قيس سعيّد يتجه لتعليق الدستور.. والمعارضة تؤكد أنه اختار المواجهة

 

أحدث خطاب الرئيس قيس سعيّد الذي وصف بأنه غير دبلوماسي وغير سياسي، بسبب التشنج والتوتر الذي أفصحت عنهما المفردات المستخدمة في خطابه، أحدث حالة تأهب قصوى داخل المجتمع التونسي، ولا سيما حديثه عن “إجراءات انتقالية” قريباً بعد “الإجراءات الاستثنائية” التي أعلن عنها في 25 يوليو الماضي، وهو ما يعني تعليق العمل بالدستور حتى يتمكن من تشكيل حكومة بدون عرضها على البرلمان لنيل الثقة.

ويأتي هذا التأهب وسط أنباء عن منع كاتب عام البرلمان الإداريين من دخول المقر الرئيس والفرعي لمجلس نواب الشعب، الإثنين الماضي، بحسب ما أوردته، أمس الثلاثاء، وسائل الإعلام التونسية مثل إذاعتي “شمس إف إم”، و”موزاييك” الخاصتين وغيرهما.

تعليق العمل بالدستور

وقالت أستاذة القانون الدستوري منى كريم: إن ما صرح به رئيس الجمهورية يشكل تعارضاً من الناحية القانونية؛ لأنه لا يمكن البقاء في إطار الدستور والإعلان في الوقت نفسه عن إجراءات انتقالية الغاية منها الانتقال من حالة إلى حالة أي من دستور إلى دستور.

وأضافت منى كريم، في تصريح لإذاعة “الجوهرة أف أم”، أمس الثلاثاء، أن التضارب في المواقف والأقوال يبعث على الحيرة بشأن مصير البلاد، وهل سيتم الإبقاء على الدستور أم سيتم تعليقه بإعلان أحكام انتقالية.

واعتبرت كريم أن الغموض المتواصل منذ 25 يوليو ليس في مصلحة البلاد، وطالبت الرئيس سعيّداً بالإعلان عن رؤيته الواضحة إما بالبقاء في إطار الدستور والعودة للشرعية أو الخروج عنهما والإعلان عن تنظيم مؤقت للسلطات العمومية، وأن الحفاظ على الاثنين أمر مستحيل.

وقال القيادي في حركة النهضة عبداللطيف المكي: إن رئيس الجمهورية أعلن في خطابه، مساء الإثنين الماضي، بصفة رسمية عن تعليق الدستور والخروج منه.

وأضاف المكي، في تصريح لإذاعة “إكسبراس أف أم”، أنه لا يمكن لأي ديمقراطي أن يقبل بتعليق الدستور، وأن الدساتير الديمقراطية تضع آليات لتغيير القوانين.

واعتبر أن تعليق العمل بالدستور هو استيلاء على كل السلطات باسم الشعب، وهو سلوك غير ديمقراطي والغاية منه غير دستورية.

كما اعتبر أن الخطاب الاتهامي التحريضي الذي قام به رئيس الدولة يمكن أن يؤدي إلى الاصطدام، مشدداً على أن دور رئيس الدولة التهدئة.

لا علاقة له بالثورة

وعلّق الصحفي والمحلل السياسي زياد الهاني على اتهام سعيد في خطابه بسيدي بوزيد، تحركات يوم 14 يناير 2011، بأنها جاءت لإجهاض ثورة 17 ديسمبر 2010: إن يوم 14 يناير 2011 كان يوماً عظيماً في تاريخ تونس وفي سجل نضال التونسيين من أجل الحرية الذين خرجوا ليجسدوا إرادتهم في الحسم مع الاستبداد، ويقولوا بكل شجاعة لنظام الخوف في شخص جهازه المركزي للقمع ولبن علي: ديڨاج (ارحل).

وأضاف الهاني، في تدوين له على صفحته على “فيسبوك”: يومها لم يكن سعيّد معنا، وإذ يرى في ذلك الحشد النضالي الرهيب إجهاضاً للثورة التي ليس له أي علاقة بها، فلأنه في تقديري لم يشارك في تلك اللحظة التاريخية العظيمة، وأتفهم بالتالي حقده عليها.

اعتبر النائب والقيادي في حركة النهضة سمير ديلو أن خطاب رئيس الجمهورية، في سيدي بوزيد، لم يكن واضحاً، متسائلاً عن كيفية عمله على احترام الدستور بعد كل ما أعلنه؟

وأكد ديلو، في تصريح لإذاعة “شمس أف أم”، أنه لا يمكن أن يكون تحت مظلة الدستور وخارجه في الوقت ذاته، وتساءل: كيف سيتم احترام الدستور تحت أحكام انتقالية؟!

وقال ديلو: إن تعميم رئيس الجمهورية للتهم بالجملة ولجميع النواب استفزاز وقهر وغير صحيح، لأن البرلمان فيه نواب شرفاء، كما طالب ديلو من الفريق الرئاسي إعادة النظر في الخطاب شكلاً ومضموناً.

لماذا تعليق الدستور؟

لا يمكن للمراسيم الرئاسية تعديل النظام الانتخابي بدون موافقة البرلمان، ولذلك يكثر الرئيس سعيّد من الحديث عن الفخاخ داخل الدستور، والخطر الداهم الذي يمثله البرلمان، وفي هذا السياق؛ قال المقرر العام للدستور الحبيب خذر: إنّه لا يمكن دستورياً تعديل النظام الانتخابي إلا بقانون صادر عن السلطة التشريعية، وهو مستثنى من مجال المراسيم (الفقرة الأخيرة من الفصل (70)).

وأكّد خذر، في تدوين له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن غير ذلك ليس إلاّ إيغالاً في الانقلاب.

سعيّد اختار المواجهة

وأكد النائب المستقل عياض اللومي أن إقدام الرئيس سعيّد على تجميد الدستور ليس من حقه، أو تعليقه يؤكد أنه اختار المواجهة، وأعلن عن ذلك في خطابه بسيدي بوزيد.

وشدّد اللومي، في تصريح لإذاعة “إكسبراس”، أن سعيّداً يريد المواجهة ويريد أشياء لم ينص عليها الدستور، وأن الرئيس خرق الفصل (72) من الدستور الذي ينص على أن الرئيس رمز وحدة الدولة، مؤكداً أن تونس في خطر، ورئيس الجمهورية فقد كل الشرعية وأصبح خطرا كبيرا، وأن جميع الحلول والتسويات والمبادرات انتهت.

Exit mobile version