الغنوشي: رفضنا إجراءات الرئيس واعتبرناها انقلاباً كامل الأركان ضد الديمقراطية والثورة

انتقد رئيس مجلس نواب الشعب التونسي ورئيس حركة النهضة التونسية قرارات الرئيس التونسي قيس سعّيد وقال الغنوشي في حوار له مع وكالة AFP الفرنسية مساء الخميس:

ما فعله الرئيس قيس سعيد ليس خطوة إلى الوراء بل إلى وراء الوراء، وعودة إلى الحكم الفردي المطلق الذي قامت الثورة ضده.

نحن رفضنا إجراءات الرئيس واعتبرناها انقلاباً كامل الأركان ضد الديمقراطية والثورة وإرادة الشعب وألغت أهم مؤسسات الديمقراطية مثل البرلمان وحلت الحكومة وحلت هيئة مراقبة دستورية القوانين ووضعت يدها على القضاء وعلى الهيئة الوطنية لمقاومة الفساد.

نحن دعونا شعبنا للانخراط في كل عمل سلمي يقاوم الدكتاتورية ويعود بتونس إلى مسارها الديمقراطي.

تونس أخرجت عن سكة الديمقراطية ونحن نريد أن نعيد قطار تونس على سكته، وسنتعاون مع كل القوى المناضلة ضد الدكتاتورية في كل عمل نضالي سلمي لاستعادة الديمقراطية.

الشعب التونسي هو من صنع دستور الحرية والديمقراطية سنة 2014م.. صنعته كل القوى الديمقراطية وصوت عليه أكثر من 90%من ممثلي الشعب التونسي، إسلاميين وغير إسلاميين، ونحن متمسكون به وسنناضل مع كل المؤمنين به من أجل عودة العمل به.

الدستور التونسي دستور عظيم وهو عمل بشري ويمكن تطويره أو تعديله من داخل آلياته وليس من خارجه، نحتاج إلى برلمان وحوار وطني للاتفاق حول الجوانب التي تحتاج إلى تطوير في الدستور وليس بإرادة فردية.

الرئيس الآن شطب على أكثر من مائة فصل من الدستور وكأن تونس ليس فيها شعب، وكل ما في الدستور من تنظيم للسلطات وتوزيعها إلى سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية، كل ذلك قام الرئيس بإزاحته وأبقى سلطته هو فقط.

الأزمة التي تمر بها تونس لا تبرر الانقلاب على الديمقراطية بل تدعو للحوار الوطني والإصلاح.

الوضع قبل 25 يوليو لم يكن فيه اعتقالات وإقامة جبرية ومنع من السفر

بعد 25 يوليو تم المس بالحريات الفردية التي هي أساس الدستور وأصبح المواطن لا يدري ما يُفعل به.

النهضة لم تكن في الحكم ولكن كانت تدعم الحكومة رغم مؤاخذاتنا عليها ورغم أننا لم يكن لنا فيها أي وزير.

قبل 25 يوليو كنا نطالب بالحوار واتصلتُ بالرئيس وكتبتُ له أدعوه لحوار وطني وحوار بيني وبينه ولكنه رفض كل الدعوات بما فيها الحوار الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل، لأن لديه تصورا يريد أن يفرضه وهو ما حصل يوم 25 يوليو عبر الإجراءات الاستثنائية التي همّش بها الدستور.

لم يبق من مجال اليوم إلا النضال السلمي مع الأحزاب الأخرى والمجتمع المدني من أجل استعادة الدستور والديمقراطية، وأنا متأكد، مثلما أراك الآن أمامي، أن الشعب سيستعيد ديمقراطيته ونأمل أن يكون ذلك بأخف التضحيات وفي أسرع الأوقات.

نتوقع من العالم، باعتبار أن تونس عضو في نادي الديمقراطية العالمية، أن يقف مع الشعب التونسي في نضاله من أجل استعادة الديمقراطية.

كنا نأمل أن يتراجع الرئيس عن إجراءاته الاستثنائية ولكنه مضى ليس إلى الأمام بل إلى وراء الوراء وعاد إلى ما قبل الثورة، ولم يترك للشعب إلا أن يناضل بكل وسائل النضال السلمي لاستعادة دستوره وديمقراطيته وحريته.

النهضة حزب كبير ودائما كانت فيه اختلافات في وجهات النظر، وكانت دائما تحل عبر العودة إلى المؤسسات الديمقراطية مثل مجلس الشورى والمؤتمر، ونحن ذاهبون إلى مؤتمر قريب لمناقشة اختلافاتنا تلك.

الجانب الإيجابي في قرارات الرئيس هو أنه سيوحد النهضة والأحزاب الأخرى وسيوحد النهضة في داخلها أيضا لأن الجميع أصبحوا يشعرون بالخطر على الديمقراطية.

سيجتمع مجلس الشورى يوم السبت القادم للنظر في الأوضاع الجديدة وتحديد تاريخ المؤتمر وآخر الاستعدادات له.

في هذه اللحظة، الحديث عن شعب واحد هذا أمر خيالي، اليوم هنالك من هو مع الرئيس وهناك من هو ضده، ويمكن لشخص أن تكون اليوم شعبيته عالية ثم تنخفض بحسب ادائه وأداء الرئيس اليوم ليس جيداً والدليل على ذلك تستطيع أن تراه في بيانات الأحزاب بما فيها الأحزاب التي كانت معارضة للنهضة معارضة شديدة.

يوم 25 يوليو كنا تقريبا وحدنا الذين نعارض الرئيس وسمينا ما فعله بأنه انقلاب، بينما اليوم حزب واحد فقط بقي مع الرئيس (حركة الشعب) والبقية أصدرت بيانات ضد الانقلاب وتوحدت فيما بينها في جبهات ديمقراطية، وبعضها بات يعتبر أن الخطر الداهم هو الرئيس نفسه، إذن فالسير اليوم ليس في اتجاه قرطاج بل في اتجاه المعارضة.

عندما نجلس على طاولة الحوار، النهضة مستعدة لكل ما فيه مصلحة للديمقراطية.

هنالك أطراف خارجية معروفة ومتحالفة مع الصهاينة ومعادية للخيار الديمقراطي في تونس وترى فيه خطراً عليها.

والرئيس عبر عن قناعاته قبل أن يصل إلى السلطة: تصوره للحكم الجماهيري.. رفضه للديمقراطية التمثيلية.. رفضه للأحزاب والبرلمانات..

من حقه أن تكون له خياراته ولكن ليس من حقه أن يفرضها بالأدوات الصلبة لأن الدولة لا تتحمل هذا.

Exit mobile version