الصهاينة يبنون مباني وخمارات فوق أراضي 600 مقبرة إسلامية..

منذ عام 2004م والاحتلال الصهيوني يسعي للاستيلاء علي أقدم مقبرة اسلامية في فلسطين من بين 600 اسلامية يحاول تجريفها وهدمها لبناء مستوطنات وخمارات فوقها.

تصدت له الحركة الاسلامية في فلسطين المحتلة (جناح الشيخان رائد صلاح ومحمد الخطيب) ومؤسسة الأقصى التابعة لها حتى عام 2010م، وأوقفت المؤامرة عدة مرات، فقام الاحتلال بقمعهم وسجنهم وحل مؤسسات القدس التي تدفع عن التراث الاسلامي.

الان بعد تطبيع أنظمة عربية مع تل أبيب تسعي سلطات الاحتلال لتحويل المقبرة التي تضم رفات صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم ومجاهدين من كل العصور الاسلامية الي وكر للتطبيع، يسمي “مركز التسامح”!.

يوم 13 أكتوبر الجاري 2021م بدأت أولي مراحل الاستيلاء على المقبرة بعد تجريف أجزاء منها وظهور عظام ورفات الشهداء، بإقامة سلطات الاحتلال الصهيوني حفلا على أجزاء من مقبرة “مأمن الله” الإسلامية في القدس المحتلة، بمناسبة تطبيع دول عربية علاقاتها مع الاحتلال، بحضور إيفانكا ابنة الرئيس الأمريكي السابق، وزوجها جاريد كوشنر.

الحفل أقيم على أنقاض مقبرة “مأمن الله” الإسلامية في القدس، لإطلاق “مركز فريدمان للسلام من خلال القوة”، الذي أقيم بمقر “متحف التسامح” المقام على أرض مقبرة “مأمن الله” بالقدس ويهدف المركز إلى “توسيع نطاق اتفاقيات إبراهيم (التطبيعية)”.

المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ محمد حسين، حذر من عزم مؤسسات “صهيو – أمريكية” استغلال الاحتفال بمناسبة تطبيع علاقات دول عربية مع الاحتلال، فيما أطلق عليه “اتفاقات أبراهام”، للاستيلاء على مقبرة “مأمن الله” بمدينة القدس المحتلة.

وتعمل بلدية الاحتلال الصهيوني منذ فترة طويلة على محاصرة المقبرة وإحاطتها بالمشاريع التهويدية والمسارات والحدائق التلمودية على امتداد السور الشرقي، وبمحاذاة المقبرة، بهدف إخفاء معالم الممرات والمواقع التاريخية الأصيلة المحيطة بالمقبرة.

وتبلغ مساحة المقبرة نحو أربعة دونمات، وهي الامتداد الشمالي لمقبرة اليوسفية البالغة مساحتها نحو 25 دونماً، والتي تعرضت للعديد من انتهاكات أذرع الاحتلال في الآونة الأخيرة، وتعد الطريق الملاصقة لسور القدس الشرقي من أملاك المقبرة التي تمتد من منطقة برج اللقلق شمالاً حتى باب الأسباط جنوباً.

وقبل ذلك جرفت آليات تابعة للسلطات الصهيونية أجزاء من المقبرة اليوسفية الملاصقة للأقصى، من الجهة الشرقية.

وجاء التجريف الصهيوني بالمقبرة، في ظل تحذيرات فلسطينية متكررة من مساعٍ “إسرائيلية” لتهويد مدينة القدس وطمس معالمها العربية والإسلامية والمسيحية عبر مخططات عديدة يقوم بعضها على الحفريات.

عمليات التجريف جاءت بعد أن استجابت المحاكم الصهيونية لطلب بلدية الاحتلال في القدس، باستئناف أعمال التجريف في المقبرة، والسماح بتحويلها إلى حديقة عامة من أجل ضمان منع المسلمين من استحداث قبور جديدة فيها، ضمن مساعي تهويد القدس وتغيير تاريخها وجغرافيتها.

وأقامت “إسرائيل” مشاريع ومدناً وحدائق فوق مقابر الفلسطينيين، فيما جرفت مقابر عدة ضمن مساعي تزوير التاريخ وطمس معالم البلاد، وحتى اليوم لا تزال تسعى إلى تجريف مقابر إضافية في مدن مختلفة وأهمها القدس المحتلة.

ومنذ عام 1948، شرع الاحتلال الصهيوني بمساعٍ لتغيير هوية الأراضي الفلسطينية ومعالمها وتسخير جميع القدرات في خدمة هذا المشروع.

وهدمت “إسرائيل” مئات القرى الفلسطينية، وهجّرت الشعب الفلسطيني من قرى أخرى حتى وصل عدد القرى المُهجرة في فلسطين إلى أكثر من 500 قرية، وفي حين أقامت إسرائيل مدناً وقرى يهودية جديدة على أنقاض القرى الفلسطينية، سعت أيضاً إلى تجريف المقابر وتغيير معالمها وإقامة البنايات فوق جثامين الفلسطينيين والمسلمين فيها، بخاصة في مدن يافا والقدس المحتلة.

هياكل عظمية

خلال الأيام الماضية أثارت صورٌ انتشرت من مقبرة “اليوسفية” الملاصقة للمسجد الأقصى المبارك جدلاً واسعاً، وهي صور لهياكل عظمية وأجزاء من هياكل إنسانية أخرِجت من القبور بفعل حفريات “إسرائيلية” هناك.

وجرفت السلطات الصهيونية قبراً في مقبرة الشهداء داخل مقبرة اليوسفية، حتى ظهرت عظام الشهداء ما أدى إلى تجمهر أهالي القدس في المكان، والذين وُوجهوا بقمع شديد من قبل قوات الأمن الصهيونية التي كانت توفر الحماية للجرافات.

وقال مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، إلى أن مقبرة اليوسفية وامتدادها تعد أحد أهم وأبرز المقابر الإسلامية في مدينة القدس، وتعج برفات عموم أهل المدينة المقدسة وكبار العلماء، إلى جانب مئات الشهداء الذين استشهدوا منذ بداية الفتح العمري.

وفي عام 2014 منع الاحتلال الدفن في جزئها الشمالي وأزال عشرين قبراً تعود إلى جنود أردنيين استشهدوا عام 1967 فيما يعرف بمقبرة الشهداء ونصب الجندي المجهول.

ويقول خبراء وسياسيين فلسطينيين أن منع الدفع في المقابر التاريخية الاسلامية يندرج في إطار مساعي التغيير والمحو والطمس للمعالم العربية والإسلامية في أرض فلسطين، وأنهم يفعلون هذا مع نحو 600 مقبرة موجودة اليوم في حيز السيطرة الصهيونية.

ويكاد لا يوجد مدينة في “إسرائيل” إلا أقيمت فوق جزء من مقبرة أو أثر عربي، مثل مقبرة عبد النبي في يافا التي أقيمت فوق أجزاء منها منطقة الفنادق، ومقبرة سلمة التي أقيمت فوقها قرية كفار شاليم، ومقبرة وادي حنين التي أٌقيمت فوقها بلدة نتتسيونا، ومقبرة المجدل الكبيرة التي هدم مؤخراً جدارها وجرّفت مساحات منها.

ضياع المقبرة اليوسفية التي هي جزء من مأمن الله يعني بشكل أو بآخر طمس معلم مهم جداً من معالم مدينة القدس، فهي تحتوي على قبور شهداء بارزين، وفيها صرح شهداء حرب 1967 كما أنها ملاصقة للمسجد الأقصى المبارك.

تاريخ مقبرة مأمن الله من الفتح الإسلامي

تقع مقبرة ” مأمن الله ” والتي يسميها البعض ” ماملا ” -بمعنى ماء من الله أو بركة من الله – غربي مدينة القدس القديمة وعلى بعد مئات الامتار من باب الخليل، وهي من أكبر المقابر الإسلامية في بيت المقدس وتقدر مساحتها ” بمائتي دونم” أو قرابة 138 ألف متر مربع وهي ضمن أراضي الوقف الإسلامي.

“مأمن الله” أقدم مقابر القدس عهدا وأوسعها حجما، وأكبرها شهرة ولقد ساير تاريخها تاريخ القدس، وفيها دفن عدد كبير من الصحابة والمجاهدين أثناء الفتح الإسلامي (636ب.م).

وعندما احتل الصليبيون القدس وارتكبوا فيها مجزرة بشعة حيث قدر عدد الشهداء في هذه المجزرة من الرجال والنساء والأطفال بـِ(70.000) شهيد، أمر الصليبيون من بقي من المسلمين بدفن الشهداء في مقبرة ” مأمن الله.

وفيها عسكر صلاح الدين يوم جاء ليسترد القدس، وعندما حررها من يد الصليبيين أمر بدفن من استشهدوا في المعارك مع الصليبيين في نفس المقبرة وتوالى الدفن فيها بعدئذ فضمت قبور مئات العلماء والفقهاء والأدباء والأعيان والحكام من المدينة.

وأحيطت المقبرة في أواخر العهد العثماني بسور عام 1318هـ وأستمر المسلمون في دفن موتاهم حتى عام 1927م حيث أصدر المجلس الإسلامي الأعلى حظرا على دفن الموتى فيها بسبب اكتظاظها واقتراب العمران إليها، وقام المجلس الإسلامي الأعلى أيام الانتداب البريطاني على فلسطين بترميمات متكررة لسور المقبرة وغرفة الحارس وتسوية منخفضات وخصوصا تعبئة حفر المحجر بالتراب، والروايات المعتمدة والمؤكدة تفيد أن الدفن في مقبرة مأمن الله استمر حتى نكبة عام 1948 .

في عام 1948 احتلت القوات الصهيونية، الجزء الغربي من القدس، فسقطت من ضمنها مقبرة الشهداء والعلماء والصالحين و “مأمن الله “.

أقرت “إسرائيل” قانونا بموجبه “يعتبر جميع الأراضي الوقفية الإسلامي وما فيها من مقابر وأضرحة ومقامات ومساجد – بعد الحرب – بأراضي تدعى أملاك الغائبين، وأن المسؤول عنها يسمى “حارس أملاك الغائبين” وله الحق التصرف بها.

استثنى القانون أملاك الطوائف الأخرى (غير المسلمين) من هذا القانون، أي حارس أملاك الغائبين يستطيع التصرف فقط بأوقاف المسلمين، رغم ان هذا التسجيل الخاطئ لا يزيل صفتها الوقفية المقررة بموجب الشريعة الإسلامية، وبذلك دخلت مقبرة “مأمن الله ” ضمن أملاك حارس أملاك الغائبين لدى “دائرة أراضي “إسرائيل” “.

منذ ذلك التاريخ أصبحت المؤسسة الصهيونية تقوم بتغيير معالم المقبرة وطمس كل أثر فيها، حتى لم يتبقَ فيها أقل من خمسة بالمئة من القبور التي كانت موجودة فيها، وقدرت المساحة المتبقية منها بحوالي ثمن المساحة الأصلية أي حوالي 19 دونما.

وفي عام 1967 حول الاحتلال جزءا كبيرا من المقبرة الى حديقة عامة، دعيت بحديقة الاستقلال، بعد أن جرفت القبور ونبشت العظام البشرية وقامت بزرع الأشجار والحشائش فيها، وشقت الطرقات في بعض أقسامها، كما بني على قسم آخر واشتهرت الحديقة باستعمالها وكرا لممارسة أعمال الرذيلة خاصة من الشاذين اليهود.

عام 2004 أعلنت الصحف الصهيونية نية الحكومة الصهيونية افتتاح مقر ما يسمى ” مركز الكرامة الإنساني -متحف التسامح في مدينة القدس” على ما تبقى من أرض مقبرة ” مأمن الله ” ومنذ ذلك التاريخ يسعون لتنفيذ مخططهم الذي نجحوا في تنفيذ أجزاء كبيرة منه أخرها الاحتفال بإنشاء مركز للتطبيع فوق المقبرة.

Exit mobile version