هل تحركت الأرض من مكانها ثم صححت نفسها خلال السنين الماضية؟

 

اكتشف العلماء صخوراً من الحجر الجيري في إيطاليا تؤكد أن أقطاب الكرة الأرضية «تحولت» بمقدار 12 درجة منذ ما يقرب من 84 مليون سنة، لكن كوكب الأرض «صحح نفسه» وعاد إلى مكانه على مدار الخمسة ملايين سنة الماضية.

وحسب البحث الجديد الذي استعرضته جريدة «دايلي ميل» البريطانية في تقرير لها اطلعت عليه «القدس العربي»، فإن «تذبذبات» الغلاف الخارجي الصلب للأرض على مر العصور كان أكبر بكثير من الاعتقاد الذي كان سائداً في السابق.

القشرة كانت مائلة

ووجد الباحثون بقيادة عالم الجيولوجيا جو كيرشفينك في معهد علوم الحياة الأرضية بجامعة طوكيو دليلاً في إيطاليا على أن قشرة الأرض كانت مائلة 12 درجة جنوباً منذ حوالي 84 مليون سنة.

ويقول الباحثون: إن هذا الميلان قد لا يبدو كثيراً لكنه يعني من حيث التأثير أنه يزيد على ألف ميل، وهو ما يكفي لدفع مدينة نيويورك مثلاً إلى حيث توجد تامبا في فلوريدا الآن.

وقام كيرشفينك وفريقه بتحليل البيانات المغنطيسية القديمة من الحجر الجيري «Scaglia Rossa» الوردي الموجود في جبال «Apennine» في وسط إيطاليا، الذي تم إنشاؤه في العصر الطباشيري، منذ 145 و65 مليون سنة.

وتشير نظرية «التجوّل القطبي الحقيقي» إلى أنه نظراً لأن الوشاح الخارجي للأرض يحيط بطبقة سائلة منصهرة ونواة داخلية معدنية صلبة، فإنه يمكن أن يميل بشكل مستقل عن محور دوران الكوكب وحتى تحريك الأقطاب المغناطيسية للكوكب.

انحراف منذ ملايين السنين

ويمكن تحليل «التجوال القطبي الحقيقي» الذي يحدث اليوم بدقة باستخدام صور الأقمار الصناعية، ولكن تحديد أي انحراف منذ ملايين السنين أصعب بكثير.

وبحسب العلماء، فإنه «لحسن الحظ تترك التحولات في الحقول المغناطيسية للأرض آثاراً في طبقات الصخور يمكن أن توفر صورة أوضح»، حسب ما نقلت «دايلي ميل».

وتصطف بلورات المغنتيت المجهرية مثل إبر البوصلة، وتترك علامة دائمة في الرواسب عندما تتصلب الصخور «بالطريقة نفسها التي يسجل بها الشريط المغناطيسي موسيقاك»، وفقاً للمعهد التابع لجامعة طوكيو.

3 درجات كل مليون سنة

وقالت سارة سلوتزنيك، الباحثة المشاركة في التأليف، وعالمة الأحياء الجيولوجية في كلية دارتموث: «هذه الصخور الرسوبية الإيطالية كانت خاصة وموثوقة للغاية، لأن المعادن المغناطيسية هي في الواقع أحافير للبكتيريا التي شكلت سلاسل من أكسيد الحديد الأسود».

ويشير تقرير العلماء إلى أن قشرة الأرض قد تحركت ببطء حوالي ثلاث درجات كل مليون سنة.

وكتب المؤلفون: «التجوال القطبي الحقيقي، أو إعادة توجيه الكواكب، موثق جيداً بالنسبة للكواكب والأقمار الأخرى وللأرض في الوقت الحاضر مع الأقمار الصناعية» لكن اختبار انتشاره في ماضي الأرض معقد بسبب الحركات المتزامنة بسبب الصفائح التكتونية.

ومنذ حوالي 86 إلى 78 مليون سنة مضت، انحرفت القشرة عن حوالي 12 درجة، كما يقولون، لكنها «عادت إلى موقعها الأصلي خلال فترة حوالي خمسة ملايين سنة، ليكون التحول الإجمالي 25 درجة تقريباً».

وأضاف المؤلفون: «تمثل هذه الملاحظة أحدث تجول قطبي حقيقي واسع النطاق موثق، وتتحدى فكرة أن محور الدوران كان مستقراً إلى حد كبير على مدى المئة مليون سنة الماضية».

تغيير المسار

ويقول العلماء: إنه ربما يكون هذا الميل ناتجاً عن تغيير المسار في صفيحة المحيط الهادئ، وهي أكبر صفيحة تكتونية على الأرض، حيث بعد غرق طويل تحت صفيحة إلى الشمال، تحولت صفيحة المحيط الهادئ إلى اتجاه ما منذ حوالي 84 مليون سنة وبدأت في الاندماج بواسطة صفيحة أخرى إلى الغرب.

وتشير الأبحاث السابقة إلى أن «التجوال القطبي الحقيقي» ربما تسبب في نشوء أحدث عصر جليدي لكوكب الأرض منذ حوالي 3.2 مليون سنة.

وفي عام 2018، أفاد علماء الجيولوجيا في جامعة رايس أنه خلال الـ12 مليون سنة الماضية، دفع تحول الأرض بالنسبة إلى محورها غرينلاند بعيداً بما يكفي نحو القطب الشمالي حيث أطلق عصراً جليدياً لا يزال مستمراً حتى الآن.

وتوصلوا إلى هذا الاستنتاج بفحص موقع الوشاح الذي نتج عنه جزر هاواي، وكذلك من خلال تحليل التوقيع المغناطيسي لقشرة المحيط والتوقيعات الأحفورية من أعماق المحيط الهادئ.

النقطة الساخنة

وقال قسم علوم الأرض والبيئة والكواكب في العام 2018: إنه «تم إصلاح النقطة الساخنة في هاواي، بالنسبة لمحور الدوران، من حوالي 48 مليون سنة إلى حوالي 12 مليون سنة مضت، ولكن تم إصلاحها على خط عرض أبعد إلى الشمال مما نراه اليوم».

وقال جوردون: إن هذا كان مجرد تحول من 3 درجات، لكن كان له تأثير أخذ الوشاح تحت المحيط الهادئ الاستوائي ونقله إلى الجنوب، وفي الوقت نفسه كان يحول غرينلاند وأجزاء من أوروبا وأمريكا في الشمال.

وربما أدى ذلك إلى نشوء عصر جليدي لا تزال الأرض تشهده من الناحية الفنية مع الأقطاب المغطاة بالجليد والصفائح الجليدية السميكة التي تنمو وتتراجع من المنطقة بمرور الوقت.

القمر تذبذب

ويُعتقد أن عدداً قليلاً نسبياً من الأجسام الكوكبية قد حولت محورها بعد تشكلها، ولكن في عام 2016 أفاد علماء الفيزياء الفلكية في جامعة «ساوثيرن ميثوديست» أن القمر أيضاً «تذبذب» بعد تشكله.

وقال عالم الكواكب مات سيغلر: «منذ مليارات السنين تسبب التسخين داخل القمر في تحول الوجه الذي نراه لأعلى مع تغيير موضع القطب جسدياً»، وسيكون الأمر كما لو أن محور الأرض قد انتقل من القارة القطبية الجنوبية إلى أستراليا.

Exit mobile version