تونس.. مظاهرات الشارع تحفز القضاة على رفض الاجراءات غير القانونية لقيس سعيّد

أعلن قضاة الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين عن رفضهم لقرار الرئيس قيس سعيّد إغلاق الهيئة ، معتبرين القرار غير قانوني وغير دستوري و بالتالي غير شرعي، ولا يساوي قيمة الحبر الذي كتب به .

وكان حرق الدستور من قبل بعض أنصار الرئيس قيس سهيّد قد ألهب مشاعر من شاركوا في ثورة 17 ديسمبر / 14 يناير والذين يعتبرون الدستور دستور ثورتهم، بل أن كل تيار سياسي في تونس يعتبر الدستور دستوره من وجهة نظره بما في ذلك الاسلاميين و اليساريين .

وقال سامي الجربي عضو الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، (وهو حاصل على دكتوراه دولة في القانون الخاص، ومبرز في القانون الخاص، ومحام لدى التعقيب وأستاذ تعليم عال متميز ) أنّ الهيئة باقية ولن تنتهي إلا بإرساء المحكمة الدستورية” وبالتالي “لن تقفل أبواب هيئتنا”.

جاء هذا الموقف بعد سلسلة الوقفات الاحتجاجية التي نظمها المجتمع السياسي و المجتمع المدني في تونس، وهوما برهن على أن الوقفات متعددة الروافد السياسية و الآيديولوجية التي يكتب لها النجاح في مقارعة الاستبداد و الديكتاتورية، خلاف الاحتجاجات ذات اللون الواحد التي يمكن قمعها بأقصى الطرق وحشية تحت لافتات شتى ، وهو الدرس الذي يمكن أن يتعلمه الأحرار من تجربة مقارعة الاستبداد و الديكتاتورية .

كما جاء هذا الموقف بعد أيام قرار قيس سعيد ( يوم 22 سبتمبر)  إلغاء الهيئة.

 تزايد الاحتجاجات الشعبية

وللمرة الثانية على التوالي شهدت العاصمة التونسية يوم الأحد إلى جانب عدد من المدن الأخرى مثل صفاقس وتطاوين احتجاجات عارمة طالبت قيس سعيّد بالرحيل باللغتين العربية  ( ارحل ) و الفرنسية (   DEGAGE )  حيث شهدت العاصمة يوم الأحد 26 سبتمبر 2021 م  أمواج من المحتجين من كل الحساسيات السياسية وسط إجراءات أمنية مشددة وذلك تنديدا بالإجراءات الرئاسية ليوم 25 يوليو ، والتوسع فيها يوم 22 سبتمبر.

وطالب المحتجون بضرورة احترام دستور 2014  م وعدم المساس به. . ورفعوا شعارات مناهضة للرئيس قيس سعيّد وأخرى منددة بما اعتبروه انقلابا على دستور 2014 م فضلا عن مطالبتهم بعزل رئيس الجمهورية من منصبه.

وردد المحتجون شعارات تطالب بإسقاط الانقلاب مثل “بالروح بالدم نفديك يا دستور” و”ارحل” و”دستور حرية كرامة وطنية” و”الشعب يريد ماذا تريد؟” و “يا قيس يا غدّار يا عميل الاستعمار”. حسب الشعارات المرفوعة.

وشهدت العاصمة تشديدات أمنية واسعة، وفرضت قوات الأمن إجراءات تفتيش ومراقبة لكل الطرق المؤدية إلى الشارع الرئيسي مع وضع حواجز حديدية للفصل بين الوقفة المناهضة لقيس سعيد، وبين مجموعات من أنصاره حضروا للهتاف تأييدا له مقابل الوقفة المعارضة.

وأزالت قوات الأمن بعض الحواجز لتوسيع فضاء الوقفة المعارضة لقيس سعيد بعد أن تزايد عدد المحتجين.

وتداولت حسابات مواقع التواصل الاجتماعي ما قالت إنّه تضييق على الوافدين على العاصمة للمشارك في الوقفة المناهضة لـ”الانقلاب على الدستور”، عبر تعطيل مرور وسائل النقل التي تقلّهم على الطريق السريعة في مدخل العاصمة الجنوبي بجهة مرناق.

الدستور الوجاء

وقال عضو هيئة مراقبة مشاريع القوانين سامي الجربي في تدوين على حسابه بموقع فيسبوك “هذا ما أراده الشعب، وكتبه في الدستور، بعد أن طلَت ثورته جدران القمع بطلاء الحرية. . باقون نحن بمنطق القانون وبمنطق الدستور.. ذلك الدستور المعجب.. الدستور الوِجاء.. الدستور المناعة.. الدستور اللقاح ضد جائحة الانقلاب 19، وحركة الثاني والنصف من يوليو الحرام”.

وقال “من أراد أن يلِغ في ثقافة ما قبل العشرية الماضية وأن يدهس حقوقنا ومكتسباتنا، فشعار الشعب واضح.. متى استعبدتم التونسيين وقد ولدهم دستورهم أحرارا”؟. وتابع ” إلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين: قرارٌ من فاقدٍ للأهلية وللشرعية والمشروعية.. كم هي كثيرة الإرهاصات التي بعث بها المنقلب، وكانت تدعو الهيئة إلى الاصداع بمواقف تضيق بها أحكام اختصاصها وتتسع لها رسالتها والغاية التي أحدثت لأجلها.

ووصف قرارات سعيّد بأنها ” مواقف “تفسيرية ذاتية” شبيهة بالهرمنيطيقة، تتنزل من علٍ كجلمود قانوني حطه صاحبه من علٍ فهشم به المنهج التقليدي الاستنباطي وانحرف عن القياس القانوني.. تعامل بحقل اصطلاحي لا يتقنه إلا متسكع بين البهارج اللفظية بعد أن فقد أدنى درجات الاحترام، بمجاز يستقي صورا من الحذاء لينتعل الدستور تارة ولتضيق به أضلاعه، إذ يؤكد مرارا أنه وضع على مقاس من انتخبهم التونسيون بعد الثورة، والحال أنه حرر بشجرة خضراء من أقلام تونس الخضراء، وبمداد بحرها ودم أبنائها.

ويتمادى المشهد الألسني في الازدراء بمفردات بيطرية،  والكلام للقاضي، تربّع عليها حمار كالش، التهم الدستور، وسرعان ما التقم مؤسساته الواحدة تلو الأخرى ليلغي تلك التي تراقب دستورية مشاريع القوانين.

وأردف، صنيع بشّر به عدم الإذعان لقرارات الهيئة، وارتقى لوصف إجرامي كشأن دخول محل البطاطا بالخلع بقضيب حديدي ( راشكلو )، وانتهى كامرأة أبي لهب، يحمل الحطب لأتباعه فيلقون فيه الدستور، الرمز المجيد للربيع العربي.

وأضاف، قديما فعلها البعض بسنمّار، وهكذا تتمادى سنة التعالي لتنال من دستور الشعب، بافتراض إرادة شعبية وهمية موازية تنتصب فوضويا شارفت على الهذيان: إرادة التهليل والمنبهات الجماعية التي ألفناها في حفلات الزفاف الشعبية وخاصة في مواكب الختان. .ولعله بشارة بالاحتفال.. بختان الفكر الانقلابي.

وقال ، الذين ألغى الانقلابي هيئتهم بنص استثنائي، عينتهم مؤسسات الدولة ، ففيهم أسمى القضاة وفيهم أساتذة جامعيون بالدقة العلمية للدرجة.. و كم كنا نأمل أن يرتقي المنقلب إليها .

وختم تدوينه “لن تنتهي إلا بإرساء المحكمة الدستورية.. هذا ما أراده الشعب، وكتبه في الدستور، بعد أن طلَت ثورته جدران القمع بطلاء الحرية..

ما بعد سعيّد

وقال الاعلامي والمدوّن زياد الهاني في تدوين له على فيسبوك “علينا أن نفكر الآن في صياغة مرحلة ما بعد قيس سعيّد، لبناء دولة مدنية ديمقراطية تقوم على مؤسسات دستورية صلبة وتحكمها سلطة القانون، إذ أن الدستور الحالي مثل مكسبا عند إقراره، لكن تجربة السنوات العجاف أكدت حتمية مراجعته ليكون حاميا لقوة الدولة ومناعتها، وحافظا للحرّيات مجسّدا للإرادة الشعبية في الكرامة والتقدم، على حد تعبيره.

حرق الدستور

وكان عدد من أنصار قيس سعيّد قد تجمعوا يوم السبت 25 سبتمبر ( 34 فردا )  وقاموا بحرق نسخ من الدستور التونسي وسط شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة، وهو ما أثار جدلا واسعا، حيث اعتبر سياسيون ونشطاء أن هذه الخطوة بداية لإدخال البلاد في مربع الفوضى، فيما طالب آخرون بتتبع الفوضويين وملاحقتهم قضائيا.

وقال أمين عام حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي في تدوين على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك” إن أنصار الرئيس يحرقون دستور البلاد بعد الانقلاب عليه في أول خطوة لإدخال البلاد في حالة فوضى عارمة”.

ودوّن رئيس الجمهورية السابق، منصف المرزوقي: “من سالف الزمان وفي كل الحضارات، من محاكم التفتيش في العصور الوسطى إلى أوروبا النازية، حرق الكتب هو إنذار بأن الهمج عادوا للواجهة بعد طول الاختفاء”.

بدوره، اعتبر النائب بمجلس نواب الشعب عياشي زمّال أن “عملية حرق الدستور من قبل بعض أنصار الرئيس قيس سعيد جريمة أقل ما يُقال عليها “جريمة جهل”، معربا عن استحسانه اذن النيابة العمومية بفتح تحقيق في الحادثة.

وكانت النيابة العمومية وفي تصعيد ضد الرئيس قيس سعيّد وقراراته التي طالت القضاء ومؤسساته قد اعتقلت بعض ممن أحرقوا الدستور وفتحت تحقيقا في الغرض .

وقال زمّال في تدوين على صفحته  فيسبوك إن “الدستور مثل في مرحلة أولى ثم البرلمان في مرحلة ثانية جوهر الحركة الوطنية التونسية منذ 100 سنة وكانت المُطالبة بدستور تعني سيادة الشعب”.

وعلّق أمين عام الحزب الجمهوري، عصام الشابي، على صفحته في فيسبوك، قائلا “أن أعطى رئيس الجمهورية إشارة الانطلاق للخروج عن الدستور والانقلاب عليه، الفاشيون الجدد يحرقون أمام المسرح البلدي نسخة دستور ثورة الحرية والكرامة الذي ارتقى بهم من وضعية العبيد إلى رتبة المواطن.” بحسب قوله.

Exit mobile version