الولايات المتحدة و”إسرائيل” على مسار تصادمي بسبب قرار إعادة فتح قنصلية القدس

 

حالة من الصدام المتوقع بين الإدارة الأمريكية والحكومة “الإسرائيلية” سببها القرار الذي اتخذته واشنطن بإعادة فتح قنصليتها في القدس، وذلك حسبما أوردت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، أمس السبت.

وقالت الصحيفة: إن التأخير في إعادة فتح أبواب القنصلية الأمريكية في القدس قد يزعج القيادة الفلسطينية، وإن إدارة بايدن ما زالت تُصر على إعادة فتحها، بينما يواجه هذا القرار مقاومة شرسة ولا سيما في أوساط اليمين المتطرف، الذي يؤكد أن القرار سيؤدي إلى انهيار الحكومة الائتلافية “الإسرائيلية” الهشة.

وتحدثت “يديعوت أحرنوت” عن أن وزير الخارجية “الإسرائيلي” يائير لابيد وافق خلال زيارته الأخيرة لواشنطن على إعادة فتح القنصلية، وذلك خلال لقاء جمعه بنظيره الأمريكي أنتوني بلينيكن، يأتي ذلك في وقت يرفض فيه رئيس الوزراء نفتالي بينيت هذا القرار، وفقاً لما تداولته وسائل إعلام “إسرائيلية”.

من جانبها، قالت المحللة الصحفية “الإسرائيلية” إيلي نيسان للصحيفة العبيرية: إن موقف “إسرائيل” الرافض للقرار يأتي لأن وجهة نظر أي حكومة يرأسها الليكود بما فيها حكومة بينيت ولابيد، ترى أن إعادة فتح القنصلية هو موافقة عملية على تقسيم المدينة، وهو السبب ذاته الذي أحدث نقاشات كبيرة بين “إسرائيل” والولايات المتحدة.

وأضافت نيسان: الموضوع يقع في قلب المواجهة بين الحكومتين الأمريكية و”الإسرائيلية”، فإعادة فتح القنصلية قد يؤدي إلى تفكك الحكومة “الإسرائيلية”.

كما تطرقت الصحيفة إلى الجدل الذي أحدثه القرار في أوساط الأحزاب “الإسرائيلية”، مشيرة إلى أن حزبي ميرتس اليساري والقائمة يؤيدان إعادة فتح القنصلية، فيما يرفض اليمين هذه الخطوة، وهو ما قد يؤدي إلى إنهاء الائتلاف الحكومي “الإسرائيلي” الهش.

مع ذلك، تقول نيسان: إن واشنطن يمكن أن تنتظر حتى وقت لاحق في أكتوبر الجاري، قبل أن تتخذ قرارًا نهائيًا، عندما تتم تسوية القضية المهمة المتعلقة بتمرير الميزانية في “إسرائيل”، وإذا لم يتم تمرير ميزانية جديدة، فسيتم حل الحكومة تلقائيًا وستذهب البلاد إلى انتخابات جديدة.

وقد يؤجل الأمر إلى ما بعد 25 أكتوبر عندما يتم إقرار الموازنة العامة للدولة والمصادقة عليها لأن عدم المصادقة على الموازنة سيؤدي إلى تفكك الحكومة، مضيفة دعونا ننتظر وبعد ذلك سنرى موقف الحكومة.

من جانبه، أعرب وزير العدل “الإسرائيلي” جدعون سار، خلال مؤتمر علني عقد مؤخراً، عن معارضته الشديد السماح بإعادة فتح القنصلية، حتى لو جاء ذلك بضغط من الإدارة الأمريكية، موضحاً أنه تحدث مع نفتالي بينيت عدة مرات في المسألة ذاتها، وكانت الإجابة  أننا على نفس الصفحة، ولا نرى بشكل مختلف في إشارة لموقفهما الرافض للقرار، مضيفًا أن أحدهم قال: إنه التزام انتخابي، لكن بالنسبة لنا، إنه التزام جيل، لن نتنازل عن هذا.

في السياق، ذكرت الصحيفة العبرية أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن جدد، خلال مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي جمعه بنظيره “الإسرائيلي” لابيد على وجوب فتح القنصلية، قائلاً: الولايات المتحدة ستعيد فتح القنصلي في القدس التي كانت تتعامل تقليدياً مع الفلسطينيين، غير أن محللين يرون أن القضية ستشكل معضلة بالنسبة للحكومة “الإسرائيلية” الحالية.

وتلمح الصحيفة إلى أن واشنطن تخشى أن يؤدي إعادة فتح بعثتها الدبلوماسية إلى إضعاف أو حتى نهاية الحكومة الائتلافية الحالية برئاسة نفتالي بينيت.

وشكّل بينيت، رئيس حزب يمينا اليميني الصغير، حكومة ائتلافية في يونيو الماضي، وهي مكونة من أحزاب وسطية ويسارية وعربية، متحدون جميعًا في هدفهم المتمثل في طرد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من منصبه، على حد تعبير “يديعوت”.

ولفتت إلى أن بينيت الذي يؤيد توسيع المستوطنات في الضفة الغربية –التي تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي– قال مراراً: إنه ضد قيام الدولة الفلسطينية.

وعن هذا تقول نيسان: إن هذه القضية مهمة وحساسة للغاية بالنسبة للسياسيين “الإسرائيليين”، لدرجة أن نير بركات، عضو الكنيست والمرشح البارز ليحل محل نتنياهو كزعيم لحزب الليكود اليميني، اقترح مشروع قانون في يوليو سعى إلى منع الدول من إقامة علاقات دبلوماسية، أو تواجد أي بعثات في القدس ليست بعثات إلى “إسرائيل”، وسافر بركات إلى الولايات المتحدة في يوليو لعقد اجتماع مع نواب لمناقشة القضية.

وقالت نيسان: عضو الكنيست بركات من الليكود قام بزيارة خاصة للولايات المتحدة لإقناع أعضاء الكونغرس بعدم السماح بإعادة فتح القنصلية.

في السياق نقلت الصحيفة عن أحمد رفيق عوض، رئيس مركز دراسات القدس في جامعة القدس، قوله: إن هناك خيبة أمل بين الفلسطينيين بسبب قلة الحركة من الجانب الأمريكي، ولديهم توقعات أقل الآن من إدارة بايدن.

واعتمدت السلطة الفلسطينية وقيادتها على الإدارة الأمريكية الحالية والحزب الديمقراطي، حيث تعتبر الرئيس جو بايدن الشخص الذي أعاد تأهيل السياسة الأمريكية التقليدية، لكن حتى الآن، لم تحظ سياسة بايدن بالحماس من الفلسطينيين وفقاً لتوصيف الصحيفة.

وحول هذا يقول عوض: إذا لم تف الولايات المتحدة بوعدها في إعادة فتح القنصلية، فإنها ستزيد من تنفير الفلسطينيين.

وتابع: ما نريده هو ربط الأقوال بالأفعال والإدارة الأمريكية لم تفعل ذلك حتى الآن، نحن كفلسطينيين نشعر أن هناك إحجامًا كبيرًا عن حل الدولتين من قبل إدارة بايدن، وخلق بيئة وشروط لهذا.

ونوّه إلى أن لدى القيادة الفلسطينية آمالاً كبيرة عندما فاز بايدن في الانتخابات، بعد أن شعرت أن الرئيس السابق دونالد ترمب قدم الدعم المطلق لـ”إسرائيل” وتجاهل الفلسطينيين.

ولم تكن إدارة بايدن لديها الشجاعة المطلوبة، ولم ترق إلى مستوى الأمل الذي كان لدى الفلسطينيين لهذه الإدارة، غير أن عدم فتح القنصلية يعطي الانطباع بأن الإدارة الأمريكية ليست جادة وتقبل بالضغط “الإسرائيلي”.

وفي أواخر عام 2017، اعترف ترمب رسميًا بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” وأمر السفارة الأمريكية في “تل أبيب” بالانتقال إلى القدس عام 2018، مخالفاً عقوداً من السياسة الخارجية الأمريكية التي تبنتها الإدارات المتعاقبة السابقة.

يشار إلى البعثة الدبلوماسية الأمريكية التي تتعامل فقط مع الفلسطينيين تحمل أهمية رمزية عميقة، حيث يقول الفلسطينيون: إنها تعترف بحقهم في إقامة دولة مستقلة في الضفة الغربية وغزة وعاصمتها القدس الشرقية.

وتم تعيين أول قنصل أمريكي في القدس من قبل الرئيس جون تايلر في عام 1844.

Exit mobile version