تونس.. ما سر التناقض بين بيانات الرئاسة والأطراف الدولية بعد اتصالاتهم بخصوص الانقلاب؟

في اليومين الماضيين أصدرت الرئاسة الفرنسية بيانا تحدثت فيه عن حث الرئيس ماكرون للرئيس التونسي قيس سعيّد على فتح حوار مع كل الأطراف السياسية في البلاد، وذكر البيان أن الرئيس سعيّد وعد بذلك بعد تشكيل الحكومة برئاسة نجلاء بودن وهي جامعية من النظام الذي ثار عليه التونسيون في 17 ديسمبر 2010، وتوّج ذلك الحراك بفرار بن علي.

لكن الرئاسة التونسية وفي بيان مواز لم تذكر مسألة الحوار مع المعارضة، وهي حالة تكررت مع الوفود الأمريكية وغيرها التي تحدثت عن زحزحة موقف الانقلاب ووعوده بالعودة للمسار الديمقراطي، لكن ذلك لم يحدث، بما في ذلك حديث ماكرون السابق عن خارطة طريق سيعلنها قيس سعيّد ومرة أخرى لم يحدث أي شئ من ذلك.

وتساءل مراقبون عمّا إذا كان أحد الأطراف لا يقول الحقيقة، أم أن ذلك جزء من إنجاح الانقلاب وترك المعارضة في انتظار نتائج الضغط الدولي، مؤكدين على أن الموقف الدولي الحقيقي، تصنعه الأحداث في الميدان، ولا يأتي هبة من أحد، كما هي حقيقة السياسة. لا سيما أن فرنسا تؤيد الانقلاب وهناك معطيات برلمانية تؤكد أنها المهندس الأول للانقلاب.

مسعودي: لو كان الموقف الدولي جاداً لانتهى أمر الانقلاب، نحن نعيش يوليو أسود ثالث

 

أين الحقيقة؟

وقال المحلل السياسي عبد الرحمن مسعودي في تعليق على صفحته على “فيسبوك”: “هناك طرف يكذب وطرف يقول الحقيقة أو أن الإثنين متفقين على صياغة ازدواجية حسب الجمهور الموجه إليه الخطاب، أو أنهم متفقين على التناقض لربح الوقت وجعل شعبنا معلقاً بالكذب حتى تتم الطبخة كما أعدت”.

وتابع: “الموقف الدولي تصنعه الأحداث في البلد المعني، ما أحرانا بذلك التوجيه السياسي النبيل لعلي عزت بيغوفيتش عندما سئل عن الموقف الدولي فأجاب بمثل شعبي سليل دورة العز، ليس لك سوى سيفك وحصانك”.

وختم قائلا: “لو كان الموقف الدولي جاداً لانتهى أمر الانقلاب، نحن نعيش يوليو أسود ثالث”.

موقف دولي جاد

واعتبر النائب سيد الفرجاني من حركة النهضة الموقف الدولي جادا، مستشهدا في تدوينة له على صفحته على “فيسبوك”  بترجمة الدول الكبرى لبياناتها إلى العربية ليقف الشعب التونسي على حقيقة الأمر بعد عمد الرئاسة التونسية لاستبلاه الشعب بخصوص المواقف الدولية والاتصالات الهاتفية التي تجريها مع الرئيس قيس سعيّد.

وتساءل: “لماذا كل الدول أصبحت تقوم بترجمة بياناتها وغالبا ما تكون مختلفة عما تنشره إدارة قرطاج (يعني الرئاسة) حيث تغيّر في المضمون، وهناك من يصفه بتغيير الحقيقة”.

وتابع: “واذا أضفنا نص القسم والحنث فيه فتصبح هناك مشكلة مصداقية.. الانقلاب جريمة ضد الوطن والمغتصب يجب أن لا يتمكن من فرض شيء خصوصاً الانتخابات المبكرة..”.

وحول الحوار مع قيس سعيّد، قال الفرجاني: على القوى الداعمة للانقلاب إعطاء الضمانات الكافية لصالح الديمقراطية والدستور كعربون حسن قبل الدخول للحوار”.

بين ماكرون وسعيّد.

الفرجاني: على القوى الداعمة للانقلاب إعطاء الضمانات الكافية لصالح الديمقراطية والدستور

 

وكان الرئيس الفرنسي ماكرون قد أعلن عن “تمسّكه بإقامة حوار تشارك فيه مختلف مكونات الشعب التونسي حول الإصلاحات المؤسسية المتوخة”.

ونقل بيان الرئاسة الفرنسية المشار إليه آنفا  أنّ “قيس سعيد أشار إلى أن “الحكومة ستتشكل في الأيام المقبلة وأنه سيتم إطلاق حوار وطني في أعقاب ذلك. وكرّر تمسكه بسيادة القانون”، حسب البيان.

جدير بالذكر أنّ الرئاسة التونسية لم تتطرق، في بيانها يوم الأحد إلى فحوى المكالمة التي جمعت سعيد بماكرون، وإلى المعلومات الواردة في بيان الرئاسة الفرنسية.

ويتواتر في بيانات الرئاسة التونسية حجب تصريحات المسؤولين الأجانب في لقاءاتهم واتصالاتهم بسعيد، خاصة فيما يتعلق بموقفهم من الإجراءات التي أقدم عليها منذ 25 يوليو الماضي، تاريخ إقالة رئيس الحكومة وتعطيل عمل البرلمان، وإقالة عدد من الوزراء، وفرض قيود على حرية الأشخاص في التنقل والسفر.

سردية الرئاسة التونسية

وقالت الرئاسة التونسية: إن المكالمة بين قيس سعيّد وإيمانويل ماكرون تطرقت إلى التحضيرات الجارية لتنظيم قمة الفرنكوفونية بتونس.

وأنّ سعيّد عبّر عن أسفه لقرار التخفيض في عدد التأشيرات الممنوحة للتونسيين الراغبين في التنقل إلى فرنسا. وقد أفاد الرئيس ماكرون، بأن هذا الإجراء قابل للمراجعة، حسب البلاغ.

وتابع البلاغ: “شدّد رئيس الجمهورية على أنه لا يمكن معالجة مسألة الهجرة غير النظامية إلا بناء على تصوّر جديد، مؤكّدا أنه سيتم الانكباب على البحث على حل لهذه الظاهرة بعد تشكيل الحكومة التونسية الجديدة”.

ولم يشر البلاغ إلى أنّ المحادثة تناولت الأزمة السياسية الحالية في تونس، وذكر أنّ المكالمة تناولت عددا من القضايا المتعلقة بالتعاون بين تونس وفرنسا، وتم تأكيد دعم فرنسا لتونس في المجال الصحي وفي مجالات التعاون التقليدية الأخرى.

Exit mobile version