هل إيران جادة في العودة إلى مفاوضات فيينا؟

 

وضع انسحاب إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب المتعمّد من الاتّفاق النووي مع إيران، في 8 مايو 2018، وإعلان ترمب إعادة فرض العقوبات الأمريكيّة المتعلّقة بالنشاط النووي هذا الاتّفاق المتعدّد الأطراف على حافة الانهيار.

وفي مقابل تخفيف العقوبات، قيّدت خطّة العمل الشاملة المشتركة برنامج إيران النووي، مختتمةً بالتالي أزمة دامت عقداً من الزمن وكانت عرضةً لتصعيد عسكريّ.

ولم تترد إيران عقب انسحاب أمريكا من الاتّفاق فأعلنت تنشيط برنامجها النووي وإطلاق العنان بالتالي لسباق تسلّح نووي في الشرق الأوسط، من المتوقع أن يتمخّض عنه عواقب وخيمة لا يمكن التنبّؤ بها.

وتوقفت المفاوضات مع إيران، في 20 يونيو الماضي، بطلب من طهران بحجة فترة انتقال السلطة التنفيذية، ورغم انتقال السلطة من الرئيس السابق حسن روحاني إلى الرئيس الجديد إبراهيم رئيسي، منذ قرابة شهرين، فقد مرّ أكثر من ثلاثة أشهر على توقفها، ولم تستأنف إلى الآن.

وظلت الأطراف الأمريكية والأوروبية تكرّر مطالبها لطهران بالعودة السريعة إلى هذه المفاوضات، وسط تحذيرات من أن الوقت بات ينفد، ولن تبقى هذه النافذة مفتوحة إلى الأبد.

الجميع سواء

خلال فترة ترمب، استمرت حرب التصريحات المضادة بين أمريكا وإيران، حتى جاءت إدارة بايدن لتعلن عن رغبتها العودة إلى الاتفاق لكن بشروط جديدة، بينما استمرت إيران في مشروعها النووي ومؤخرًا وبعد وساطات دولية رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، صرح يوم الإثنين الماضي قائلاً: إن انسحاب واشنطن من الاتفاق لم يكن قرار الرئيس السابق دونالد ترمب وحده، بل المؤسسات الأمريكية كلها، والجميع شاهد على أن الإدارة الراهنة أيضاً تواصل نفس السياسات ولو بمفردات مختلفة.

في انتظار الاستنتاجات

وبينما يترقب المجتمع الدولي عودة إيران لمفاوضات فيينا، أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، مساء أمس الثلاثاء، أن بلاده ستنهي في المستقبل القريب استنتاجاتها حول مفاوضات فيينا وتعود لها. 

وأضاف عبداللهيان، في لقائه مع رئيس المجلس الوطني السويسري أندرياس إيبي، في مقر الخارجية الإيرانية، أن إجراءاتنا في المباحثات المقبلة ستتناسب مع مستوى الفعل وإجراءات الأطراف الأخرى.

تحركات مرتقبة

وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده كشف، أول أمس الإثنين، أن الأيام المقبلة ستشهد تحركات أكثر حول الاتفاق النووي ومفاوضات فيينا، من دون أن يتحدث عن طبيعتها أو يقدّم المزيد من التفاصيل.

لن نتأخر

وأكد خطيب زاده، في مؤتمره الصحفي الأسبوعي، أن هذه المباحثات فنية، تهدف إلى تنفيذ الاتفاق النووي بشكل دقيق، وليس مقرراً الاتفاق على نص جديد، مضيفاً أن هذه المفاوضات ستستأنف، وقال: إن بلاده تعكف حالياً على تقييم الجولات السابقة من المفاوضات، وبعد الانتهاء من هذه المراجعة لن نتأخر ساعة في الإعلان عن التاريخ، في إشارة إلى تاريخ العودة إلى المفاوضات.

وكان رئيس المجلس الوطني السويسري، الذي ترعى بلاده المصالح الأمريكية والسعودية والكندية في إيران على ضوء انقطاع علاقات طهران مع هذه الدول، وتعتبر وسيطاً مهماً بين إيران والولايات المتحدة منذ 4 عقود، قد التقى رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، الإثنين الماضي، مجرياً مباحثات حول العلاقات الثنائية والاتفاق النووي وتطورات أفغانستان. 

هل إيران جادة؟

بعد 6 جولات من مفاوضات فيينا بين إيران ومجموعة دول “4+1” لم يتم إحياء الاتفاق النووي، ولم يظهر من الجانب الإيراني الذي طالب بوقف المباحثات لفترة سوى تصريحات بقرب استئنافها.

في الوقت ذاته، تشهد علاقة إيران بالوكالة الدولية للطاقة الذرية شداً وجذباً، تعاوناً وتشدداً، هنا يثار التساؤل عن الإرادة والرغبة الإيرانيتين، ولا سيما أن الظروف السياسية والاقتصادية التي تعايشها البلاد منذ عام 2018 كانت تؤشر إلى رغبة وإلحاح إيرانيين لإعادة الاتفاق وانتظار القرار من الإدارة الأمريكية.

لكن فيما يبدو أن ثمة تحولاً في سلوك طهران تجاه الاتفاق النووي، من إدارة دونالد ترمب صاحب سياسة الضغط الأقصى حتى إدارة جو بايدن المنفتح على إحيائه، حيث تحولت من الصبر الإستراتيجي إلى الضغط الأقصى، فكثيراً ما نقرأ ونسمع تصريحات لمسؤولين في طهران أنها ستعود إلى طاولة المفاوضات في غضون أسابيع قليلة، لكنها تستمر في انتظار تقديم الولايات المتحدة الأمريكية تنازلات.

من الملاحظ كذلك توالي التصريحات الإيرانية التي تؤكد العودة إلى اجتماعات فيينا، لكنها لا تُظهر أي مؤشر إلى أن العودة إلى طاولة المفاوضات تعني العودة إلى مفاوضات حقيقية.

فعلى الرغم من أن نتائج الجولات الست، وفقاً للمشاركين، كانت على وشك النجاح، مع وجود عدد قليل من القضايا الرئيسة التي تنتظر التنازلات للتوصل إلى اتفاق لاستئناف التنفيذ الكامل، فإن إيران هي من طلب التأجيل وتوقف الجولات.

إنهاء الضغوط

يؤكد ذلك دعوة قاليباف إلى إحياء الاتفاق النووي، لكنه أكد أن على أمريكا أن تتخذ الخطوة الأولى وتعود إلى تنفيذ الاتفاق النووي الذي انسحبت منه.

وشدد على أنه يجب طمأنة إيران بإنهاء أمريكا الضغوط القصوى من خلال رفع العقوبات، مضيفاً أن التعهد مقابل التعهد ولا يمكن أن تبقى الاتفاقات على الورق وعلى أساس الاتفاق النووي يجب رفع العقوبات واستفادة إيران من منافع الاتفاق الاقتصادية.

شروط إيران للعودة

يرى بعض المراقبين أن مسار المفاوضات يختلف عن مسار العلاقة بين إيران والوكالة الدولية، فالمسار الأول معقد، فإيران أخبرت “4+1” إضافة للجانب الأمريكي بأنها لن تذهب إلى فيينا ما لم تتحقق شروطها.

ولدى إيران شرطان للعودة هما، أولاً: رفع الحظر عن الودائع الإيرانية المجمدة في بعض الدول مثل كوريا الجنوبية واليابان والهند وغيرها من الدول الأوروبية، وهي ثمن نفط قامت ببيعه إيران لهذه الدول، حيث تقول طهران: إنه ما دام لم يتم رفع الحظر عن هذه الودائع فلن تعود لفيينا.

والشرط الثاني: عدم مناقشة أي موضوع خارج إطار البرنامج النووي الإيراني وخارج إطار آلية رفع العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق ترمب بعد انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني.

 

 

 

 

 

 

___________________

مصادر ذات صلة:

1- إيران ستنهي قريباً مراجعة المفاوضات النووية وتعود لمباحثات فيينا،

2- رئيس البرلمان الإيراني: إحياء الاتفاق النووي رهين بإنهاء واشنطن سياسة الضغوط القصوى،

3- تداعيات انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني،

4- المماطلة بين مفاوضات فيينا والوكالة الدولية.. إلى ماذا تستند إيران؟

5- هل تعود إيران لمفاوضات فيينا بعد سماحها بتشغيل الكاميرات؟

Exit mobile version