تونس: دعوة سعيد لـ”تطهير البلاد”.. هل هي استدراج للعنف لتغطية الفشل؟ 

 

لم يكد الرئيس التونسي قيس سعيّد ينهي خطابه الذي ساوى فيه بين القضاء المستقل، ومن وصفهم بالمواطنين الصادقين، والطلب منهم القيام بحملات تطهير ضد كل عبث بمقدرات الدولة والشعب، حتى سجلت منطقة العلا من محافظة القيروان محاولة قتل للكاتب العام لحركة النهضة بالبلدة سيف الدين الرزڨاني. وتساءل كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي “هل هو استدراج للعنف لتغطية الفشل في تحسين ظروف عيش المواطنين، وجلب الأموال لتغطية العجز في ميزانية 2021م و 2022م؟”.

وكان موقع الرئاسة قد أورد تصريحا للرئيس قيس سعيّد جاء فيه “حث رئيس الجمهورية القضاة الشرفاء على عدم التردد في تطبيق القانون على الجميع دون استثناء وعلى قدم المساواة. كما دعا المواطنين الصداقين إلى تطهير البلاد من كل من عبث بمقدرات الدولة والشعب”. بيد أنه بعد 8 ساعات تم تغيير كلمة المواطنين إلى الوطنيين، ولكن الجريمة هي نفسها.

تحت طائلة العدالة

وقال القاضي أحمد الرحموني في تدوين له على “فيسبوك”: بعد ثماني ساعات من نشر بيان مجلس الوزراء المنعقد في 28 أكتوبر الجاري بالصفحة الخاصة برئاسة الجمهورية يتم تعديل نص البيان المذكور بشأن دعوة رئيس الدولة المواطنين الصادقين إلى تطهير البلاد، وذلك بتغيير كلمة المواطنين بكلمة الوطنيين”.

وتابع: “لا نجد تفسيرا لهذا التغيير إلا ما أثير على إثر البيان من انتقادات شديدة لما تضمنته تلك الدعوة من تحريض للمواطنين على الاقتتال والقصاص الفردي”.

وأردف: “لما يدعو ساكن قرطاج المواطنين الصادقين إلى تطهير البلاد من مواطنين آخرين يكون قد ارتكب جريمة حث السكان على التقاتل، ومن واجب النيابة العمومية تتبعه خاصة أنه لا يتمتع بالحصانة المنصوص عليها في دستور 27 يناير 2014م، نظرا إلى أن الأمر الرئاسي عدد 117 الصادر في 22 سبتمبر الماضي، حيث لم يبق من الدستور سوى الباب الأول والثاني ملغيا بذلك الفصل 87 المذكور”.

وعلّق ساخرا “هيا مواطنين طهّروا بعضكم بعضا للأسف عندما يصدر هذا الخطاب من أعلى هرم الدولة فيا خيبة المسعى، إنه تشجيع على العنف والتطهير خارج دولة القانون والقضاء المستقل”.

الطراولي: الانقلابات دائماً تبرر جرائمها بخدمة الوطن وإنقاذ البلاد

الحرب الأهلية

وكتب الناشط السياسي د. خالد الطراولي في صفحته على “فيسبوك”: “الانقلابات دائما تبرر جرائمها بخدمة الوطن وانقاذ البلاد ورغبة الشعب حتى إذا تمكنت خدمت أفرادها وروّعت شعبها ومزقت وطنها”.

أما الكاتب محمد الحمروني فكتب على صفحته على “فيسبوك”: “الالتجاء إلى حشد شعبي أحمق وغبي لتصفية الحساب مع الخصوم فهو يدفع البلاد إلى الحرب الأهلية”. 

وكتب الناشط السياسي محمد الشابي: “لغة التحريض ودعوة أبناء الشعب لتطهير بعضهم البعض وملاحقة بعضهم البعض وليس القضاء من يتولى المحاسبة أدت بشاب من بلدة العلا إلى مهاجمة الرئيس السابق لجمعية نجم العلا الرياضية سيف الدين الرزڨاني والاعتداء عليه في محله. وما يزيد من مرارة الموقف هو محاولة الأمن فرض الصلح عليه.. ذاهبون إلى الاقتتال الشعبي”.

“النهضة” تلجأ للقضاء

ووصف المكتب المحلي لحركة “النهضة” بالقيروان الحادثة بالخطيرة، مشيرا إلى أن موجات الاعتداء العنيفة المتكررة التي تلت قرارات 25 يوليو جاءت بإيعاز من خطابات تحريضية تغرس الحقد والتفرقة، وتعزز العصبية بين أفراد المجتمع التونسي، في إشارة إلى خطابات قيس سعيّد.

وأكد مكتب الحركة في بيان له إدانته لهذه الممارسات العنيفة في ظل دولة القانون والمؤسسات، واستنكاره لأساليب الميليشيات والمرتزقة التي تنتهجها بعض الأطراف المحرضة على أعمال الفوضى والعنف.

ودعا المكتب الإقليمي لحركة “النهضة” في القيروان إلى اتخاذ كل الاجراءات والتدابير القانونية والقضائية من أجل حماية سيف الدين الرزڨاني وعائلته.

“النهضة”: الخطابات المشحونة بالعنف بلغت أوجها في تحريض جزء من التونسيين على بعضهم

واعتبرت الحركة في بيان بتوقيع رئيسها راشد الغنوشي أن “هذه الحادثة وما سبقها والخطابات المشحونة بالعنف الصادرة خاصة عن ما يسمى بالحشد الشعبي والتنسيقيات هي نتيجة طبيعية لما يصدر عن الرئاسة من خطابات التخوين والتجييش، بلغت أوجها في تحريض جزء من التونسيين على بعضهم كما ورد في اجتماع الخميس 28 أكتوبر من دعوة خطيرة للتطهير” و”تعلم الحركة الرأي العام بأنها تقدّمت بقضية ضد المعتدي على الأخ سيف الدين الرزڨاني وعلى من خطّط معه أو حرضه على هذا الاعتداء الشنيع”.

وبهذه المناسبة أهابت حركة “النهضة” بكافة المواطنين “إلى عدم مجاراة دعوات الفتنة والحرب أيا كان مصدرها وإلى التزام الاحترام ومقتضيات العيش المشترك وإلى الاحتكام إلى القانون وإلى القضاء كلّما دعت الحاجة”.

Exit mobile version