خبراء: دعوة مصر “مجلس الأعمال الأوروبي” لحل أزمة “سد النهضة” استهلاك للوقت

 

اعتبر عدد من الخبراء دعوة مصر لمجلس الأعمال الأوروبي للوساطة في أزمة سد النهضة لحلها نوعاً من استهلاك الوقت وتخدير الشعب وتغييبه، خاصة بعدما صار موقف مصر ضعيفاً دولياً وإقليمياً عقب إحالة مجلس الأمن الأزمة مجدداً للاتحاد الأفريقي، وهو ما اعتبرته إثيوبيا نصراً لها، متهمين الرئيس عبدالفتاح السيسي بالتسبب في الكارثة منذ توقيع اتفاق عام 2015م.

ودعا الخبراء، في تصريحات لـ”المجتمع”، الشعب المصري بالتحرك والضغط على السلطة لاتخاذ إجراءات جادة للحفاظ على حق مصر التاريخي في مياه النيل، وعدم التماهي مع مثل هذه الدعوات التي لن تجدي كثيراً، خاصة مع مضي إثيوبيا في تنفيذ مخططها وإتمام الملء الأول والثاني وصار الملء الثالث مسألة وقت.

وكانت مصر قد دعت، عبر وكيل مجلس النواب محمد أبو العينين، مؤخراً، سفراء مجلس الأعمال الأوروبي لتدخل دولهم كوسطاء لحل أزمة “سد النهضة”، متناولاً ظروف مصر المائية واقترابها من الفقر المائي، في محاولة من جانبها لإحياء جهود الوساطة بعدما تراجعت في الفترة الأخيرة، في الوقت الذي تمضي إثيوبيا قدماً في تحقيق مخططها والاستعداد للملء الثالث بعد إتمام الملء الأول والثاني. 

الدعوة نوع من الإفلاس

وفي سياق تعليقه، قال الكاتب الصحفي خالد الشريف: للأسف مصر في مأزق بعد تفريط السيسي في حقوق مصر التاريخية في مياه النيل بالتوقيع على وثيقة التفاهم وفقد كافة أوراق الضغط على إثيوبيا، وحتى بعد التوقيع الكارثة، حدث تراخٍ في الدفاع عن مياه النيل، وبدا السيسي ضعيفاً أمام غطرسة النظام الإثيوبي الذي تلاعب بنا طوال هذه السنوات ليتمكن من ملء السد ووضع الجميع أمام الأمر الواقع.

وأضاف الشريف لـ”المجتمع”: أعتقد أن طلب وساطة سفراء مجلس الأعمال الأوروبي للتدخل لحل أزمة “سد النهضة” نوع من الإفلاس السياسي للسلطة، متسائلاً: متى كان سفراء مجلس الأعمال الأوروبي قادراً على حل أزمة أو صاحب قوة للتدخل لفض اشتباك؟ مضيفاً: السلطة المصرية تقتل الوقت وتتعمد الخسارة لإفقار مصر مائياً، مؤكداً أن الكارثة ستحل بالشعب سواء الأجيال الحالية أو القادمة، ما يقود مصر إلى الهاوية؛ لأن النيل لا يمكن الاستغناء عنه، وحق مصر التاريخي في مياهه ورقة لا تقبل التفاوض، وما يتم من استدعاء دول وكيانات للوساطة يعكس بوضوح موقف مصر الضعيف أمام إصرار وتحدٍّ إثيوبي للمضي في تنفيذ ما تريده.

تخدير وتغييب للشعوب 

من جانبه، استبعد الباحث في شؤون الري مصطفى إبراهيم أن تحقق مخاطبة الاتحاد الأوروبي أي تقدم في ملف “سد النهضة”، مؤكداً أن السيسي سلم إثيوبيا حقوق مصر التاريخية في مياه النيل في “اتفاق المبادئ” الذي وقعه بالخرطوم، في 23 مارس 2015م، مؤكداً أن الدول الكبرى لا تعترف سوى بالاتفاقيات الموقعة من قبل الأطراف كلها، وبمبدأ القوة وكلاهما تفتقده مصر الآن.

ودعا إبراهيم، في حديثه لـ”المجتمع”، الشعب المصري لليقظة وأخذ حقوقه ممن فرط في مقدراته وضيع الحقوق التاريخية لمياه النيل، وبغير ذلك فلا مجال للحديث عن أي تحرك دبلوماسي أو دولي، فقد تم عقد عشرات الجلسات من المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، ولم تخرج تلك الاجتماعات المطولة والمكررة بأي نتيجة.

كما اتهم رأس السلطة المصرية بالتسبب في تلك النتائج الكارثية التي وصلت إليها الأوضاع في البلاد وفي الجفاف الذي يضرب جنبات مصر، مؤكداً أن حديث السيسي عن تحلية مياه البحر أو مياه الصرف الصحي والزراعي ما هو إلا مسكنات لتخدير الشعب المصري ولتغييب وعيه ولإلهاء المواطنين عن حجم الكارثة التي تسبب فيها، وذلك لاستحالة تحلية كميات المياه التي ستنقص حال اكتمال تشغيل “سد النهضة”. 

استجداء الوساطات استهلاك وقت 

وبدوره، أكد المختص بالشأن العربي والأفريقي أحمد فراج أن مثل هذه الدعوات هي مجرد استهلاك للوقت واستجداء للتعاطف الدولي لن تفيد كثيراً في أزمة تحدد مصير شعوب ومتداخلة الأطراف سواء إثيوبيا نفسها، باعتبار أن السد يقام على أرضها، أو البنك الدولي الممول والمستفيد الأول مع إثيوبيا، فضلاً عن الدول الممولة للسد الذي يهدف ليس فقط للتنمية ولكن أيضاً للاستثمار في مجالات عدة وعلى رأسها الكهرباء وربما بيع المياه أيضاً لعدد من الدول المحيطة، ومن الوارد أن تكون مصر من بينها لاستكمال حصتها أو ما يزيد على هذه الحصة، وعليه ليس من البساطة أن تتدخل مثل هذه الكيانات في أزمة بهذا الحجم فشلت فيها مؤسسات دولية.

وأضاف فراج لـ”المجتمع”: ما يجرى من جانب المسؤولين المصريين في هذا الشأن هو استهلاك للوقت، ولكن السؤال: هل هو استهلاك إيجابي بمعني الاستعداد لإجراء ما يتم الإعداد له، أم أنه استهلاك سلبي؛ أي إقرار الأمر الواقع والتعامل معه ولكن بطريقة تدريجية لامتصاص غضب الشعب؟ وهذا السؤال سوف تجيب عنه الأيام القادمة، وإن كانت الأمور تتأزم أكثر لاقتراب الملء الثالث، وهنا يجب أن تكون الأمور أكثر وضوحاً وشفافية.

Exit mobile version