ماكرون والجزائر.. سجال الذاكرة وبوادر أزمة دبلوماسية

 

أعربت الجزائر، أمس السبت، عن رفضها القاطع للتدخل غير المقبول في شؤونها الداخلية، عقب التصريحات غير المفندة التي نسبتها العديد من المصادر الفرنسية لرئيس الجمهورية الفرنسية، حسب بيان لرئاسة الجمهورية.

ومنذ فترة، تشهد العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الجزائر وباريس توتراً وفتوراً رافقهما نزيف اقتصادي لدى شركات فرنسية غادرت البلاد ولم تجدد السلطات الجزائرية عقودها.

غير مفندة

وأوضح البيان أنه عقب التصريحات غير المفندة التي نسبتها العديد من المصادر الفرنسية لرئيس الجمهورية الفرنسية، تعرب الجزائر عن رفضها القاطع للتدخل غير المقبول في شؤونها الداخلية مثلما ورد في هذه التصريحات.

اعتداء غير مقبول

وأضاف البيان أن هذه التصريحات تحمل في طياتها اعتداء غير مقبول لذاكرة 5630000 شهيد الذين ضحوا بالنفس والنفيس في مقاومتهم البطولية ضد الغزو الاستعماري الفرنسي وكذا في حرب التحرير الوطني المباركة، مبرزاً أن جرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر لا تعد ولا تحصى وتستجيب لتعريفات الإبادة الجماعية ضد الإنسانية، فهذه الجرائم التي لا تسقط بالتقادم يجب ألا تكون محل تلاعب بالوقائع وتأويلات تخفف من بشاعتها.

مكابرة وقفز فوق التاريخ

واعتبرت رئاسة الجمهورية أن نزعة أصحاب الحنين للجزائر الفرنسية والأوساط التي تعترف بصعوبة بالاستقلال الكامل الذي حققه الجزائريون بنضال كبير، يتم التعبير عنها من خلال محاولات غير مجدية لإخفاء فظائع ومجازر ومحارق وتدمير قرى بالمئات من شاكلة واقعة “أورادور-سور-غلان”، والقضاء على قبائل من المقاومين، وهي عمليات إبادة جماعية متسلسلة لن تنجح المناورات المفاهيمية والاختصارات السياسية في إخفائها.

ما علاقة تركيا بالأزمة؟

أشار ماكرون، في تصريحاته، إلى الماضي التاريخي لفرنسا في الجزائر، لافتاً إلى أنه يرغب في إعادة كتابة التاريخ الجزائري باللغتين العربية والأمازيغية؛ لكشف تزييف الحقائق الذي قام به الأتراك الذين يعيدون كتابة التاريخ، حسب تصريحاته.

وادعى ماكرون أنه كان هناك استعمار قبل الاستعمار الفرنسي للجزائر، في إشارة لفترة التواجد العثماني بين عامي 1514 و1830م.

وقال مواصلاً مزاعمه: أنا مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماماً الدور الذي مارسته في الجزائر، والهيمنة التي مارستها، وشرح أن الفرنسيين هم المستعمرون الوحيدون، وهو أمر يصدقه الجزائريون.

ويتفق المؤرخون والمراجع في الجزائر على أن التواجد العثماني في البلاد كان عبارة عن حماية طلبها السكان ضد الاحتلال الإيطالي والإسباني في عدة مدن ساحلية.

رد الفعل الجزائري

إزاء هذه التصريحات التي نسبت لماكرون، قرر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون استدعاء سفير الجزائر لدى الجمهورية الفرنسية على الفور للتشاور، وهذه المرة الثانية التي تستدعي الجزائر سفيرها لدى باريس منذ مايو 2020 عندما استدعت سفيرها صلاح البديوي “فوراً” بعد بثّ وثائقي حول الحراك المناهض للنظام في الجزائر على قناة “فرانس 5” والقناة البرلمانية.

كما قررت الجزائر إغلاق المجال الجوي الجزائري أمام جميع الطائرات العسكرية الفرنسية المتجهة إلى منطقة الساحل في إطار عملية “برخان”.

جدير بالذكر أن عبور الطائرات العسكرية الفرنسية إلى منطقة الساحل عبر الأجواء الجزائرية امتياز ممنوح لفرنسا منذ فترة حكم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وظل ساري المفعول لمدة 4 سنوات.

تداعيات وشيكة للأزمة

يرى عدد من المراقبين أن رد الفعل الجزائري على تصريحات ماكرون سيؤثر بشدة على العمليات العسكرية الفرنسية، ويصحح خطأ إستراتيجياً للرئيس السابق، كما سيؤدي إلى تباطؤ التعاون العسكري الفرنسي الجزائري في الأسابيع القليلة المقبلة.

 

 

 

 

 

 

___________________

مصادر ذات صلة:

1- بعد تصريحات ماكرون.. الجزائر تستدعي سفيرها لدى باريس للتشاور،

2- ماكرون: تبون عالق داخل نظام عسكري سياسي صعب في الجزائر،

3- الجزائر: تصريحات ماكرون مساس غير مقبول بذاكرة أكثر من 5 ملايين شهيد،

4- الجزائر تستدعي سفيرها في باريس احتجاجاً على تصريحات وصفتها “بغير المسؤولة” لماكرون، https://bbc.in/3ouLNOj

Exit mobile version