صندوق النقد: التعافي في الشرق الأوسط لا يزال هشا .. التضخم أكبر العراقيل

قال صندوق النقد الدولي، إن الدول في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تخرج من صدمة كوفيد – 19، لكن الطريق إلى التعافي الكامل لا يزال غير منتظم وهشا، مشيرا إلى ارتفاع التضخم باعتباره من أكبر العراقيل الاقتصادية.

ورجح الصندوق في توقعاته الاقتصادية الإقليمية أمس نمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 4.1 في المائة في العامين الحالي والمقبل بعد أن تسببت أزمة فيروس كورونا في انكماش 3.2 في المائة في 2020.

ومن المتوقع أن يبلغ النمو في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى 4.3 في المائة هذا العام و4.1 في المائة في العام المقبل، وذلك بعد انخفاضه 2.2 في المائة في 2020.

وقال الصندوق “في ظل عدم التساوي في وتيرة التطعيم باللقاحات، من المتوقع أن تكون معدلات التعافي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى متفاوتة وهشة، وتحتاج الدول إلى مواصلة التركيز على إدارة الجائحة”.

ومن شأن تفاوت معدلات التطعيم مفاقمة عدم المساواة والفقر في المنطقة التي تضم نحو 30 دولة من موريتانيا إلى قازاخستان.

وسقط نحو سبعة ملايين شخص آخرين في براثن الفقر المدقع خلال العامين الماضيين، وهو أكثر مما كانت تشير إليه تقديرات ما قبل الأزمة.

ويمكن أن يحد ارتفاع التضخم الناجم عن زيادة أسعار السلع الأساسية ونقص الإمدادات المرتبط بالجائحة من القدرة على تبني سياسات نقدية داعمة.

وفي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من المتوقع أن يرتفع التضخم إلى 12.9 في المائة هذا العام من 10.4 في المائة العام الماضي، بينما في آسيا الوسطى، من المتوقع أن يرتفع إلى 8.5 في المائة هذا العام مقارنة بـ7.5 في المائة العام الماضي.

وقال صندوق النقد “إضافة إلى محدودية الحيز على صعيد السياسة المالية، تواجه البلدان الآن عبئا إضافيا يتمثل في تضاؤل الحيز النقدي، نظرا لارتفاع التضخم .. البنوك المركزية أمامها مهمة صعبة لكبح جماح التضخم المتزايد دون خنق التعافي الهش”.

وفي حالة استمرار الضغوط التضخمية العالمية لفترة أطول من المتوقع، فقد يؤدي ذلك أيضا إلى زيادة مخاطر التمويل بالنسبة لبلدان المنطقة الشديدة الاعتماد على الديون الخارجية.

وأضاف الصندوق “تشديد الأوضاع المالية العالمية يمكن أن يؤدي إلى نزوح تدفقات رأسمال إلى الخارج وزيادة الفوائد على الديون السيادية، وهو ما يكون الأكثر انكشافا عليه أولئك الذين لديهم احتياطيات أقل وحسابات خارجية أضعف”.

وبحسب “الفرنسية”، قال جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي “المنطقة تشهد انتعاشا في عام 2021. منذ بداية العام، نشهد تقدما في الأداء الاقتصادي”.

وأضاف أزعور أن “هذا الانتعاش ليس هو نفسه في جميع البلدان. إنه غير مؤكد ومتفاوت بسبب الاختلاف في التطعيم والتطورات الجيوسياسية”.

وفي تقريره الأخير حول التوقعات الاقتصادية الإقليمية الذي صدر هذا الشهر، قال الصندوق إنه في حين تحسنت آفاق اقتصادات الدول المصدرة للنفط مع ارتفاع أسعار الخام أخيرا، فإن البلدان ذات الدخل المنخفض والبلدان المتضررة من النزاعات ما زال تعافيها هشا.

وحذر من “تصاعد الاضطرابات الاجتماعية” في عام 2021 الذي “يمكن أن يرتفع أكثر بسبب موجات الانتشار المتكررة (لفيروس كورونا) والظروف الاقتصادية المتردية، وارتفاع البطالة وأسعار المواد الغذائية”.

وشهد عديد من دول المنطقة وبينها العراق ولبنان والسودان والجزائر في الفترة الأخيرة تظاهرات وتحركات مناهضة للسلطات احتجاجا على الغلاء ونقص الخدمات.

وارتفع معدل البطالة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا العام الماضي بنحو 1.4 نقطة مئوية ليصل إلى 11.6 في المائة.

وقال صندوق النقد إن هذا الارتفاع يتجاوز ذلك الذي حصل خلال الأزمة المالية العالمية مع انهيار أسعار النفط بين عامي 2014 و2015.

وحذر الصندوق من المخاطر طويلة المدى للتعافي “غير المتكافئ” بين دول المنطقة، الذي قد يؤدي إلى “اتساع فجوة الثروة والدخل.. ونمو أضعف ومجتمعات أكثر انعزالية”.

وتشير تقديرات الصندوق إلى أن نحو سبعة ملايين شخص قد دخلوا في فقر مدقع خلال عامي 2020 و2021.

ومن المتوقع أن يرتفع مستوى التضخم في المنطقة إلى 12.9 في المائة في عام 2021 من 10.4 العام الماضي مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة في بعض البلدان، قبل أن ينخفض إلى 8.8 في المائة في 2022.

وقال التقرير “إن اللامساواة تزداد بشكل مضطرد. فقد تأثر الأشخاص من أصحاب المهارات الأقل دخلا والشباب والنساء والعمال المهاجرون بالوباء، وكذلك الشركات الأصغر”.

ووفقا للصندوق، فقد عاد قطاع الشركات إلى مستويات ما قبل الوباء، لكن الشركات الأصغر ما زالت تعاني، متوقعا أن يحتاج نحو 15 إلى 25 في المائة من هذه الشركات “إلى إعادة هيكلة أو تصفية”.

توقعاته نمو اقتصاد آسيا

وخفض الصندوق من توقعاته لنمو اقتصاد آسيا خلال عام 2021 إلى 6.5 في المائة، معللا ذلك ” بالارتفاعات الجديدة في دورة جائحة كورونا”.

والكثير من الدول في منطقة آسيا تسجل حالات إصابة ووفاة قياسية بفيروس كورونا خلال أشهر منذ أن توقع صندوق النقد الدولي في نيسان (أبريل) الماضي نمو اقتصاد المنطقة 7.5 في المائة خلال العام الجاري.

وأشار الصندوق إلى أنه على الرغم من تأثير انتشار الفيروس والقيود الصارمة المطبقة في دول مثل أستراليا وماليزيا، من المرجح أن تبقى آسيا أسرع منطقة نموا في العالم، محذرا من جائحة كورونا تحدث” انقساما” بين الاقتصادات الأكثر تقدما في المنطقة ونظيراتها الناشئة أو النامية.

ومن المقرر أن ينمو الاقتصاد الصيني، أكبر اقتصاد في المنطقة 8 في المائة، و أن ينمو اقتصاد اليابان 2.4 في المائة.

ومن الممكن أن تصل نسبة نمو الاقتصاد الهندي إلى 9.5 في المائة بعدما انكمش بأكثر من 7 في المائة عام 2020، ولكن الاقتصادات الناشئة والنامية مثل ” إندونيسيا وماليزيا والفلبين وتايلاند” ما زالت تواجه تحديات قوية من ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس مجددا و القطاعات كثيفة الاتصال”.

وقال صندوق النقد الأسبوع الماضي إن الاقتصاد العالمي قد ينمو 5.9 في المائة هذا العام، بانخفاض طفيف عن توقعاته التي أطلقها خلال تموز (يوليو) الماضي، وأرجع ذلك إلى تضرر “الاقتصادات المتقدمة ” من عرقلة سلاسل الإمداد التي تفاقمت بسبب أحدث تفش لكورونا في مراكز الصناعة بآسيا.

وبين اقتصادات المنطقة، أبقى البنك المركزي الإندونيسي أمس على معدلات الفائدة الرئيسية دون تغيير، وذلك للاجتماع الثامن على التوالي، إذ قرر مجلس محافظي “بنك إندونيسيا” الإبقاء على الفائدة على عمليات إعادة الشراء (الريبو) لأجل أسبوع عند 3.5 في المائة. وكان آخر تغيير في المعدل قد تم اتخاذه في شباط (فبراير) عندما تم خفضه بربع نقطة.

كما تم الإبقاء على معدل الفائدة على الودائع عند 2.75 في المائة والإقراض عند 4.25 في المائة.

وجاء القرار متماشيا مع متطلبات الحفاظ على استقرار سعر الصرف والنظام المالي، في ظل توقعات بتراجع التضخم، ووسط جهود يجري بذلها لدعم النمو الاقتصادي.

ومن المتوقع أن يستمر النمو الاقتصادي في التحسن حتى الربع الرابع، بحيث يظل نمو عام 2021 بأكمله في نطاق توقعات بنك إندونيسيا عند 3.5 في المائة إلى 4.3 في المائة.

كما يتوقع أن يكون التضخم دون منتصف النطاق المستهدف ما بين 2 و4 في المائة هذا العام وأن يظل ضمن النطاق المستهدف أيضا في 2022.

Exit mobile version