10 أعوام على “وفاء الأحرار”.. وتزايد الآمال بصفقة جديدة

 

توافق اليوم الذكرى العاشرة لإبرام صفقة “وفاء الأحرار” بين المقاومة الفلسطينية والكيان “الإسرائيلي”، في واحدة من أبرز عمليات تبادل الأسرى على مدار تاريخ الصراع مع المحتل، فيما يرقب الفلسطينيون صفقة مماثلة مقابل الضباط والجنود “الإسرائيليين” الأسرى حاليًا لدى “كتائب القسام”.

وأخلت المقاومة في مثل هذا اليوم قبل 10 أعوام سبيل جندي سلاح المدفعية “الإسرائيلي” جلعاد شاليط مقابل الإفراج عن 1027 أسيرًا وأسيرة تم إطلاق سراحهم على دفعتين.

وتم الإعلان عن التوصل لاتفاق عملية التبادل في 11 أكتوبر 2011 بوساطة مصرية في عهد المجلس العسكري، فيما جرت عملية التبادل في 18 من الشهر ذاته؛ لتسطر واحدة من أضخم عمليات المقاومة للإفراج عن الأسرى.

وتوّجت صفقة “وفاء الأحرار” نجاح المقاومة في إخفاء الجندي شاليط حيًا لأكثر من 5 أعوام ليرغم الاحتلال على عقد صفقة تبادل الأسرى مقابل استعادته، بعد فشله في الوصول إليه بهدف قتله أو تحريره لإفشال هدف المقاومة.

تفاصيل الصفقة

في 25 يونيو 2006، تم أسر الجندي شاليط في عملية نوعية نفذتها “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس” و”ألوية الناصر صلاح الدين” و”جيش الإسلام”.

وتم خلال العملية أسر شاليط من داخل دبابته شرق محافظة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، واستشهد خلال تأديتها اثنان من منفذيها وعدد من المخططين لها لاحقًا.

ونفَّذت العملية بمهارة وتقنيّة عسكريّة عالية المستوى تخطيطًا وأداءً خلال 8 دقائق في الموقع العسكري “الإسرائيلي” شرق رفح، وانسحب المنفذون ومعهم شاليط دون أن يتمكن الاحتلال من تعقبهم.

وعرف عن “كتائب القسام” إيلاؤها قضية تحرير الأسرى في سجون الاحتلال أهمية كبيرة، إذ سبق أن نفذت عشرات العمليات في محاولة لأسر جنود لمبادلتهم ضمن صفقات، تضمن الحرية للأسرى في سجون الاحتلال.

وتم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بشأن صفقة “وفاء الأحرار” بعد مفاوضات مُضنية قادت وساطتها مصـر بين قيادة حركة “حماس” والكيان الصهيوني لتتم عملية التبادل على مرحلتين.

وأنجزت المرحلة الأولى من الصفقة بالإفراج عن 450 أسيراً و27 أسيرة من سجون الاحتلال، مقابل إطلاق المقاومة سراح شاليط، في حين تمت المرحلة الثانية بعد شهرين بالإفراج عن 550 أسيرًا، وسبق الصفقة الإفراج عن 20 أسيرة وأسيرين سوريين بشريط فيديو يُظهر شاليط وهو حي.

ولاحقًا كشف أحد مؤسسي “كتائب القسام” عبدالحكيم حنني أن نائب القائد العام لـ”القسام” الشهيد أحمد الجعبري أخبرهم أنه أرسل فرقة كاملة من الاستشهاديين مع الجندي “شاليط” خلال تنفيذ صفقة “وفاء الأحرار”.

وقال حنني في مقابلة تلفزيونية: “كل واحد منهم كان على وسطه حزام ناسف، وكان قرار “القسام” إذا كان هناك أي خيانة، يجب ألا يسلم شاليط حياً”.

إنجاز تاريخي

وتُعد صفقة “وفاء الأحرار” إنجازًا تاريخيًا للمقاومة الفلسطينية، ورسمت لوحة وطنية مشرقة، إذ شملت قيادات فلسطينية تقضي محكوميات عالية في السجون “الإسرائيلية” تصل إلى 745 عامًا، كما أنها تضمنت الإفراج عن أقدم أسير وأسرى من مختلف ألوان الطيف الفلسطيني.

كما شملت أسرى من كافة الأراضي الفلسطينية، من قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة والأراضي المحتلة عام 1948 والقدس المحتلة، وآخرين من الجولان السوري المحتل، وهو ما عكس حرص المقاومة على شمولية الصفقة.

في المقابل، على مدار سنوات فترة احتجاز شاليط لدى المقاومة، فشل الكيان “الإسرائيلي” بكافة أدواته وأجهزته الاستخبارية في الوصول إلى أي معلومة أو طرف خيط حول مكانه.

وطوال فترة احتجازه حاول الكيان “الإسرائيلي” الاستفادة من عنصر الزمن في البحث عن الأسير، وفي الضغط على “حماس”، وفي القيام بحملات القتل والتدمير، وفرض الحصار والسعي لإسقاط حكومة “حماس”، لكنه فشل في كل ذلك.

كما مورست ضغوط سياسية على حركة “حماس” في محاولة لتسليم شاليط دون مقابل ومنها طلبا لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لكنها رفضت ذلك.

لكنَّه في الوقت نفسه، ترك المجال للتفاوض بشأن عملية تبادل الأسرى، مراهناً على أن إطالة أمد التفاوض ستخفف من الشروط الفلسطينية، وخصوصاً بشأن أعداد الأسرى وشخصياتهم ونوعية الأحكام التي يواجهونها.

“إسرائيل” كانت تصرّ على عدم الالتزام بمبدأ التزامن في إطلاق السراح، وفي اختيار من تشاء من الأسرى لإطلاقهم وهو ما كانت ترفضه “حماس” التي تمسكت بالإفراج عن عدد كبير من أصحاب المحكوميات الطويلة.

وبإتمام الصفقة كشفت “وفاء الأحرار” عن وهمية الردع “الإسرائيلي”، وبينت أكاذيبه فيما يتعلق بأسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”.

وتمكنت المقاومة الفلسطينية رغم سنوات الصبر والحوار والمثابرة، الانتصار على الاحتلال وكسر لاءاته التي كانت تتعلق بعدم الإفراج عن القدامى والمؤبدات وبعض الأسيرات، وتحقيق شروطها التي تمسكت بها.

بانتظار صفقة مماثلة

وتبقى صفقة التبادل في ذكراها “فاتحة خير” لما هو قادم في ظل احتفاظ “كتائب القسام” بـ4 ضباط وجنود “إسرائيليين” منذ العدوان “الإسرائيلي” على قطاع غزة صيف 2014.

وخلال حرب 2014 الأخيرة على قطاع غزة، أسرت “كتائب القسام” الضباط في لواء “جفعاتي” هدار غولدين، والجندي في لواء “غولاني” أورون شاؤول، إضافة إلى الجنديين إبراهام منغستو، وهشام السيد.

كما لمحت “كتائب القسام” مرارًا إلى صندوق أسود لديها وبشرت الشعب الفلسطيني في عدة مناسبات بقرب النصر للأسرى في سجون الاحتلال دون أن تقدم أي معلومات مجانية بذلك.

وأعلن قياديون في “حماس” مرارًا أن الحركة لن تفتح ملف مفاوضات صفقة تبادل أسرى جديدة إلا بإفراج الاحتلال مسبقًا عن محرري صفقة “وفاء الأحرار” الذين أعاد اعتقالهم من الضفة الغربية والقدس المحتلتين.

وأكدت “القسام” أن حكومة الاحتلال تكذب على “الإسرائيليين” ويضللهم، فيما وضعت على خلفية ناطقها العسكري صورة لأربعة جنود قالت: إنها “لن تقدم معلوماتٍ حولهم دون ثمن”.

وكانت والدة شاؤول كشفت عن قنبلة مدوية، عندما أكدت أن ابنها ما زال حيًا وأن لديها إثباتات على ذلك، بعكس ما تتحدث حكومة الاحتلال “الإسرائيلي”، وكان مصدر بالمقاومة أفاد لوكالة “صفا” بأن شاؤول انهار عند مشاهدة جنازة والده الذي توفي بالسرطان.

Exit mobile version