التونسيون يسخرون من أرقام ساقها سعيّد عن مظاهرة 3 أكتوبر

 

يتواصل الحديث في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي وسائل الإعلام الأجنبية أيضاً، عن الأرقام التي تحدث عنها الرئيس التونسي قيس سعيّد، إثر استقباله رئيسة الحكومة المكلّفة نجلاء بودن، الإثنين الماضي، قائلاً: إنّ أكثر من مليون و800 ألف تونسي خرجوا في كامل أنحاء الجمهوريّة، الأحد الماضي، للتعبير عن مساندتهم للقرارات الأخيرة.

وردّد سعيّد في تسجيل مصور لاجتماعه مع يوسف بوزاخر، رئيس المجلس الأعلى للقضاء: لقد كان يوماً تاريخياً نزل فيه نحو 1.8 مليون إلى الشارع مهللين، بعضهم رفع شعار “تونس حرة والإسلام على برا”.

دربالة: 1.8 مليون متظاهر رقم خيالي ومزوّر أصدرته بعض الصفحات المساندة لقيس سعيّد

وأثارت تصريحات الرئيس سعيّد بخصوص عدد المتظاهرين جدلاً كبيراً، وسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة وأن الرقم الذي ذكره مجانب للصواب وغير واقعي تم تناوله دون سند لأي مصدر رسمي كوزارة الداخلية ودون العودة للوكالات الدولية التي قدّرت مجموع عدد المتظاهرين في تونس العاصمة وبقية الولايات بما بين 2500 و5000 شخص.

مصادر ذاتية

واستغرب نشطاء من اعتماد سعيّد على تمني أتباعه على “فيسبوك” كمصدر للمعلومات التي يدلي بها في موقعه الرسمي والأسوأ هو تصديقه لهذا الرقم الذي وصفه المتابعون بـ”الخرافي” و”غير المنطقي”.

وكتب الإعلامي عبداللطيف دربالة على صفحته بـ”فيسبوك”: رقم 1.8 مليون متظاهر هو رقم خيالي ومزوّر أصدرته بعض الصفحات المساندة لقيس سعيّد عبر صورة فوتوشوب حرّفت خبراً صدر على موقع “TV5 MONDE” وتضمّن عنواناً يقول: “تونس: استعراض للقوّة لـ5000 من أنصار قيس سعيّد”، وجعلت تلك الصفحات الخبر الزائف يعرض رقم 1.8 مليون! وقد كشفت وفضحت عديد صفحات “فيسبوك” الأخرى زيف وكذب ذلك الخبر وقدّمت الصورة الحقيقية للخبر.

وأضاف: يعكس ذلك بأنّ الرئيس سعيّداً إمّا أنّه يعيش في الأوهام وفي عالم خيالي! وإما أنّه يعتمد في معلوماته على صفحات “فيسبوك” شعبويّة مسوّقة له التي تبثّ الأخبار الزائفة والمبالغ فيها بغرض البروباغندا! أو أنّ الرئيس هو نفسه على علم بخطأ واستحاله تلك الأرقام، لكنّه يقدّمها عمداً وزيفاً لمغالطة الرأي العالم الداخلي والخارج.

القادري: كم من أكاذيب سابقة ولاحقة وقع وسيقع تمريرها على الشعب لتبرير الانقلاب وتزيينه؟

عدد خرافي

وتساءل الإعلامي والمؤرخ عادل القادري قائلاً: ما مصدر العدد الخرافي الذي أورده بكل ثقة في النفس “المسؤول الاستثنائي” الأول عن الدولة بحضور “المسؤولة الثانية” وبمنأى عن الرقم الواقعي الذي تم تضخيمه مائة مرة على الأقل؟ إذ لا يمكن أن يكون تقريراً أمنياً صادراً عن أجهزة الدولة المعنية بمثل هذه الإحصاءات الميدانية.

وأضاف: وإذا كان سقوط المصداقية الرسمية هذه المرة علنياً فاقعاً ومكشوفاً ومفضوحاً، فكم من مغالطات وأكاذيب سابقة ولاحقة وقع وسيقع تمريرها على الشعب لتبرير الانقلاب وتزيينه؟

حذف المبالغة

والناشط السياسي طارق الكحلاوي الأسوأ من نقل رقم واضح أنه غير واقعي أن يتم نشر الفيديو من مصالح الاتصال في الرئاسة دون إبداء ملاحظات أو تثبت (خاصة التثبت في صفحة قناة “TV5 Monde”) كأن ما يقوله الرئيس قرآن منزل، وهناك خشية في الديوان من تصحيح ما يقوله.

وأضاف الكحلاوي: على الرئيس تجنب موضوع الأرقام، سواء كان ذلك عدد المتظاهرين أو خاصة أرقام المال والاقتصاد، والخطأ والتقدير فيها أكثر ضرراً، كما أنه بالمناسبة من المضر للسيدة بودن، كرئيسة قادمة للإدارة، أن تظهر في موضع المتلقي دون رأي.

وعلى خلفية موجة الانتقادات، حذفت رئاسة الجمهورية من صفحتها الرسمية بموقع “فيسبوك” تسجيلات الفيديو عن لقاءي سعيد، الإثنين الماضي، برئيس المجلس الأعلى للقضاء وبالمكلفة بتشكيل الحكومة.

وسائل إعلام أجنبية: بين 2500 و5 آلاف شخص حضروا وقفة أنصار سعيّد

وكانت تقديرات نشرتها وسائل إعلام أجنبية أشارت إلى أن الحضور بين 2500 و5 آلاف شخص لوقفة أنصار سعيّد بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة.

وورد الرقم المزيف عن مليون و800 ألف شخص في صورة مزيفة لمقال بموقع “القناة الفرنسية الخامسة”، وروّج هذا المقال النائب عن حركة الشعب بدر الدين قمودي.

الحقيقة والتزييف

فقد كشف موقع “trustnews” لمحاربة الأخبار الزائفة استخدام بعض المواقع الإعلامية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي صوراً مضللة لتضخيم حجم الوقفة التي نظمها أنصار قيس سعيد يوم الأحد الماضي أمام المسرح البلدي بتونس العاصمة.

حيث عمدت صفحة “Tunisia political” على “فيسبوك” نشر صورة قيل: إنها من مظاهرات 3 أكتوبر الجاري المساندة لقرارات الرئيس قيس سعيد، وبفحص الصورة من قبل فريق “تراست نيوز” عبر موقع “جوجل للصور”، تبين أن الصور تعود ليوم 14 يناير 2011م عندما تجمّع آلاف التونسيين أمام وزارة الداخلية بالعاصمة، احتجاجاً على نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.

الصور تعود لتجمع يوم 14 يناير 2011 أمام وزارة الداخلية احتجاجاً على نظام بن علي

كما نشر موقع “Kapitalis” صورة نسبت لوقفة 3 أكتوبر 2021 معلقة “تونس تطوي نهائياً صفحة الإخوان المسلمين”، ولاقى المنشور رواجاً كبيراً، لكن فحص الصورة من قبل منصة مكافحة الأخبار الزائفة أظهر أنّها صورة نشرت يوم 16 فبراير 2013، وتعود لمظاهرة نظمتها حركة النهضة للدفاع عن شرعيتها الانتخابية آنذاك ورفض تعيين حكومة تكنوقراط بعد اغتيال شكري بلعيد.

Exit mobile version