صدام بين الرئيس التونسي والقضاة حول قانون “المجلس الأعلى للقضاء”

 

احتدم الجدل بين القضاة ومؤسساتهم، وفي مقدمتها “المجلس الأعلى للقضاء” في تونس، بعد دعوة الرئيس قيس سعيّد وزيرةَ العدل لإعداد مشروع قانون للمجلس الأعلى للقضاء دون استشارة المجلس، زاد من التجاذبات التي سادت بين الطرفين في الفترة التي تلت 25 يوليو الماضي، تاريخ انقلاب الرئيس سعيّد على الحكومة والبرلمان والدستور والفصل (80) نفسه الذي برر به انقلابه.

وكان سعيّد قد وجه العديد من التهم للقضاء وقال: إن السياسة تسللت إلى قصور العدالة، وهناك تستر على القضاة الفاسدين وغيرها من التهم، التي اعتبرها القضاة صراحة وإيحاء جرائم يعاقب عليها القانون لولا الحصانة التي يتمتع بها حالياً سعيّد.

وقال رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر: إن المجلس الأعلى للقضاء لم يتوان في رفع الحصانة عن القضاة كلما استوجب الأمر ذلك، وعليه إن إسناد المجلس صلاحية محاسبة القضاة هي الممارسة الفضلى التي توصلت إليها الإنسانية بعيداً عن التأثير.

بوزاخر: غير صحيح تستر المجلس الأعلى للقضاء على قضاة متورطين في جرائم

ونفى بوزاخر، حسب ما ذكر موقع “الشارع المغاربي”، أمس السبت، تستر المجلس الأعلى للقضاء على قضاة فاسدين، مؤكداً أنه لا أساس لذلك من الصحة، وأنه ما من مجهود يذكر في معاضدة جهود القضاء في مكافحة الفساد.

وأشار بوزاخر إلى أن اتهام المجلس بالتستر على قضاة متورطين في جرائم لا أساس له من الصحة ولا نقبل المزايدات في هذا الخصوص.

من يصلح القضاء؟

من جهتها، أكدت جمعية القضاة التونسيين، في بيان اطلعت عليه “المجتمع”، أن مسار الإصلاح القضائي مشروع ممتد في الزمن ولا يمكن أن يتحقق بإلغاء المكتسبات الدستورية لاستقلال القضاء، وإنما بالبناء عليها واستكمال نواقصها وتقويم ما اعتراها من أوجه الخلل.

وشددت جمعية القضاة، في بيان مكتبها التنفيذي، الخميس الماضي، على أن ذلك الإصلاح لا يتحقق بخصوص ما يثبت من شوائب الانحراف على واجبات النزاهة والاستقلالية والحياد من بعض القضاة بواسطة القرارات الأحادية للسلطة التنفيذية التي أثبتت التجارب السابقة عدم جدواها وآثارها السلبية على الإصلاح.

القرافي: سعيّد غير مهتم إلا بتطبيق مشروعه السياسي الذي ينذر بهيمنة مطلقة على القضاء

لا وصاية على القضاء

وكتبت الرئيسة السابقة لجمعية القضاة القاضية روضة القرافي على إثر قرار سعيّد سن قانون للمجلس الأعلى للقضاء تدوينة طويلة استهلتها بقولها: خطير ما أعلنه رئيس الجمهورية من قرار تكليف وزيرة العدل بإعداد قانون للمجلس الأعلى للقضاء.

وأضافت: قرار سن قانون للمجلس الأعلى للقضاء مع وجود المجلس كهيكل دستوري قائم طبق الباب الخامس من الدستور وطبق القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء يعني في مدلوله الأول والمباشر أن المجلس ملغى ولم يعد موجوداً بالنسبة إلى رئيس الجمهورية، وهو من الناحية السياسية إهانة صريحة للمجلس بكل مكوناته وليس للقضاة فقط.

وتابعت: بدا جلياً للجميع أن رئيس الجمهورية لا يؤمن بالمنهج التشاركي، فقد أخذ قراره وباغت به الجميع دون إعلام المجلس ودون أن يعيره أي وزن أو اعتبار.

وأشارت إلى أن سعيّداً غير مهتم إلا بتطبيق مشروعه السياسي الذي ينذر بهيمنة مطلقة على القضاء وخلق مناخات الخضوع إلى الأوامر والتبعية، وهو ليس مشغولا بغير بسط النفوذ على المجلس الأعلى للقضاء بالتصرف في تركيبة المجلس وفي أعضائه أو على الأقل في عدد منهم كل ذلك في غياب أي إمكانية للطعن.

Exit mobile version