدد آخر من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين.

وقال السيناتور كروز، عند تقديم مشروع القانون: لقد حان الوقت للانضمام إلى حلفائنا في العالم العربي في الاعتراف رسمياً بجماعة الإخوان المسلمين على حقيقتها، كمنظمة إرهابية.

وزعم أنه من واجبنا تحميل الإخوان المسلمين المسؤولية عن دورهم في تمويل الإرهاب والترويج له في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وكان السيناتور الجمهوري كروز قد انتقد إدارة بايدن وأعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين من لجنة الاعتمادات بسبب منع مبلغ 130 مليون دولار كمساعدات خارجية لمصر، إلا إذا أفرجت القاهرة عن بعض المسجونين السياسيين.

وانتقد مطالبة الإدارة لمصر بإطلاق معتقلين يحملون الجنسية الأمريكية ينتسبون لجماعة الإخوان المسلمين، منهم الأمريكي الجنسية صلاح سلطان، وعلا القرضاوي، ابنة الشيخ يوسف القرضاوي.

وكان من الطريف أن يوجه كروز انتقادات شديدة اللهجة للديمقراطيين، متهماً إياهم بالضغط على القاهرة للإفراج على “معادي السامية”، أي المعادين لـ”إسرائيل”، على حد قوله.

تيلرسون: قرار تصنيف الإخوان “إرهابية” تترتب عليه عواقب وخيمة

تصنيفها يضر أمريكا

وبادر أعضاء في الكونجرس عدة مرات في السنوات الأخيرة إلى اقتراح تشريعات على وزارة الخارجية تطالب بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً أجنبياً، لكن هذه المساعي تعثّرت ولم تتجاوز مرحلة البحث في اللجان إلى مرحلة التصويت عليها، كما لم ترحب إدارة أوباما بها.

وسبق أن رفضت الخارجية الأمريكية تصنيف جماعة الإخوان المسلمين في عام 2017م، وأكدت أن معايير انطباق صفات المنظمات الإرهابية الأجنبية على الإخوان لا تفي بالمتطلبات المطلوبة رسمياً لذلك، لأنها جماعة منتشرة ومتغلغلة في العالم وليست منظمة وحدوية ولم يرتبط اسمها بالعنف.

كما أبدى المسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، ووزارة الخارجية، اعتراضهم على هذه الخطة، قائلين: إن جماعة الإخوان المسلمين لا ينطبق عليها التعريف القانوني لأي جماعة إرهابية، وإن تصنيفها يمكن أن يحمل عواقب غير مرجوة في دول حليفة، حيث تتولد عن “الإخوان” أحزاب سياسية بارزة.

ووفقاً للقوانين الأمريكية، يجب على وزير الخارجية استشارة وزير العدل ووزير الخزانة قبل أي إعلان لتصنيف جماعة الإخوان “إرهابية”، وسيكون لدى الكونغرس الأمريكي 7 أيام لوقف هذا التصنيف لو صدر، ثم سيكون لدى الإخوان المسلمين 30 يوماً للطعن على الحكم في إحدى المحاكم الفيدرالية بواشنطن.

ومنذ عام 1997م، أصبح من حق وزير الخارجية الأمريكية سلطة تصنيف مجموعات على أنها “تنظيمات أجنبية إرهابية” وإنزال سلسلة من العقوبات والجزاءات عليها، ولكن الآلية البيروقراطية لإقرار مثل هذه التصنيفات بالغة التعقيد.

وتقول دراسة أعدها ناثان براون، وميشيل دنّ، لمركز كارنيجي لأبحاث السلام، في 26 يناير2017م: إن تصنيف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية ستكون له ارتدادات عكسية، وإنه من الصعب ذلك؛ لأن هناك أحزاباً سياسية مشروعة في إندونيسيا وباكستان والمغرب وتونس والأردن والعراق والكويت واليمن، وحتى في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جذورها ضاربة في جماعة الإخوان المسلمين، وشطر كبير من هذه الأحزاب يتعاون مع الولايات المتحدة بأشكال مختلفة.

وفي مايو 2019م، قالت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية: إن جماعة الإخوان المسلمين ليست منظمة إرهابية، وإن سعي إدارة ترمب حينئذ لتصنيفها هكذا يضر، ويمكن أن يقوض مصداقية الولايات المتحدة.

وأضافت المجلة أن الإخوان المسلمين بعيدون عن العنف، وأعلنوا أنهم لا يؤيدون العنف، وقد حافظت الجماعة على هذا الالتزام، ولا يوجد ما يوحي أنها خالفت ذلك؛ لهذا لن تصمد أي محاولة لتصنيفهم “إرهابية”، وحتى لو سعى نواب لتصنيفها بالمخالفة للتصنيف الأمريكي (FTO) فسيكون من السهل الطعن على هذا أمام المحاكم الأمريكية وإلغاء التصنيف.

وقال الكاتبان دانييل بنيامين، وجيسون بلازاكيس، في تقرير: إن جماعة الإخوان فضفاضة وتنضوي تحت لواءها العديد من القوى والأحزاب والجماعات، لكن لكل منها سياستها الخاصة بها المرتبطة بظروف بلادها، ولكنهم يشتركون في المبادئ المتعلقة بخدمة الإسلام وتعاليمه.

وأشارت المجلة لسعي اليمين المتطرف المسيحي المعادي للمسلمين في الولايات المتحدة لتشويه جماعة الإخوان المسلمين منذ فترة طويلة، وسعيه من ثم لاستخدام تصنيف “FTO” لاستهداف لعديد من الجمعيات والجماعات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها التي تربطها صلات بالإخوان المسلمين، معتبرة أن هذا سيعزز نظريات المؤامرة المختلفة حول جماعة الإخوان، وبالتالي تغذي “الإسلاموفوبيا” في الولايات المتحدة.

باترسون: “الإخوان” يمثلون حزباً سياسياً يحظى بالشرعية في العديد من دول الشرق الأوسط

6 محاولات فاشلة

وهذه سادس محاولة فاشلة لتصنيف الإخوان إرهابية، حيث كانت أول محاولة لوضع قانون لتصنيف الإخوان “إرهابية” قام بها السيناتور الجمهوري تيد كروز بمشروع قانون قدمه عام 2015م، ولم يتم الموافقة عليه.

وجاءت المحاولة الثانية في فبراير 2016م، حين سعت مجموعة من نواب الكونغرس المعادين للإسلام لإقرار مشروع قانون يلزم الولايات المتحدة باتخاذ موقف ضد جماعة الإخوان المسلمين، أو تبرير رفضها لذلك، وافق عليه 17 مقابل 10.

وبعد مرور 5 أشهر على تجميد هذا المشروع وعدم مناقشة الكونغرس له بجدية، عاد نواب متطرفون طرح المحاولة الثالثة عبر مؤتمر عقد في يونيو 2016م داخل الكونغرس.

وعقب تولي ترمب الرئاسة، في 20 يناير 2017م، خرج متطرفان ينتميان إلى المعسكر اليميني الأمريكي المعادي للإسلام في توقيت واحد، بتصريحات عدائية ضد جماعة الإخوان المسلمين، وقدما المحاولة الرابعة لتصنيف الإخوان جماعة إرهابية.

وقدّم كروز مشروع القرار الخاص بالإخوان المسلمين بالاشتراك مع زميله السيناتور ماريو دياز بالارت، من ولاية فلوريدا، فيما قدَّم المشروع الآخر بالاشتراك مع زميله السيناتور مايكل ماك كول، من ولاية تكساس.

وكانت المحاولة الخامسة حين عقدت لجنة الأمن الوطني الفرعية بمجلس النواب الأمريكي، في 11 يوليو 2018م، جلسة استماع لبحث التهديد الذي تشكله جماعة الإخوان المسلمين على الولايات المتحدة ومصالحها وكيفية مواجهتها بفعالية.

ولأن تقنين المشروعين المذكورين يتطلب مصادقة مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين لينتقلا إلى الرئيس الأمريكي من أجل إقرارهما، فقد تعرقلت هذه المحاولة الرابعة لتصنيف الإخوان جماعة إرهابية لاعتراض الخارجية وغالبية نواب الكونجرس.

لماذا يرفض الأمريكيون تصنيف “الإخوان”؟

كان أبرز تفسير لرفض أمريكا هذا التصنيف للإخوان هو قول روي تيلرسون، وزير الخارجية الأمريكي السابق: إذا صنفنا الإخوان كمنظمة إرهابية كيف سنصنف 5 ملايين شخص؟ ووجود الإخوان في أكثر من 70 دولة، على حد تعبير بيان سابق للكونجرس.

أيضاً فسر مسؤولون أمريكيون صعوبة هذا التصنيف بأمرين: الأول: أنه لا يوجد ما يدين الجماعة بأنها تنتهج العنف، والثاني: أن أمريكا تتعامل مع حكومات وأحزاب سياسية وبرلمانات بها إخوان مسلمون؛ بالمغرب وتركيا والسودان وتونس، والجماعة تشارك في السلطة والمجالس النيابية بليبيا والأردن والكويت وموريتانيا ودول أخرى، فكيف ستصنف أمريكا قادة حكومات وأحزاب ونواب برلمان على أنهم إرهابيون وهم في دول حليفة لها؟

ثم إن تصنيف الإخوان “إرهابية” من قبل أمريكا معناه فرض عقوبات اقتصادية ومنع سفر واسعة النطاق لقيادات ومفكرين وأصحاب شركات وقرابة 28 منظمة أمريكية حقوقية وخيرية يمارس فيها الإخوان المسلمون دوراً، فكيف ستتعامل أمريكا مع هؤلاء؟

أيضاً من الناحية السياسية، قد تترتب عواقب وخيمة على قرار كهذا لو صدر، تشمل زيادة توتر العلاقات مع تركيا التي يُعتبر رئيسها رجب طيب أردوغان مؤيدًا قويًا للإخوان.

وخلال إفادة أمام إحدى اللجان الفرعية بمجلس النواب، أبريل 2016م، قالت آن باترسون، مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، وسفيرة مصر خلال حكم الرئيس مرسي: إن موقف الإدارة الأمريكية ووزارة الخارجية لسنوات عدة يتمثل في أن جماعة الإخوان المسلمين ليست منظمة إرهابية.

وأضافت باترسون أن الجماعة رفضت العنف قبل أعوام عديدة، كما أنهم يمثلون حزباً سياسياً يحظى بالشرعية في العديد من دول الشرق الأوسط.

وتعاملت جماعة الإخوان المسلمين مع المحاولات السابقة لتصنيفها “إرهابية” بهدوء، وأبدت استغرابها أن تكون صياغة توجهات الإدارة الأمريكية مرهونة بـ”دكتاتوريات قمعية” في المنطقة العربية، بدلاً من أن تكون سياساتها متسقة مع القيم والمبادئ التي تعلنها دوماً.

Exit mobile version